في رمضان الماضي 2015 ، ولاول مره من سنوات بعيدة لااذكرها ، لم يأتي ابي - وزوجته - لمنزلي ليشاركني الفطار في عزومه العائله التي اقيمها كل عام ، لم يأتي ابي فقررت الا اقيم العزومه ، وسأقيمها لمن في غيابه ؟؟؟ بناتي وحفيدي معي دائما واختي معي بعض الوقت ، ابنتها وزوجها نادرا ، العزومه كانت بمناسبه وجوده ، وجوده يجمعنا جميعا ويصبح يوم افطار غير تقليدي ، ليس لان الاكل مختلف ، بل لان اليوم مختلفه بوجوده ....
لاول مره من سنوات بعيده ، رفض يأتي واخبرني بوجع في ساقيه والم في ظهره يصعب عليه الحركه ، غضبت ورفضت وابتزيته قدر ماقويت ،وكاد يرضخ وفي النهايه رفض وتشبث بالرفض وانتصر وجع ساقيه وظهره علي اجتماعنا السنوي ، ومر رمضان ماسخا موجعا ، فغياب ابي عن مائده الافطار لاول مره من سنوات طويله مرير وموجع ومخيف ايضا ، نعم اعرف ان كل شيء في يد الله وبارادته ، لكن غيابه اوجعني ، اوجعني واوجع بناتي لان جدو مش موجود ، افقدني بعض حماسي للطبخ في رمضان ، فبعض الاصناف لااطهوها الا في حضور ابي احتفاءا به ، لكنه لم يأتي فاختفت تلك الاصناف من مائدتي وصار الاكل كل يوم شبه بعضه والايام شبه بعضها وحرمنا من اجتماعنا السنوي ومحيت معالم بعض الذكريات وتاه البعض الاخر ....
امس الاول كنت اتحدث معه وهو تعب في منزله ، انه التعب اللعين لظهره والمتشعب لساقيه ثقل ووجع والم ، وبعض الورم في قدميه لان حركته التي كانت دؤوبه لم تعد وخروجه اليوم صار نادرا قليلا ، كنت اتحدث معه عن غداء يوم العيد ، عن الفته التي يحبها ، تعلمت طهيها منه وبطريقته وصرت اعملها له ومن اجله فاحبها البنات والاحفاد والاسرة كلها ، عن الرقاق الذي يشيد بصناعتي له ويؤكد لي انه يحس وكأن الحاجه امه مازالت تمنح اكلي نفسها الجميل ، عن الفخده الضاني التي اطهوها في الفرن بالتوابل والتوم ويحبها ، كنت احدثه عن اليوم والاكل والطهي ، اشحذ ذاكرته بما يبهجه ليتغلب علي المه ويأتي ويجمعنا علي منضده غدا يوم العيد ، كان الديناصور ينهش في روحي لاني اعرف انه سيصدمني ويخبرني بأنه لن يأتي ، كنت ابعد الديناصور الناهش في روحي وانا ابتسم وكأني سعيده واساله مالذي يحب يأكله و... ابتسم متألما حزينا ، ربما متوجعا ، واخبرني انه لن يأتي وان مشواري بعيد وان سلم الدور الاول الذي اسكن فيه عالي وان المشوار من الرصيف حيث ستنزله السياره للسلم بعيد ، وانه تعب ولن يقوي علي الحضور وان زوجته مريضه وانا اعرف بمرضها واشفق عليها مما تعانيه ، مكن ابي الديناصور من رقبتي ولم تعد هلاوس الحزن هي التي توجعني بل صار غيابه عن المائده والغداء ويوم العيد امرا واقعا حقيقيا .... ويمحو المرض والكبر والعجز بممحاة الوجع بقايا ذكرياتي وفرحه بناتي وقيمه اجتماعنا .....
احاول مع ابي لكن وجع ساقيه يخرسني !!!!
اقترح عليه ااتي بالاكل والبنات لمنزله ، لكن الالم المتمكن من جهازه العصبي يجعل همس صخب اصواتنا ضوضاء عالية لايتحملها ولن يتحملها ، يرفض وافهم اسبابه ، اكاد ابكي لكني اتمالك دموعي واصمت ..
ادخل في حضنه واقبض عليه بذراعي بقوة وكأني احتمي به من وجع غيابه ، يربت علي ضهري وكتفي بحنان وكأنه يطمئني ، ابتسم ولا اطمئن ويصمت هو ولايملك امام المه وهرمه حلا .....
وفقد العيد بعض معناه قبلما يأتي ...
نعم هناك حفيدي وانتظاره للعيديه ، والملابس الجديده التي سنشتريها والنقود الجديده التي احضرتها من البنك خصيصا له ولامه وخالته ، كل هذا موجود وباذن الله يظل موجود ، لكن ابي لن يشاركنا الفرحه ولااللحظة ولا اليوم ...
ويصبح الغياب حقيقه وواقع وحياه معاشة ، ويتمدد الوجع في الروح يوخزها ويحتل الليل كوابيس داكنة ويتسلل مني بعض الدموع الشارده في اي وقت وكل وقت ....
و... بحق بحق اسال نفسي ، باي حال عدت ياعيد ؟؟؟؟؟؟
وكان ومازال نفسي قوي يابابا تكون معانا ، ومايحرمناش من وجودك ابدا !!!!
اظنني مكتئبه مما يحدث ، اظنني مكتئبه لكني انكر مشاعري كعادتي واتظاهر بالقوة والبأس ..
لكني الان ، والان بالذات ، اتمني حضنه وفقط لابكي فيه بكاء موجع واهمس ، ربنا يخليك ليا يابابا ....
لكني ايضا لن افعل ...
فبكائي سيوجعه ويضايقه ولن افعل فيه هذا ، وسابتسم وابتسم وكأني لست مكتئبة وكأن مايحدث عادي ولايوجع !!!!
وربنا يخليك يابابا ويطول لنا في عمرك .... يارب ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق