21 يونيو 2008

الذاكره الالوان .... الابيض



في اليوم الاول للسنه الاولي من المدرسة الابتدائية ذهبت بلباس المدرسة الازرق نظيف ومكوي احمل شريطة بيضاء ستان في مؤخرة ضفيرة شعري الطويل مرتدية حذاء ابيض !! والحق انني لم افهم ابدا لماذا ارسلتني امي الي المدرسة بذلك الحذاء الذي اخرج السخرية من حلوق الصغار في يومهم الدراسي الاول مخالفين بذلك كل التعليمات التي كررها علي مسامعهم الاهل بضرورة الادب .. حاولت يومها ان اقنع نفسي بأن الحذاء الابيض دليل تميز لصالحي دونهم لكن كثره السخرية ونظرات التعاطف التي رأيتها في عين مدرسة الفصل ، وهي تحاول جاهدة زجرهم للكف عني ، افهمتني ان بي شيء غلط .. وقد تأكدت من هذا بعد ان اشترت لي امي حذاء اسود في اليوم التاني وذهبت به للمدرسة فضاع التميز وصمتت السخرية .. من يومها وانا لا احب الاحذية البيضاء ! الابيض ،انه لون منديل الراس الشاش الذي كانت تيته نبويه تربط به رأسها وقت رأيتها المرة الاخيرة في عنبر الكلي بالقصر العيني ، يومها كانت شاحبه منهكه ، ترتدي قميص نوم لااتذكر لونه وتعصب رأسها بمنديل رأس ابيض شاش ، تتناثر من تحته بعض الشعيرات البيضاء الرماديه ، يومها كنت ابكي بشده ، وانا اراها مريضه ، واحسها المرة الاخيرة التي سأراها فيها ، ومازلت اتذكر منظر افراد العائله رجالا ونساءا يقفون خارج العنبر في الطورقه الخضراء الزيت حائرين منهكين ، مهددين بفقدان رأس العائله ، مازال منظرهم في ذاكرتي مثيرا للحزن والشجن ، اعود الي تيته التي كانت تنام وقتها علي سرير معدن اخضر من سراير المستشفيات ، خلف برفان معدني يكسوه القماش الابيض وحولها عماتي اذكر منهن عمتي صفيه بعيون دامعه ونظرات زائغه ، يومها ارتميت في حضن تيته التي كانت تحبني كثيرا ، حبا منبثق من حبها لبابا ابنها الاصغر المحبب الي قلبها ، ارتميت في حضنها وانا ابكي بكاءا ساخنا ، ولم اراها مره ثانيه وارتبطت في ذاكرتي رائحه الموت برائحه المستشفيات باضاءتها الخافته المنعكسه علي الحوائط الزيتيه الخضراء برائحه الديتول المميز لعنابر القصر العيني المنديل الشاش الابيض .. فكرهت المستشفيات والحوائط الخضراء والمنديل الابيض ...

06 يونيو 2008

شخصيات حقيقيه .............



كانت شخصيات حقيقيه حيه تتحرك امامنا علي الشاشه تذكرنا بانفسنا كآننا نحدق في المرايات كآنها اشباحنا منعكسه فوق الواح الزجاج كآنها خيالاتنا تحت اشعه الشمس ، شخصيات حقيقيه تذكرنا بانفسنا بها بعض سمرتنا وجزء من ملامحنا ترتدي مثل ثيابنا اجسادها طويله قصيره تخنيه نحيفه هزيله مرهقه منحيه ممشوقه معوجه مثل اجسادنا تعيش في بيوت مثل بيوتنا بيوت ضيقه بلا شمس تطهرها من جراثيم البروده بلا نوافذ تطل علي المناظر الجميل بلا سلالم نظيفه ، شخصيات حقيقيه تنفعل مثلنا وتفرح مثلنا وتبكي بحرقه مثلنا وتتفاعل في الحياه بتلقائيه رهيبه وعفويه رائعه تلمح علي وجوهها ذكاء وخبث وطيبه وشقاوه وحيويه وحزن وفرح واستسلام للقدر العاصف ومقاومه وتحدي بامل فياض ، شخصيات حقيقيه تذكرك باحباءك الغائبين الهاربين من الواقع المرير للاحلام الرحبه تذكرك باعمامك واخواك وشيوخ العائله الجالسين علي المصاطب تحت الشمس في بيوتنا الريفيه يحتسون الشاي بذهن غائب يفكرون في تلال الهم التي تحاصرهم تذكرك بالجيران اللذين عاشوا معك سنوات طويله يقاسموك الخبز وطبق الكحك وفرحه العيد ولوعه الموت وفرحه المجموع العالي لابنك النابه وحزن فسخ خطوبه البنت البكريه هؤلاء الجيران اللذين صاروا جزء من حياتك ثم " عزلوا " فجآ فبقيت ذكرياتهم جزء من ذكريات تبحث عن وجووهم في الشوارع المزدحمه كلما فاض بك الحنين للحنان والصدق الحقيقي والونس الجميل ، شخصيات حقيقه تحسها خرجت من الشارع الصاخب الذي تعرف كل بشره وتحبهم يشبهون البقال الذي تسمع صوت قران الصباح من مذياعه القديم يشبهون الخياطه الطيبه الفقيره التي حاكت ايديها الماهره اجمل اثياب عرس ابنتك الحبيبه يشبهون الرجل الغريب الذي يمد ساقيه ارهاقا علي الرصيف يدعو لك بالستر والصحه وهو لا يعرفك ولا ينتظر منك شيئا يشبهون بائع الفول الذي يقف امام عربته الخشبيه مبتسما متفاءلا بالصباح الجديد يشبهون مسحراتي الليل الذي يوقظ النائمين بصوته الرخيم يشبهون السيده العجوز التي قابلتها تجلس في ظل الشجره الهزيله لا تطلب منك احسانا بل تبتسم لك وكآنها تقبض علي كل كنوز الدنيا تنتظر مرورك امامها كي تمنحك بعضا دعوات صادقه وحب دفين لا تجد من يقاسمه معها وامومه مكبوته معطاءه تكفي كل العاقين وتصلح حالهم يشبهون زملائك في الفصل وصديقاتك اختك في العمل واقارب زوجه ابن عمك في الريف البعيد يشبهون موظفي مجمع التحرير وفتيات مصنع التريكو وعساكر المرور وموظفين المحكمه وسيدات عربه المترو يشبهون المظلومين في اروقه المحاكم يبكون يآسا يشبهون المرضي الفقراء امام باب القصر العيني يشبهون الفتيات الجميلات الضاحكات يسرن في الشوارع كعواصف البهجه وقت الخروج من المدرسه الثانويه يشبهون مشجعي الدرجه الثالثه بمباريات الكوره ، شخصيات حقيقيه تذكرك بالانسان المصري الجميل البسيط الذي تراه في الشارع او في الاتوبيس او علي المكتب المقابل لمكتبك في العمل او خلف شباك احد المصالح الحكوميه او يقف معك في طابور المصعد او يزاحمك لدخول احد المحلات او يرقص في احد الافراح في الشارع او يبكي فوق احد القبور المفتوحه يطلب الرحمه لساكنها الجديد هذا الانسان المصري الذي قست عليه الحياه وقهرته وحاصرته بغلبها لكنه لا يملها ولا يكرهها ولا يفر منها ولا يتوحش في مواجهتها بل يتعايش باصرار وتمسك بالحياه مبتسما ساخرا من واقعه الموجع راضيا بنصيبه القليل تتملكه رغبه رهيبه في المقاومه وعدم الاستسلام لقسوه الحياه التي تهدد امانه وتروعه في كل لحظاتها وتكاد تمحي وجوده الحقيقي وتعصف به وتبعده وتنفيه حتي عن وعينا بوجوده ، شخصيات حقيقيه تحسها مآلوفه لعينك قريبه لقلبك تسرق حبك واهتمامك فتمنحه لها بنفس راضيه تكاد تستوقفها وتتحدث معها تشكي لها همك وتسمع همها تكاد تحتضنها تعاطفا وحبا تكاد تدعوها لمنزلك تآكل معك "عيش وملح " و" لقمه هنيه تكفي ميه " شخصيات لا تغضب من سقوطها وتفهم مبررات ضعفها الانساني وتغفر لها نذالتها وحمقها وقسوتها وتدعو لها بالهدايه وتفرح لفرحها وتحزن لحزنها وتحبها وتحبها !!!!! هذه هي شخصيات عاطف الطيب المخرج الفنان المبدع المتميز الذي عاش كالشهب في حياتنا ثم فارقها في لحظه وجع غادره وتركنا نبكي وبعد سنوات طويله من رحيله علي فراقه نحس قسوته والمه ووجعه وقدر الفقد الذي الم بنا ولحق بحياتنا التي غاب عنها ذلك الفنان المصري الاصيل الجميل الذي احب الوطن وحمل همه وعجن افلامه برائحه شوارعه وضحكات فرحيه ونحيب مهموميه واخرج علي الشاشه مواطنيه الحقيقين فلم يزين الديكورات بالاغتراب المقيت فجاءت اشرطه افلامه تشبه حياتنا وجائت شخصياته تشبهنا فاحببنا افلامه واحببنا فرق العمل التي صنعت تلك الافلام الجميله وكتبتها ومثلتها وصورتها ووضعت موسيقاها وصممت ديكوراتها وسلمت قيادها لمخرج مصري موهوب ترك فوق اشرطته السينمائيه بصماته ولمساته وبعض من روحه ومشاعره الصادقه الحقيقيه وحبه للوطن والناس !!!! عاش عاطف الطيب ومات بعد حياه حافله قصيره غزيره الانتاج الصادق المتميز وترك لنا من خلفه " التخشيبه " و" سواق الاتوبيس " و" البريء " و" ضد الحكومه " و" دماء علي الاسفلت " و" ملف في الاداب " و" الزمار " و" كشف المستور " ، " انذار بالطاعه " و" حب فوق هضبه الهرم " و"ابناء وقتله " و " الهروب " افلام صادقه مؤثره كآنها مشاهد من حياتنا لا نشاهدها ونستمتع بها ونتفاعل معها و" بس " بل نعيشها ونعيش لحظاتها ونتفاعل مع احداثها وابطالها كآنهم جزء من حياتنا !!! واذا كانت " نبيله عبيد " مثلت ادوار سينمائيه متميزه كثيره فآن دورها في "التخشيبه" الطبيبه التي ظلمت وضاعت حياتها افتراءا وكذبا بسبب حظها العثر الذي دفع احد الافاقين للافتراء عليها وعلي شرفها وعلي سمعتها فما كان منها الا التخطيط للانتقام منه للحصول علي اعترافاته ببراءتها فاضاعت بقيه حياتها برضاء تمسكا بنقاء سمعتها وطهر ثوبها فدفعت حياتها ثمنا رخيصا للدفاع عن سمعتها وشرفها الغاليين فان هذا الدور بالنسبه لنبيله عبيد يآتي علي قائمه ادوراها السينمائيه المتميزه لا يضاهيه الا دورها في " كشف المستور " السيده التي خدعت وخدعت .. تاره حين افهموها ان العهر نضالا من اجل الوطن وتاره حين افهموها ان ملفاتها القديمه طويت بكل اسرارها وفظائعها ثم اكتشفت في لحظه قسوه هدمت حياتها واستقرارها وعصفت بامانها ان ماضيها المشين مازال حيا ومازال نصله الحاد فوق رقبتها فقررت البحث عن الماضي والتنقيب في اطلاله استجلابا لامان زائف وطاردت ابطاله تستجديهم الحقيقه وحين عرفتها ماتت مقتوله لانعرف من فيهم الذي قتلها !!! واذا كان فريد شوقي قد جسد علي الشاشه ادوارا عظيمه كثيره فآن دوره في فيلم " ملف في الاداب " الموظف المصري البسيط الطيب الجدع ابو البنات الذي يخرج بهم اول الشهر لوسط البلد يشتري لوازمهم راضيا فرحا لفرحتهم هذا الموظف الذي يمنح حبه لزميلاته وينشغل بمستقبلهن ويسمع شكاويهم ويسعي بجدعنه المصريين لتوفيق رآسين في الحلال فاذ به يقع في فخ شائن وتوجه له اتهامات كاذبه وتشهر بسمعته ويلوث شرفه وشرف بناته ويقف في قفص الاتهام مظلوما مقهورا لا يصدق ما يحدث له وفيه يشعر بالاسي لزميلاته التي نسب اليهن كذبا وافتراءا العهر المشين ويشعر بالاسي لبناته لما لحق بهن بسببه وهو البريء المظلوم المقهور ، يظل هذا الدور من اصدق ادوار فريد شوقي واقربه للقلوب !!! ويآتي دور نور الشريف في فيلم "دماء علي الاسفلت" ذلك المثقف الذي ترك الوطن وترك اسرته وحبيبته وفر في لحظه انانيه للبلاد البعيده ودرس وحصل علي الدكتوراه ثم عاد غريبا يبحث عن مكانه وسط اسرته البسيطه التي يقودها موظف شريف في المحكمه عجز عن حمايه ابناءه من السقوط في هاويه المجتمع الاستهلاكي فانحرفت ابنته وادمن ابنه وضاع الجميع ، يآتي هذا الدور لنور الشريف دورا بسيطا سهلا مؤثرا فعالا بلا صخب بلا كلمات كبيره بلا زيف بلا اصطناع فهو مثل المئات من الرجال الذين كان يتعين عليهم حمايه الاسره والوطن لكنهم فروا بحثا لانفسهم وفقط عن مكانه ارقي وحين عادوا متصورين وهما تحقيق اهدافهم اكتشفوا غربتهم في داخل الوطن الذي لم يحتفظ لهم بمكانهم بعد ان هجروه اكتشفوا الضياع المنطقي لكل البشر الذين كانوا ينتظرون مساندتهم الفعاله ، ولا ينافس نور الشريف في هذا الدور الا نور الشريف في فيلم " سواق الاتوبيس " الرجل الذي يعيش حياته بلا مشاكل يتصورها هادئه لا يدس انفه فيما لا يخص ولا يهتم الا بنفسه حتي تقتحم المشاكل حياته ويتعرض عميد عائلته وابيه المحب لمحنه تستوجب تكاتفا لحلها فيكتشف نور الشريف نذاله وبخل وخسه شقيقاته وازواجهن الذين عاشوا وكبروا وتزوجوا ونجحوا بجهد الاب وعطاءه ومنحه المتلاحقه ويكتشف نذاله زوجته وانانيتها ويعيش قهر تخليها عنه مثلما تخلت شقيقاته عن ابيهم المحتاج فيشعر ان الدنيا لا امان فيها ويري ابيه وهو ينسحق تحت وطآه المحنه التي المت به لكن عاطف الطيب لا يتركه حائرا ويمنحه سواعد جيله اللذين حاربوا من اجل الوطن ولم يقبضوا غنائم الحرب ولم ينتظروها وحين طلب منهم العطاء ثانيه لبوا طائعين محبين ، يقوم نور الشريف بهذا الدور متفوقا علي نفسه وعلي كل ادواره صادقا متوجعا باكيا صلبا قويا فيمنح مشاهديه ومحبيه المتعه ويمنحه المشاهدين جائزه التمثيل الاولي في احد المهرجانات الدوليه !!! ويآتي دور محمود عبد العزيز في فيلم " ابناء وقتله " هذا الصعلوك الذي لم يجد لنفسه مكانا تحت الشمس فانحرف متعمدا وارتكب كل الفظائع وقتل كل من سنحت له الفرصه لقتله دعما لموقعه الذي يستهدف الوصول اليه وكنز الاموال وغير عنوانه وتبرء من ماضيه وحاول تزييف تاريخا جديدا لنفسه ولابناءه وطمس - او تصور - كل ملامح فترات ماضيه الحقير لكن الحقيقه بكل وجعها وتفاصيلها وقسوتها تكشف له عن وجهها المروع في لحظه تصور فيها ان دائره الزيف قد اكتملت فاذا بابناءه يدفعون وفي لحظه واحده ثمن كل جرائمه القديمه ، ياتي هذا الدور لمحمود عبد العزيز كدورا متميزا منحه اظهار قدراته الدفينه كممثل موهوب مبدع فكآنه والحقيقه كان دور العمر !!! اما احمد زكي فكانت ادواره مع عاطف الطيب هي دره التاج في حياه احمد زكي وافلام عاطف الطيب ، دور احمد زكي في البرئ الفلاح البسيط الذي دخل الجيش ليحارب الاعداء فاقنعوه ان قتل المعارضين وتعذيبهم اعظم دفاعا عن الوطن فضربهم بقسوه وغباء وعذبهم بطاعه وانصياع ومنح الوطن كل حبه ودافع عنه ضد اعداءه ولوث يديه بدماء محبي الوطن ومعارضي حكومته يتصور نفسه بطلا ليفيق في لحظه قاسيه علي دوره الحقير وعلي الاكاذيب التي حاصرته ويدرك جرائمه ويندم علي قتل الابرياء اللذين اوقعهم حظهم العثر تحت هراوته وتضيع براءته ويضيع !!! دور احمد زكي في فيلم " ضد الحكومه " المحامي الصعلوك الفاسد الذي يعيش علي كوارث الاخرين ويسرق ضحاياه بدم بارد ويكذب ويلفق ببراعه ويعيش الانحراف ببراعه وتآلق حتي تدهس عجله الايام ابنه الصغير الذي لم يعرف بوجوده ويشعر وسط السواد الذي كان يعيش بوهجه امل تستحق مستقبلا نظيفا فيسعي للقصاص من المهملين اللذين دهسوا ابنه والالوف غيره بلا رحمه ويتصدي ليدهم القويه ويقع تحت وطآتها ويدفع ثمن باهظ يدرك انه ثمن انحرافاته السابقه التي هوي اليها برضا وتقبل وسعي كامل ويتخلي عنه الكثيرين مثلما تخلي هو عن الكثيرين وفي النهايه ينقذه عاطف الطيب ويعريه ويكشف عوراته وعيوبه وانحرافاته ويفصح عن الظلم الذي الم به فدفعه للكفر بكل القيم الجميله التي كان يؤمن به ودفعه للسقوط بقرار واعي للاستفاده من الانحراف الذي يحاصره والزيف الذي يتحكم فيه ينقذه عاطف الطيب ويسمعنا صوت انينه وحشرجه صوته وميلاد طهره وينقذه من نفسه ومن المجتمع القاهره ويمد له كفوف المحبين واحضان العاطفين ويضع قدمه علي اول الطريق المحترم الذي خرج من سياجه مهزوما !!! دور احمد زكي في فيلم " الهروب " فهو دور لا يمكن الكتابه عنه فهما قلنا وكتبنا ووصفنا ومهما رصصنا جملا جميله وكلمات منمقه ومهما تصورنا اننا اجدنا فلن نظلم الا احمد زكي وعاطف الطيب والفيلم .... احمد زكي في فيلم الهروب ذلك الشاب الصعيدي الذي حولته الاحداث من شاب حالم يحلم بالانطلاق للسماء يحلق مع صقورها من شاب عاطف يمنح جارته الفقيره حبه واهتمامه من ابن محب لا يحلم الا باامه والفآس في يدها محنيه الظهر يتمني اسعادها ورد جميلها تحوله احداث الفيلم لقاتل يطارده القانون لا يعترف بدوافعه التي نتفهمها ولا يغفر له اجرامه الذي دفع اليه دفعا انتقاما من ظالميه اللذين تكالبوا عليه ووصموه وسرقوا براءته وزوجته وتواطئوا جميعا للخلاص منه لكن مطارده المجتمع والقانون له لا تسلبه حبنا ولا تعاطفنا ولا اعجابنا بحنانه لامه وابن اخته ولا اعجابنا برجولته القيمه التي دفعته لرفض خيانه اهله وخديعتهم في السفر ثم دفعتهم للانتقام من ظالميه ثم البحث عن زوجته التي انحرفت ولوثت شرفه وشرف اسرته ولو كان ثمن ذلك حياته فالرجوله والشرف اهم من الحياه والحياه بلا شرف لا معني لها ولا قيمه فيها ، هذا الشاب الذي هرب به عاطف الطيب لقلوبنا ومنحه كل حبنا وفتح له احضاننا نخبئه فيها ودفعنا ببراعه لحبه والتعاطف معه وادانه ظالميه ومطارديه واجاد احمد زكي كآن الدور خلق له او هو خلق للدور فهو منتصر الشاب الاسمر بالملامح القاسيه الطيبه بالحنان الفياض بالعند الرهيب بالانسانيه الجميله !!! الم اقل لكم شخصيات حقيقيه تذكرنا بانفسنا بها بعض سمرتنا وجزء من ملامحنا الم اقل لكم شخصيات لا تغضب من سقوطها وتفهم مبررات ضعفها الانساني وتغفر لها نذالتها وحمقها وقسوتها وتدعو لها بالهدايه وتفرح لفرحها وتحزن لحزنها وتحبها وتحبها !!!!! لقد ظلمت عاطف الطيب وافلامه وجميع الممثلين الرائعين اللذين ادوا ادوارا عظيمه في افلامه مهما قصرت مساحتها !!! لقد ظلمت عاطف الطيب وافلامه لكن عذري الحب والاعجاب والامتنان فقد حاولت اكشف له عن اعجابي وحبي فقصرت !! فهل يغفر لي ويمنحني عذره كعادته دائما !!!
الفقره الاخيره - احببت عاطف الطيب واحترمته واحببت افلامه واحترمتها وحين مات حزنت عليه لان كف عن العطاء المبدع الذي نحتاجه لكن افلامه واعماله وافكاره وقيمه ابقته حيا يهمس في اذني بما احتاج اسمعه ويسمع مني ما يطبق علي صدري ويقويني ويساعدني علي حب الناس المنهكه في هذا الوطن !!! احببت عاطف الطيب الذي احب الناس وفهمها وقدمها علي الشاشه شخصيات حقيقيه بلا زيف وبلا غباء !!! احببت عاطف الطيب وبقيت افلامه تؤنسني في الايام الماسخه الصعبه !!!
الجمله الاخيره - في هذا الشهر تآتي ذكري رحيل عاطف الطيب والحقيقه اني لم اكتب مقالتي بمناسبه هذه الذكري بل تذكرت ذكري وفاته بسبب مقالتي فكثيرا انسي ان عاطف الطيب رحل عن عالمنا لانه باقي باعماله الجميله وحي بفنه المبدع !!!
السطر الاخير - هل تدركون معني ان تكون غاضبا يائسا متآلما ثم تجلس امام فيلم فيتغتسل همومك ويبدد ضيقك ويسرق حزنك ويفتح لك الدنيا واسعه جميله حانيه !!! هل تدركون معني هذا !!! هذه هي افلام عاطف الطيب وهذا انا !!!
الكلمه الاخيره - من احب الوطن احبه الوطن - ومن احب الناس احبته الناس - ومن احبه الوطن والناس احببته بصدق وامتنان !!!
نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه بتاريخ ٤ يونيو ٢٠٠٨