29 أبريل 2008

باحب اللون الاحمر .......

26 أبريل 2008

سؤال بلا اجابه .....!

اعتدت من كل المتهمين الذين صادفتهم مذنبين في الحقيقة او ابرياء علي انكار كل التهم المنسوبة اليهم وادعاء البراءة وارتداء ثوب الشهداء والقديسين والضحايا والبكاء بدموع حاره او دموع تمساحيه علي حظهم العثر الذي قادهم ظلما وعدوانا خلف القضبان !! اعتدت هذا ودربت نفسي علي تقبل انكارهم باعتباره دربا من دروب الهروب من الواقع الاليم الذي يعيشونه افتراءا او استحقاقا بل ودربت وجهي علي الحياديه المنضبطة فلا اظهر لاي منهم انني اصدقه او اكذبه ولاابين لهذا تعاطف مع روايته ولااوضح لهذا نفور من قصته بل حبست نفسي وقت تعاملت معهم في قالب مهني صرف وتعاملت مع انكارهم وهروبهم من الواقع ومن ذواتهم وكأنه الحقيقة التي لايوجد غيرها لكن ذلك لم يحل بيني وبين اختراق الحجب بحثا عن انفسهم الحقيقية وكثيرا ما نجحت في العثور عليها متوارية هاربة من هالات الكذب التي صنعوها وصدقوها وباعوها للاخرين واحتفظت بداخلي بانطباعاتي وارائي وتقديري الشخصي لكل منهم وروايته وقدر اقترابها من الصدق او الكذب ولم يكن لذلك تأثير علي عملي فقد ترافعت عنهم جميعها حسبما تقودي اوراق الدعوي وادلتها وحصل بعض المذنبين علي البراءة وقضي علي بعض الابرياء بالادانة تقودنا انا وهم لاقدارهم الادلة والمستندات وبعض الحظ !!! لذا كان اندهاشي كبير وقت قابلت احد المتهمين الذين كلفت بالدفاع عنه فاذا به رجل لايكف عن الاعتراف باخطاءه وخطاياه وجرائمه وكأنه يتباهي بها ولااخفي عليكم استفزازي من منهجه و نفوري من اعترافاته المتالية بجرائم اعتدي فيها علي ضحايا ابرياء وسرق نقودهم وخدعهم لكن السكينة التي كانت ترتسم علي وجهه قلصت استفزازي ودفعتني لاختراق عالمه بحثا عن فهم نموذج شاذ لم اقابل مثله الا نادرا ، اقتربت منه وسألته غاضبه كيف يقوي وهو عتيد الاجرام علي الاعتراف بافعاله الواحد تلو الاخر وكأنه لم يفعل شيئا ، كيف يقوي علي الاعتراف بجرائمه وفي ذات الوقت يطالبني بانكارها امام المحكمة وطلب البراءة له ، كيف يقوي علي الاعتراف بجرائمه دون شعور بالندم او احساس بالخزي !! والغريب والمدهش انه ابتسم لي بصفاء شارحا ان البراءة امام المحكمة نتيجه تقودنا اليها الاوراق اما الاعتراف بالجرائم دون خزي فهو افتراض عندي لادليل عليه افترضته بحكم الملابسات المحيطة وافترضته بحكم تصوراتي المسبقة عنه باعتباره اذا كان مجرما – حسب قوله – فلابد ان يكون غليظ القلب واتسعت ابتسامته اكثر وسألني "الا يكفي انني ارتكبت الكثير من الجرائم هل لابد ايضا ان اكون كاذبا منحطا ؟؟؟!!! ولم ينتظر اجابتي وتركني وعاده لمكانه مبتسما هادئا لاتشعر من نظرات عينه الا بمصالحه النفس !!! وبقيت حائره افكر في سؤاله ولم اجد له اجابه حتي الان؟؟؟؟؟؟؟

او ..... لن تدركنا ابدا !!!!!!!!

نحن الاغلبية الصامته التي لاتنتمي الي أي فريق في هذه الانتخابات ولسنا جمهور أي منهم ، ولايحق لاي فريق منهم الحديث نيابة عنا ولاالادعاء بأننا جمهورها الصامت ، فنحن الذين اخترنا الاختيار الصعب ،اخترنا الا نختار وتعمدنا الا نشارك في معاركهم ورفضنا ان نضحك علي انفسنا بدعايتهم ، نحن الذين اخترنا عدم المشاركة موقفا ايجابيا معبرا عن عدم اقتناعنا باي حديث نسمعه منهم وعدم تصديقنا لاي دعاية بيعت لنا منهم وعدم قبولنا لاي وعود روجت لنا بواسطتهم.. نحن الاغلبية الصامته التي تحلم بمستقبل للامة لم يتحدث عنه ولا يعرفه أي من الفرقاء الانتخابيين ، نحن الاغلبية الصامته التي مازالت تنتظر فرسانها المؤمنين بها المنتمين لها المدافعين عنها ، نحن الاغلبية الصامته العطشي لخطاب لم يقل به احد ، الاغلبية الصامته المنتظرة بكل قلوبها وعقولها ووجدانها للقادمين من قلب الشعب المعبرين عن حضارته وتراثه الجاد الملهم ، حملة مشاعل المستقبل الذين يأخذون بايدينا ونتكاتف معهم لصنع المستقبل الحقيقي لوطن مستقل غير تابع قابض علي مقدراته الاقتصادية مؤمن بالتنمية والعدالة الاجتماعيه والانصاف الاجتماعي ، وطن يؤمن ان كثافته السكانية كنزا اقتصاديا يلزم الاعتناء به ورعايته وتوجيه طاقاته وتأهيله للالتحاق بدول المستقبل ، وطن يري التعليم الجاد المتقدم سبيلا وحيدا للنهوض بعقول الامة ، وطن يري الاعلام الجاد المحترم سبيلا وحيدا للحفاظ علي عقول الامة ، وطن يحترم عقوله البحثية ويفتح امامها ابواب البحث العلمي ، وطن يؤمن بالفن الجاد المحترم ويفجر الطاقات الابداعية لابناءه المبدعين ويرعاهم ويمكنهم من ممارسه فنونه المعبرة عن حس الشعب وتراثه وثقافته الجادة ، وطنا يؤمن بالعدالة العمياء سبيلا وحيدا للكرامة والانسجام الاجتماعي و يقوم علي المساواة امام القانون رافضا التمييز الديني و الطائفي و الجنسي ، وطن يحب ابناءه ويحافظ عليهم ويرعاهم ويرعي حقوقهم في الوطن وبكل الدول ، وطنا يحافظ علي كرامة ابناءه ولايطردهم ولا يضطهدهم ولا يغلق ابواب الرزق في وجوههم ، وطن لا يذل ابناءه بلقمة عيشهم ولايذلهم بعصا شرطيه ، وطنا منحاز لفقراءه ملح الارض وصناع الحضارة وبناه الهرم وشهداء حفر قناه السويس وجنود حرب 73 الفلاحين الزراعين للخير والنماء وطنا محترما لقيم الجدية و" العمل عبادة " ، وطن يؤمن من اعماق قلبه وبفطرته السليمة بالرب الرحيم الغفور الرحيم الخالق العظيم ويحترم العقائد الدينيه لابناءه ويكفل لهم حريتهم في ممارستها ، وطن يؤمن بالجمال فينشره ويدافع عنه ، وطن يرفض القبح فيقاومه ويتصدي له ، وطن ينشغل بالقضايا الاستراتيجيه الكبري والدور العربي والاقليمي والعالمي وينشغل بالقضايا اليومية الحياتيه الصغيرة فيرفع القمامه من الشوارع و يزرع الاشجار علي جانبيها ويقلم الورود في حدائقها ، وطن بحق كمثل الاوطان التي تختلج النفوس بحبها وتنتفض القلوب بعشقها ونضحي بالنفوس والارواح والغالي والنفيس من اجلها ...
وحتي ينقشع الليل ويخرج علينا نهارا حانيا جميلا مليئا بحب الوطن وحتي نسمع الخطاب الذي يشد عقولنا وقلوبنا وينفض عن نفوسنا اليأس وعن مرارة هذه الايام ، فنحن الاغلبية الصامته المحبة للوطن التي ستبقي صامته وصامته ..
قال صلاح عبد الصبور في رائعته " ليلي والمجنون " واقوله معه لفرسان المستقبل ..
اكتب لك
باسم الفلاحين وباسم الملاحين
باسم الحدادين وباسم الحلاقين
باسم الحمارة والبحارة
والعمال واصحاب العمال
والاعيان وكتاب الديوان
والبوابين وصبيان البقالين
والاهرام وباب النصر والقناطر الخيرية
وعبد الله النديم وتوفيق الحكيم والمظ
وشجرة الدر وكتاب الموتي ونشيد بلادي بلادي
نرجو ان تأتي باقصي سرعه
فالصبر تبدد واليأس تمدد
اما ان تدركنا الان او لن تدركنا ابدا

" من مقاله الاغلبيه الصامته - نشرت بجريده روز اليوسف اليوميه عقب انتخابات برلمان المستقبل ٢٠٠٥ "

حلم ريم ..........!!!!

( 1 )
تلفتت ريم حولها ، ابتسمت ابتسامه واسعه وهي لاترغب في الابتسام ، وجدت نفسها فجأ في شقه انيقه جديده ، جدرانها تلمع بيضاء نظيفه تتوهج تحت الاضاءة الساطعه للثريات الكريستال البراقة ، اما الارض فرخام اسود يشوبه عروق ذهبية توحي بالعراقة والجمال و الثمن الباهظ ، تلتفت ريم تتأمل المفروشات ، الوانها هادئه نقوشاتها بسيطه ، تتناسب و الجدران الناصعه ، تري علي الارض سجاده عتيقة تفصح عن عمرها المديد الذي طال بسبب مهاره صانع في بلد بعيد احب عمله واتقنه !! تخاف ريم ان تسير عليها ، لكن قدماها تسحبها فوق السجاده فتحس نفسها فوق السحاب ، تسير علي حرير ناعم ثابت ، ترتبك ريم ، وهي التي اعتادت خطي الحصر المصنوعه من الخوص الرديء ، رفعت ريم بصرها للسقف تتأمل الثريات الكريستال ، اغلقت عيناها من وهج المصابيح التي ترمي ضوءها علي السقف الابيض الناصع فيتضاعف النور الاف المرات..
ارتبكت ريم وهي مبتسمه ، تحس ضياعا محببا ، من اتي بها الي هنا ، الي تلك الشقة التي كانت تحلم بها ؟؟، من اصحابها؟؟ ، كيف تفسر وجودها متسلله الي هنا دون اذن او تصريح ، تلفتت برأسها حولها تبحث عن قبس يهديها الي تفسير مفهوم ، كيف اتت الي هنا ؟؟ ،لا تجد اجابه ولا تجد تفسير ورغم هذا لاتحس رعبها المتعاد وقت الغربه والضياع و الخوف من المجهول ، علي العكس ، تحس ارتياحا وطمأنينة كأنها خلقت هنا وكأن تلك الشقة الرائعه وجدت فقط لها ..
تلتفت ريم حول نفسها ، لاتعرف الوقت ، متي اشرقت الشمس ومتي غابت ، هل غابت ، كأنها بينها وبين الدنيا المألوفه حاجز زجاجي سميك ، لايمنعها من الرؤيه بل يمنعها من التفاعل المعتاد ، لفت ذراعها تنظر في معصمها عن ساعتها الرخيصه لم تجدها ، وجدت مكانها ساعه انيقه باهظة الثمن كثيرة الاحجار الكريمه ، يلمع عقربيها علي المينا الصدف ، تحسسها باصابعها مذعورة ، كأنها ليست لها ، بل هي ليست لها ، لكنها تتناسب والفستان الانيق الذي ترتديه و الحذاء اللامع الذي يزين قدميها ، احست ريم بالاغتراب كأنها ليست هي ، لا الشقة شقتها ولا الفستان لها ولا الساعه ساعتها ، ابتسمت ريم ، كـأن روحها انسلت داخل ريم اخري ، اكثر ثراء وصحه و اوفر حظا ، اتسعت ابتسامه ريم ، لكنها هي هذه الريم ، هي التي اكثر ثراء وصحه والاوفر حظا ، فهي التي ترتدي ما ترتديه و تتحرك في الشقة التي لاتعرفها لكنها تنتمي اليها!!
تسير ريم خطوه اثنين ، تصدر من حنجرتها اصوات استكشاف ، كأنها تنتظر ان يظهر لها ، في لحظة ما ، شخصا ما ، قوي قاسي واثق من خطواته ، يفتح باب الشقة ويقذفها علي السلم ، وقتها فقط ستشعر بالرعب ، لكنه رعب اليقين من حقيقتها وحقيقه حياتها ، تلك التي تكرها من اعماق قلبها ، لكنها تعرفها و لاتخاف منها !! لكن الشقه الخاوية لاترد علي ريم ، فلا تجد بدا من البحث بنفسها عن الحقيقه ، تتحرك بخطوات صغيره بطيئه ، تبحث عن شيئا ما يفسر لها حقيقه ما يجري ، لكن حيرتها تزداد و ارتباكها يتعمق ، فجأ يظهر لها علي احد الجدران ، اطار كبير انيق يضم صورتها ، اطار كبير يلمع لمعه وقورة اثريه ، بداخله صورتها ، صورتها هي ؟؟ لتزداد حيرتها اكثر ، فقد افاقت لتجد نفسها تجوب تلك الشقة غريبة غربه حميمة ، تجوب الشقة و تلج في غرفها ، لايعترض طريقها معترض ، ترتبك ريم ، انها تعيش لحظة غير حقيقيه ، وهم ، حلم ، تهز رأسها كأنها ستفيق ، لكنها لاتفيق ، بل هي فائقه بكامل وعيها ، تقترب من الاطار المعلق علي الحائط ، تتأمل صورتها ، صوره جميله ، بل صوره اجمل مما تري نفسها عاده ، فالوجه المحتجز داخل الاطار حر طليق ، يرتسم عليه ملامح الارتياح والراحه و الهدوء ، وجه يظهر عليه اثار مواد التجميل الباهظة الثمن التي لم تقوي يوما علي شراءها ، تبتسم ريم ارتباكا ، تتأمل الصورة بدقه اكثر ، هل صاحبه هذه الصورة هي انا ، ريم ، تهز رأسها نفيا ، لست انا ، تتأمل الصورة ، خاليه من أي اثر للهالات السوداء تحت جفنيها ، من اثر للتجاعيد الصغيره فوق شفتها العليا ، في تلك اللحظة تتحسس ريم شفتها العليا ، فلا تجد فوقها اثر للتجاعيد اللعينه التي كرهتها من كل قلبها ، بل فوق شفتها العليا نسيج ناعم رقيق ، خالي من التجاعيد بل وخالي من الشعيرات الصغيرة التي يؤلمها نزعها والتي تبقيها دائما فتزيد كأبه وجهها كأبة.. هزت ريم رأسها لاتصدق ، فالصورة صورتها ، بل وجهها ، وجهها الذي تعرف كل تضاريسه وتحفظها عن ظهر قلب ، وجهها تحول وتغير ، اصبح هو والصورة الجميله صنوان ، متماثلان ، تتسع ابتسامتها اكثر ، اذا كان هذا الوجه الجميل وجهها ، وكانت هذه الصورة الرائعه صورتها ، فلابد ان هذه الشقة ، شقتها !! ولابد ان تلك الساعه ، الساعه الماسية ساعتها ، ارتفع صوت ضحكات ريم عاليا في الشقة الخاوية ، يتردد صداه ، بين جدرانها صاخبا ، مجدولا بكلمات ريم ، كأن عقلي قد ذهب ، من اين لي هذه الشقه الثمينه المحتويات ، تحسست وجهها ، بل من أي لي هذا الوجه الناعم الصبي ، انا ريم ، موظفه الارشيف في وزاره الصحه ، ريم التي عاشت اكثر من نصف حياتها بين الملفات العتيقه القذرة تحمل من ذرات التراب وبقايا الحشرات المتحلله اكثر مما تحمله من المعلومات والاوراق ، ريم التي عاشت اكثر من نصف حياتها في تلك الشقة الصغيره المدفونه في حارة ضيقة متفرعه من شارع متعرج في تلك المنطقه المتكدسه بالبشر والمباني والدواب الخاليه من الجمال والاشجار والاوكسجين ، شقه صغيره بلا منافذ ، لا تدخل اليها شمسا ولا تشم فيها هواءا ولا تري من نوافذها قمرا ، تهز ريم رأسها تستنجد ببقايا وعيها ، تبحث عن فهم مستعصي عليها في تلك اللحظة التي تأخذها كلية وتسرب الي نفسها سعاده لا تعرف وصفها ، فهي التائهه الغريبة سعيده ومتوائمه مع هذا المكان الوهمي اكثر الاف المرات من سعادتها مع المكان الحقيقي الذي اعتادت عليه و اعتاد عليها .. تسير ريم بخفه ، تحرك ذراعيها بفرح ، تبتسم بثقه اكثر ، ويرتفع صوتها اكثر ، هل عقلي ذهب ؟؟ وفجأ تغضب من نفسها ، لما لايكون قد عاد ؟؟ لما لااكون قد فقت من كابوس طال ، اضج مضجعي ، كابوس حرمني من كل الجمال الذي املكه ، وجها ونفسا ودارا .. لما لااكون قد فقت من هذا الكابوس وتركت القبح والفقر و المعاناه في اعمق اعماقه غير اسفه علي ذلك لاجد نفسي في الجنه التي حلمت بارتيادها طوال ساعات الكابوس الطويل .. ضحكت ريم واستراحت للتفسير الاخير ، والقت بجسدها علي اقرب مقعد وثير ، وتعجبت ان ظهرها لايؤلمها وان مفاصلها لاتئن بصوت الالم المعتاد ، جلست علي المقعد ومدت امامها ساقيها اللامعتين ،خلعت حذائها الانيق ونظرته علي الارض النظيفه البراقة ، تأملت اصابع قدميها لامعه براقة ملونه ، وكفيها ناعمتين خاليتين من الشقوق السوداء والجلد الميت ، هزت ريم رأسها ، كأنها تعرف نفسها في هذه الصورة الباهية ، كأن الاخري تلك المتعبه المرهقه المعذبه ليست الا بطله الكابوس الذي انزاح مفسحا للحقيقه الرائعه مكنه التجلي !! وهكذا استراحت ريم علي المقعد الوثير و ارتخت عضلاتها ، و رنت في اذنيها موسيقي داخليه محببه ، وهامت مع افكارها وغابت وغابت وغابت يرتسم علي وجهها تعبيرا غريب مليء بالامتنان لان الكابوس قد انتهي بكل معاناته اللعينه وبقي لها الواقع الجميل ..
( 2 )
مدت فاتن اصابعها برشاقه وهزت ذراع ريم ، التي ارتجت مكانها مغلقه عيناها باصرار لاتريد فتحهمها ، لكن الحاح فاتن فاق قدرتها علي التجاهل ، ففتحت عيناها بحذر وبطء ، ليتسلل الضوء الخافت في قبو الارشيف محملا بذرات التراب الي عينها ، اغمضت عيناها بسرعه ، كأنها ترفض ما تراه ، لاتحبه ، لاتريد العوده اليه ، لكن ضحكات فاتن الساخرة ، اقتحمت اذنيها "قومي ياعسل ، نوم العوافي " حركت ريم جسدها الرخو من علي الكرسي الخشبي العتيق ، صدر عن الكرسي صرير مألوف لها ، تسلل الوعي الي عقلها الغائب بسرعه ، فهاهي تستيقظ ، فتحت عيناها ذعره ، واغلقتهما بذعر اكثر ، بحثت بكفيها عن حذائها ، ليصطدما ببعضهما البعض ، تسمع صوت الجلد الخشن المبطن لكعبيها ، وفي تلك الحركه العشوائيه تقذف بحذائها القديم بعيدا عن منالها " قومي ياعسل ، ده انا سيباكي من الصبح واخده راحتك " هكذا الحت عليها فاتن ، تستجلب لها اليقظه الكريهه ، فتحت ريم عيناها ، جفناها ثقيلان كأن صمغ لعين لصقهما ورموشها ، لكنها جاهدت ، ثم انتبهت ، ثم ادركت مكانها ، في قبو وزاره الصحه في قسم الارشيف ، وهذا الصوت المزعج الذي يطاردها ، هو صوت فاتن زميلتها في القسم ، ابتسمت ريم ابتسامه واسعه ، متجاهله نظرات فاتن الفضولية " من الصبح سيباكي نايمه ، شكلك خلصان ، صعوبتي عليا " تمطعت ريم وفردت ذراعيها ، لتلمح بطرف عيناها المتعبة ساعتها الرخيصه ، باهته الملامح ، ترقد علي معصمها في مكانها المألوف ، ازدادت ابتسامه ريم اتساعا " اما حتت حلم " تسترجع لحظات الفرح الظاغي التي عاشتها ، تسترجع قسمات وجهها الجميل في الاطار البراق الانيق " منك لله يافاتن ، ماكنتي سيبتيني نايمه " نظرت لها فاتن بلوم " اكتر من كده " دست ريم كعبيها في الحذاء تسمع صوت احتكاك الجلد الخشن بباطن الحذاء الاكثر خشونه ، وقامت من مقعدها تحرك قدميها المتيبستين ، دارت ببصرها حولها ، تري الرفوف اللعينه مكدسه بالملفات المكتظة المربوطه بالحبال ، تري مكتبها ومكتب فاتن ، تلمح الكرسي المكسور امام مكتب فاتن يرتكن عليه ، تتذكر ، شقتها ، تلك الجميله الانيقة ومقعدها الوثير الذي اغفت عليه فعادت من الحلم للكابوس وازدادت ابتسامتها " النبي باينك هبلة " بادرتها فاتن وهي تلم حقيبها وتستعد للرحيل " صاحبه من النوم هطله كده ليه ، من ساعه ما قومتي وانا ما بطلتيش ضحك عمال علي بطال " نظرت لها ريم بشفقة ، فهي لاتعرف ، لم ترد عليها وحملت حقيبتها الرخيصه تحت ابطها فواح الرائحه و تحركت بخطوات بطيئة كأنها لاتصدق انها عائده الي الكابوس الذي ظنت نفسها فرت منه ، وسارت في طريقها لباب الخروج من الحجره ، لكن فاتن امسكت بذراعها " فوقي ياريم وصححي ، كتره الاحلام تهبل ، تضيع العقل ، والحلم في الاول والاخر حلم لايحل مشاكل ولا يعمر بيوت " ازدات شفقه ريم وارتسمت علي وجهها المتعب تعبيرات واضحه " البركه فيكي ، مش انتي فايقة ، وريني بقي حتحلي المشاكل ازاي ، اوعي بلاغلب " وافلتت من قبضتها غاضبه وسارت تهز ذراعيها بقوة ولم تنتظرها " يام كتره الاحلام تهبل ، طب والعيشة السودا تعمل ايه ، بلاغلب !! " واكملت سيرها ، تسمع موسيقي نشاز تصم اذنيها ، صوت احتكاك حذائها البالي علي الارض الاسمنتيه المشققة ، وقتها تدرك عودتها الي كابوس حياتها الواقعي ، فهاهي ريم موظفة الارشيف بوزاره الصحه ، تخرج من باب الوزاره الي الشارع المزدحم المليء بالغازات والرطوبة والتراب ، تنتظر علي الرصيف المكسر الاتوبيس المزدحم الذي تركبه كل يوم .. ابتسمت ريم وهي واقفه علي الرصيف بين كل الناس العابسة ، غريبة بين تعساء لايجدون في حياتهم أي مبرر للابتسام ، ابتسمت تستعيد كل تفاصيل الحلم الذهبي الذي انتشلها من واقعها المرير فهون عليها ساعات العمل المملة وتمنت لو تظل نائمه الي الابد ؟........
" كتابه عثرت عليها مصادفه في احد ملفات الكومبيوتر القديم - يبدو انها مشروع فكره لروايه او قصه كتبتها منذ زمن بعيد ونسيتها فلم تكتمل ....... !!!!! "

لا اصدق .......!!!!!!!!


لماذا لا اصدق ؟؟؟
رغم الخطين المتوازيين علي شاشه غرفه العنايه المركزة ، ورغم طبقات الكفن السبع ، ورغم رائحه الكولونيا علي الجسد النحيب المزرق من اثار الحقن المتتاليه و المحاليل ، لماذا مازلت لا اصدق ؟؟؟ ..
لماذا لا اصدق ؟؟ رغم الصندوق المحمول علي الاعناق ورغم باقات الورود مزينه بالشرائط البنفسجيه ، ورغم انزلاق الجسد في مستقره الاخير ورغم انهمار التراب علي البوابه الحجريه كفاصل بين عالمين لا اختلاط بينهما ، رغم انني رأيت كل هذا وعشته الا انني مازلت لا اصدق؟؟!!!
لماذا لا اصدق ؟؟ رغم كل الالم ، والحزن ، وفيضان الدموع ونحيب البكاء و اسوداد الملابس ونعي الاهرام لماذا لا اصدق ؟؟.. رغم كل التلغرافات و كلمات العزاء والتشجيع والمواساة ، ورغم فطير الرحمه ، وورد المقبرة ودعاء التثبيت عند السؤال ، والقرأن الموهوب لروحها ينير قبرها من فوقها ومن تحتها ومن يمينها ومن يسارها ، لماذا مازلت لا اصدق ؟؟
لماذا لا اصدق انه فهذا اليوم الكئيب ماتت امي ورحلت راضيه مرضيه وتركتني اواجهه اعباء هذا الرحيل والمه وهكذا اصبحت في ذلك اليوم وتلك الثانيه البغيضه ، يتيمه بلا ام .. ماتت امي وتركتني وعمري ثلاثه واربعين سنه ، لكن لحظة موتها ، تلك اللحظة التي توقف فيه انفاسها ، وتهدل فكها ، واغلقت عيناها ، وبرد جسدها ، وسكن قلبها المتعب ، تلك اللحظة ، كشفت لي حقيقه نفسي ، فلست الا طفله صغيره تحتاج وبشدة الي امها ، التي تركتها ورحلت !!
لذا مازلت لا اصدق !!!

عنقود العنب .......


هرول ورائها ، صرخت فضحك ..
إزداد صراخها فزعا ، إزداد ضحكه هستيرية .. أنقض عليها محاولا الامساك بها ، صغيره عارية الا من لباس أبيض صغير لايغطي الا عورتها الصغيرة ، يتناسب وطفولتها ودرجة الحرارة المرتفعة .. تفر منه تتصورها لعبة وستنتهي !!
يقترب منها بساقيه الطويلتين ، يعدو خلفها بجدية كأنه يهرب من مطاردة شرسه او يمسك حرامي ، لا تفهم لعبته ، تتوقف برهة بفزع ، تنظر خلفها ، لجسده الضخم المحيط بها وبظلالها الملقاة علي الحائط ....
ينقض عليها ثانية وفي هذه المرة يخطف من يدها الصغيرة عنقود العنب ، تحاول التمسك به ، يعتصر كل أصابعها الرفيعة بأصبعه الغليظ ، تسيل علي كف يدها الهشة بعض قطرات العصير ، تختلط علي وجهها بدموعها الحانقة .. يسبقها ، لا تلحق به ، تصرخ وتصرخ ، يضحك ويضحك ، تتلاهث انفاسها ، ينظر لها من بعيد بعيد بتحدي ، تحاول الاقتراب منه ، يلوح لها بالعنقود ، ينتقي اكبر حباته وانضجها ويسقطها في فمه ، يمضغها بتلذذ ، مستعرضا قوته وجبروته .. تفهم انها ليست لعبة !!
تصر علي انتزاع حقها من يده ، تجري نحوه بسرعه ، تضرب ساقه بقبضتها الصغيرة ، ضربة تضع فيها كل قوتها وغضبها ، تتسلقه ، تحاول الوصول الي ذراعيه الطويله المعلقة قرب السماء تحمل عنقود العنب يتأرجح كثريا عالية ، تصرخ في وجهـه المبتسم ، تناشده ، يقترب بالعنقود من رأسها ، من فمها ، يلوح به امام عينيها الباكيتين ....
يسألها بسخرية " عايزاه ؟؟ " تتردد في الاجابة ، لا تثق فيه ، تتأمله ، عملاق بأذرع طويلة عالية تحمل في قمتها عنقود الكهرمان البعيد " عايزاه ؟؟ " سؤال لا تعرف كيفية الاجابة عليه ، لا ترد يطريقة مباشرة ، لكنها تمسك في الذراع بجسدها الصغير الرفيع ، تجلس علي احدي ساقيه الطويلتين ، لتري ظلالها بجوار ظلاله في الحائط القريب ، حجمها اصغر من حجم العنقود المعلق ..
يهبط بذراعيه تدريجيا يقترب من فمها المرتعش ، تهدأ حركتها ، تنتظر فرجا وعطاء ، تتصور اللعبة انتهت .. وقبل ان تصدق نظرها ، تري فمه الكبير يلتهم كل العنقود دفعة واحدة و يلتهمها ، تتناثر من بين اسنانه المصقوله الحاده جزئيات مسكره ممتزجه بلعابه الكثيف .. يٌخرج لها من فمه فرعا عاريا ممضوغا ويلقيه عليها وهو يكاد يموت من الضحك !!! اليست لعبة ؟؟!!
لا تصدق ، لا تبكي ، لا تحس مزيدا من القهر ، تشعر خوفا علي اصباعها الصغيرة ، علي جســدها المرتعش وتفر هاربة ، تلقي في وجه الفرع الفارغ من ثماره ، تنظر له نظرة رعب ، وتبحث عن جحر صغير تدفن فيه نفسها ومخاوفها ..
تجري بعيدا يطاردها صوت ضحكاته العالية المنتشية ، يشعر انتصارا مزيفا ، انتصار عملاق كبير علي عقلة الصباع الصغيرة .. تنام تعبا ورعبا ، مرسوم علي وجهها اخدود دموع ، وعلي شفتيها يترسب طعمها المالح .. ينام ارهاقا من كثره الضحك والتخمة ومن كثرة اللعب !! في الحلم يأتي لهــا رجل طيب يحتضنها ويواسيها ، يقول لها " اخوك الكبير ، ماتزعليش منه " .. تبتسم وتقرر انها لن تزعل منه !!
اما هو فلا يأتيه احد في الحلم يقول له " اختك الصغيرة ، خد بالك منها ومتضايقهاش "" لذا يصر بين اضغاث نومه علي اللعب معها ، يصر علي اختطاف كل ما يجده في يدها ليلتهمه وينام سعيدا فرحا بلعبته المرحة !!!


وبعدين .............؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

انا مثل ملايين المصريين غاضبه من الحياه التي نعيشيها اتمني حياه اخري لا اعرف شكلها ولا شكل ايامها لكني انتظرها حياه هادئه تتحقق فيها الاحلام البسيطه للجميع نعيش بكرامه لانخاف الغد ونتظره بسعاده وامان نمنح اطفالنا المستقبل الجميل ونعيش الواقع العذب نعمل بجهد فنحصل فرصتنا في الحياه علي عائد عملنا خيرات ماديه وتقدير ادبي واحترام ومكانه مرموقه ، نحترم القانون ورجاله فيفرض علينا حمايته ردعا حقيقيا يمنع المجرمين والعابثين والمستهترين من الاعتداء علينا ومن اغتصاب حقوقنا ... انا مثل ملايين المصريين غاضبه لكني في نفس الوقت لا اعطي اذني اوعقلي ولا امنح قلبي او وجداني لمن يتحدثون طيله الوقت عن كل القضايا وجميع الموضوعات يدعون العلم الاعلي والخبره الاعمق ويصدعون رآسي كل وقت بكلماتهم الفارغه التي لا تثمر نبتا ولا تروي عطشا ولا " تشفي غليل " !!!! انا مثل ملايين المصريين لي عشرات بل الوف بل ملايين الانتقادات للواقع الرديئ الذي نعيشه في نفس الوقت تعبت وضجرت ومللت من كثره الانتقادات والولوله والبكاء علي اللبن المسكوب والتعبير عن الغضب مما غضبنا منه مليون مره ، تعبت وضجرت ومللت من كثره المرثيات الموجعه التي لم نسمع غيرها طوال دقائق يومنا وكآن حياتنا وايامها ولياليها تحولت لمآتم كبير نتوشح بسواده ونمسح دموعه ونواري التراب فوق جثث قتلاه ، " زهقت " من كثره النقد واللوم وتبادل الاتهامات و تراشق النيران اللفظيه والمعارك الوهميه التي يخوضها الجميع ضد الجميع كآننا في ساحه حرب لا نسمع فيها الا قرقعه السيوف وانفجارات القنابل ودوي المدافع ولانري الا لون ال" هباب " الاسود ولون الدماء الحمراء وتتواري من حياتنا الوان الخصوبه والصفاء والنقاء والحب والتعاطف والتسامح والبهجه والفرح المزركش !!! " " زهقت " من النقد ونقد النقد وتكذيب النقد وتصحيح النقد والرد علي النقد !!! "زهقت " من الصحف التي لا تكتب الا عن السواد الذي نعيشه والغضب الذي يحتل صدورنا واللامبالاه التي تواجههنا والفساد الذي يحاصرنا و" العيشه السودا " !!! " زهقت " من المعارك التي تعد ردا علي الانتقادات ومن الحملات التي تجهز ضحدا للانتقادات ومن " الردح " المنظم الذي تتبادله جميع الاطراف ينالوا من بعضهم البعض ينقبون عن تاريخهم الاسود وسقطاتهم المهينه و" سيره جده وجد جده " !!! زهقت من البرامج التلفزيونيه فضائيه وارضيه تلك البرامج الهابطه التي لا تعرض الا المشاكل المستعصيه التي نكتوي بنارها كل يوم والمصائب التي نتعرض لها كل لحظه و" البلاوي " التي لا نعرف لها نهايه او مخرج تعرضها علينا وتستجلب بعض الضيوف اللذين يؤكدون لنا ان الوضع مآسوي و" زفت خالص " وان المشكله كبيره جدا و" مافيش حل " زهقت لاننا نتمني حل وننتظر حل و" نفسنا موت موت في اي حل " !!! " زهقت " و" طنشت " وزهقت و" كبرت " وزهقت " وعملت نفسي مش زهقانه " وفي الاخر فاضل الكيل وسآلت نفسي " طب وبعدين !!! " عانينا من المشاكل وتعبنا من اثارها وغضبنا من تراكمها ويآسنا من حلها وتعذبنا من حصارها " وبعدين ؟؟؟" سآلت نفسي وانا مرهقه تعبه نصف يائسه ربع محبطه علي وشك الاكتئاب " طب وبعدين " !!!!! سآلت نفسي ومازلت اسآلها واسآلكم " وبعدين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ " ...

25 أبريل 2008

هي ..................






.........................هي الحياه كده ليه بقي ليها لون تاني ............................بقي ليها طعم جديد غير لي ايامي .....

23 أبريل 2008

ادونا العادة ......و حالو ياحالو

حين فتحت باب شقتنا – وانا طفلة صغيرة - ووجدت جدتي لابي امامي تحيط بها الحقائب والصفائح و" قفف " العيش الفلاحي حتي صرخت فرحة وادركت ان شهر رمضان قد هل علينا بايامه ولياليه الجميلة فجدتي لابي رحمها الله عاشت وماتت في منزل الاسرة الريفي القابع في احد القري الصغيرة بدلتا النيل ولم تغادره للاقامة في أي مكان اخر سواء بمنزل أي من اولادها او في حضن أي من بناتها رغم كل الضغط والالحاح المستمرة مبينة للجميع بحسم ووضوح ان منزلها اولي بها ويحتاج اليها وان المنزل مفتوح لمن يرغب في الاقامة معها او الراحه من ارهاق القاهرة او الغضب من الزوج او الزوجه و" اهلا وسهلا بيكم في أي وقت " واكدت انها لن تغادره ابدا الا الي قبرها المجاور له وقد كان !!! وعاشت جدتي قدر ماعاشت متمسكة بموقفها فلم تغيره الا في شهر رمضان من كل عام باعتباره شهرا "مبروكا" يستلزم الجمع العائلي للاحساس بقيمته وفرحته " وهو رمضان يجوز الا باللمة " فكانت تحزم امتعتها وتستأجر سيارة تحمل فيها كل ما اعدته من اطايب المأكل والمشرب من خيرات الريف وصناعته المنزلية من " زتون مخلل ومربي ورد وجزر احمر وسمنه بلدي ومرتة وعيش مرحرح وبيض بلدي وبط وشعرية فلاحي وفطير مشلتت وقشدة صابحة وجبنه دايرة ودقة سمسم ولبن بخيره " وتنزل علينا في القاهرة تقضي معنا كل ايام الشهر الكريم توزع وقتها وحبها وعطائها الفياض وعطاياها وهداياها الوفيرة وحواديتها المدهشة بين منازل ابناءها بالعدل والقسطاط فتقيم لدي كل منهم عدة ايام تمنحهم فيها السعادة والحميمية والحب الجارف و" لمة " العائلة ، وقد كان مقدم جدتي لمنزلنا عيدا فتجلس وسطنا وتجمع حولها بقيه الابناء والبنات والاحفاد والاقارب فيتبدل حال العائلة المنشغل افرادها كل بنفسه ويعم علي ابناءها السعادة والسرور فيتبادلوا الزيارات و" العزومات" والحب العميق ويعيشوا ايام رمضان ولياليه مرحا وفرحا في كنف جدتي التي علمتنا الصلاة والصوم وتلاوة القرأن وسماع ادعية النقشبندي و" الف ليلة وليلة " في الراديو واهم من هذا كله فاضت علينا بذكرياتها قصص وحكايات جميلة عن طقوس رمضان في قريتنا وامسيات المدح النبوي في الدوار واحتفالات خاتمه القرأن واحتساء القرفة الساخنة واعداد موائد الافطار للفقراء وقوافل الاطفال تلهو بالفوانيس و" ادونا العادة " وادعية الفجر وصوت الكروان يشق عنان السماء و" الملك لك لك " ... وهكذا منحتنا جدتي لابي مذاقا خاصا للشهر الكريم وتركت صوتها الرخيم وهي تتلو القرأن يؤنسنا في الليالي الموحشة ومازالت لكزاتها الحانية توقظنا مع دقات طبلة المسحراتي لتناول السحور فنقفز من اسرتنا الدافئة لاحضانها الاكثر دفئا وقد آثرت جدتي لابي وبعد عمر مديد منحت فيه كل من حولها السعادة الحقة الرحيل عن دنيانا في اواخر شهر رمضان في المرة الوحيدة التي بقيت في منزلنا ولم تأتي الينا وكأنها قررت الاحتفاظ لنا في منازلنا برمضان الجميل وكنوز ذكرياتها الجميلة وهاهي السنين مرت وهدمت الاسرة منزلها الريفي وباعت انقاضه وذكرياتنا بالورق البخس فلم يبقي لنا من هذا العالم الجميل الا ذكريات جدتي تؤنسنا وتهون علينا ايامنا نستجلب منها الفرحة والسعادة مع مقدم شهر رمضان و" ادونا العادة !!" ..

" من مقاله دفء الذكريات - نشرت بجريده روز اليوسف اليوميه سبتمبر ٢٠٠٦ "

لا احب اللون الازرق ........!


الازرق ...
كان لجدي ابو امي عيون زجاجيه زرقاء .. كانت عيون بغير مشاعر ، صارمه قاسيه لايمكن ابدا ان تشعر منها بأي قرب ، فعلي الرغم من انه كان يحتضني كثيرا الا انه الاشعه الزرقاء من عينه كانت تخيفني وتحول بيني وبين أي احساس بالقرب او الحب .. فجدي ابو امي كان رجلا صارما لايبتسم ، كأن الابتسامه ضعفا لايجب ان نراه ..
ففي أي لحظة تنظر في عينيه كنت لاتري في عينه الزرقاء الا نظرات قسوه مغلفه ببعض الحنان الزائف .. لاتري في عينيه الا نظرات بعيده كأنه لم يقترب ابدا من احد ولن يقترب .. الحق انني لااتذكره ، ولااتذكر ملامحه فقد مات وانا صغيره جدا .. لكني اذكر مجرد انطباعاتي عنه .. وهي انطباعات قد تكون صحيحه وقد تكون مبالغ فيها ، وفي الحالتين ليس مهم ، المهم انها انطباعاتي التي حفرت في الذاكرة ..
اذكر صوت خطوانه الثقيله في الممر الطويل في طريقه من غرفه النوم البحريه الي الحمام يتنحنح بقوه كأنه يعلن عن
وجوده ونفسه .. صوت خطوات لابد ان ينتبه لها الجميع .. ليس فقط ينتبه بل يرتعد لها الجميع ، وكنا جميعا وبلا استثناء ، نرتعد !!
اذكر صوته العالي يصرخ في الخدم ، بالفاظ قاسيه جارحه تفصح عن احساسه بنفسه ، احساس ملي بالزهو و الغرور والتكبر ، بأعتباره عمدة بلده صغيره ورثها اب عن جد .. اذكر وقت صراخه ان عيونه الزرقاء كانت تلتهب بنيران الغضب والحدة .. ومن يومها وانا لااحب العيون الزرقاء ولا حتي العيون الملونه .. احسها قاسيه تحمل ورائها قلب من رخام بارد بغير مشاعر ..

والادهي انني من وقتها لم احب اللون الازرق ، فهو يذكرني بالصرامه والقسوة والبعد .. ورغم ان البحر ازرق وانا احب البحر ، ورغم ان السماء زرقاء وانا احب السماء الا انني احب فقط البحر والسماء ولااحب اللون الازرق .. لذا فقد سعدت كثيرا وقت عرفت ان بيكاسو عبر عن مرحلته الاكتئابيه باللون الازرق ، واحسسته فهم اللون الازرق بشكل عميق ، ولولا عدم المعقوليه لقلت انه – أي بيكاسو – رأي عيني جدي ثم بدأ في مرحلته الاكتئابية الزرقاء ..
هكذا الذاكره انتقائيه ، تجلب الصور الواحده تلو الاخري ، ملونه ، كل تحمل في لونها الاحساس بها وباللون ﻷ يتغير .. لذا وقت رأيت المساجين يرتدون ملابس السجن الزرقاء عرفت ان احساسي باللون كان طيله عمري صحيحا ، وفكرت لماذا اختاروا اللون الازرق لهؤلاء الاسري ، لانه لون قاتم كأيامهم المتعاقبه ، لون بارد كلون لياليهم .. يومها ، او ايامها وهم ايام كثر ، تأكدت انني لااحب اللون الازرق بجميع درجاته ، لكن الغريب انني استعمله كثيرا ، تمردا علي هذا الكره ، لكنه تمرد لم ينجح في تغير احساسي باللون .. فرغم كل الاشياء الزرقاء التي حولي ، انا مازلت لا احب اللون الازرق.


"الازرق - الذاكره الالوان"

خدني لحنانك ......خدني ...



الا ان هبه انتبهت فجأه وسألت فاطمة " عائشه فين " لتسمعها عزة " اه صحيح عائشه فين " لترد مريم عليهن " عائشه بتتناقش بره " لتؤكد تحية " البت جد قوى , السياسه واكله مخها " فترد ام نجية " ياختى ساعه الحظ ما بتتعوضش " ... لكن فاطمة ترفض حديثهن وتنهر مريم " انا حأندهها " وسرعان ما تخرج لها تجدها مستغرقه كليه فى الحديث الدائر بين الاسرة بعد انتهاء خطاب السادات فى الكنيست لتناديها " عائشه تعالى " ترفع عائشه وجهها بعيون متساءله " عزة حتزعل منك " تقوم عائشه يتبعها احمد بنظراته لتكمل فاطمة حديثها " تعالى يا بلبل وهاتى طنط ثريا معاكى وكفايه بقى " .. وتستدير رافضه قبول احتجاجات عمها نبيل لقطعها المناقشه وقبل ان تدخل الحجره تنتبه لخطأها غير المقصود " وانتي يا طنط راوية اتفضلي " لكن راوية تكظم غيظها وترسم على وجهها ابتسامه مصطنعه "انا لا اصلى مصدعه , وكفيايا دوشه " .عند دخول عائشه الى الحجره ,تعالت اصوات الفتيات يعبرنن عن سعادتهم بانضمامها وانهالت التعليقات الساخره " ايه الكلام خلص " ... " انتي مابتزهقيش " ..... " مابتتعبيش من كتر الكلام " بل واخذت هبه باصرار تدعوها الى مشاركتهن الرقص ,لتقف عائشه فى وسط الحجره خجله , تضحك على حديثهن , ترفض الرقص امامهن " معقول ارقص ايه بس" لكن هبه اوحت لعزة ان تبدى غضبها , فقالت لها " حأزعل " ولم تكد تكمل جملتها حتى تعالى تصفيق الجميع " عائشه عائشه " مصحوبا بنداءاتهم الملحه عليها حتى اضطرت فى النهايه للخضوع اليهن ,, بعد ان حذرتهم " بشرط , بلاش تعليقات " .. ارتفعت زغروده ام نجية " ان كنى بتعرفى ورينا " كانت هانم تدارى ضحكها لاتتصور عائشه ترقص وهى التى لاتغلق فمها ولاتتوقف عن المناقشه الجاده .. هرعت مريم الى الكاست , لكن عائشه اصرت " انت عمرى " ,, " معقوله يا عائشه ,دى ما تنفعش دلوقتى " بادرتها تحية , لكنها اصرت " ياكده يا بلاش " ..امام اصرارها ,,, خرجت نبيلة واحضرت شريط ام كلثوم , يتابعها احمد متعجبا " فيه ايه يا بلبل " , " عائشه حترقص " ابتسم احمد وتحرك من مقعده " اجى اتفرج " لكن نبيلة ضربته برفق على كتفه " امش يا واد , ده انت حكايتك حكايه " وتركته ودخلت الى الحجره حيث القى بجسده على اقرب مقعد للحجره يسترق السمع للموسيقى ... وقفت عائشه فى منتصف الحجره , ربطت وسطها بعنايه " بطرحه" ام نجية السوداء وخلعت حذائها ودارت بعيناها على الحاضرات جميعا , اللاتى كن وبدون استثناء ينتظرون ليروا ماذا ستفعل ,,علي الاخص عمتها فاطمة , التى كانت الدهشه تسيطر عليها ... ومع النغمات الاولى رقصت عائشه كما لم يرقص غيرها , وكما لم ترقص من قبل ,, بأنسجام ونعومه وحياء .. غابت مع كلمات " اللى شفته قبل ما تشوفك عنيه ... " اغمضت عيناها وانطلقت ترسم مشهدا ايقاعيا جميلا , تدور حول نفسها , تحرك ذراعيها واصابعها , تدور برشاقه على اطراف قدميها , تحرك كل جسمها , تاهت مع احاسيسها , ذهبت الى تلك النقطه البعيده , احست جسدها يرتعش دون سيطره منها " يا اغلى من حياتى ليه .. ليه .. ما قابلنيش هواك يا حبيبى بدرى " .. كانت ترقص بمشاعرها وعلى مشاعرها , دارت عائشه فى الحجره تضم يديها , تفرد ذراعها امامها , تحتضن الهواء برفق " هات ايديك ترتاح للمستهم ايديا " تعود تحضن نفسها وتثبت فى مكانها وتهز وسطها وكتفاها برشاقه " وكفايه اللى فاتنا هو فاتنا ياحبيب الروح شويه " ...تبادلت نبيلة وثريا الابتسامات , اما هبه , فقد عقد اتقان عائشه للرقص لسانها الساخر , لاتصدق ان من ترقص هى عائشه , التى تمتلا رأسها بالافكار السياسيه اما هانم فقد مدت ساقيها امامها فرحه تحس خجلا من غباءها"باين الواحد حمار مابيفهمش حاجه " .. وعندما وصلت الاغنيه الى المقطع الثالث , كانت عائشه قد استمرت ترقص دون انقطاع لمده نصف ساعه , تلاهثت انفاسها واحست التعب يجتاحها بعد ان تعالت " الاهات " ,,, " خذنى لحنانك خذنى .. عن الوجود وابعدنى " .. كان الجميع يستمتعن " بالفرجه" عليها دون تصفيق وتردد ام نجية " آيه الكرسى " وقايه لها من الحسد .. وقفت عائشه مع انتهاء الاغنيه , تحس ان قلبها يكاد يقفز من فمها , تتعالى ضرباته , خلعت الطرحه , وجرت مسرعه تجلس بجانب عمتها تحية , التى احتضنتها وانهالت عليها بالقبلات ليتعالى التصفيق والزغرده والحديث الصاخب .. كانت عائشه خجله يتساقط من جبينها العرق البارد , وازداد خجلها مع التعليقات الساخره التى امطرتها بها بقيه الفتيات , اما نبيلة فقد عقد الاعجاب والدهشه لسانها وان لم يفوتها ان تهمس فى اذن عائشه "ايه ده كله " وقبل ان تجيبها عائشه اردفت "ياريت ابقى اقعد معاكى سواء لوحدنا او مع الواد احمد " .. ارتفعت الدماء فى وجه عائشه خجلا وهزت رأسها لعمتها موافقه واسرعت من الحجره تبغى النوم بعد ان انتابها التعب وبعد ان ايقنت ان عمتها تلاحظ شىء لكن وهى فى طريقها الى فراشها انتبهت لحظه " اه بس ايه ؟؟!!" واوت الى فراشها .. ولم يستغرق الامر دقائق قليله حتى غرقت فى النوم .

" جزء من المشهد الثالث من الفصل العاشر من روايه العيد لاميره بهي الدين نشرت ١٩٩٦ "

قلبي معك .....ان كان يجدي .....!!!!!!



في البدايه ، تملككي سؤال ، ليس له اجابه ، لماذا ، لماذا هي ؟؟ سألت السؤال وانت تعرفي ان اجابته خارج قدراتنا وقدراتك ، سألته فرارا من التقبل ، وليس اعتراضا وليس احتجاجا ، سألته ضعفا ، وليس استكبارا او استنكارا ، لماذا هي ؟؟ واذ انتظرت ولم يدركك الجواب ، دوي في اذنك صوت عدم التصديق يصمها بحيث لم تعودي تسمعي أي صوت اخر ، فالكلمات الوحيده التي كنت ومازلت ترغبين في سماعها ، لن تسمعيها ابدا , اتصور ان الالم الذي تعرضت له ، من الضخامه و الكثافه و العمق الي الحد الذي لم تفهميه ، ولم تفهمي لماذا الم بك ، ، الا ان كل المظاهر حولك ، اكدت لك ان الخبر الذي كرهتيه من اعماق قلبك ، حقيقي ، فكرهت الحقيقه ، وكرهت كل المظاهر التي اوحت بها ، وانكمشت داخل نفسك لاتصدقي ، تتمني ان تستيقظي من هذا الكابوس ، وتهرولي فزعة الي ابنتك فتحضنيها بكل الامتنان لله ،وتقصي عليها وهي في حضنك المرتاع انك رأيت كابوسا والعياذ بالله ، وتطبطبي عليها بعد ان تلتقطي انفاسك ، وانت ترددي في اذنها ، الحمد لله انه كان كابوس ، لكن امنيتك للاسف لم تتحقق ولن ، لذا سرعان ماانكمشت داخل نفسك للحظات ، ثم فتحت عينيك ثانيه ، فتأكدت انه ليس بكابوس ، بل هو واقع مرير وان الالم الذي يتملكك حاصل وحقيقي ، فتسارعت دقات قلبك المحترق اكثر ، و ازداد الخواء الذي يتملكك اكثر ، ورفضت التصديق ، وصرخت لا اصدق ، كأنك تناشدي الدنيا ان ترد عليك ، لاتصدقي فالذي اوجعك غير حقيقي ، لكن الدنيا لم ترد عليك ، بل فرت امام احزانك خجله ، فبقي الصمت وصوت النحيب يحاصر اذنك وقلبك وعقلك الرافض لتصديق ما حدث !! ليؤكد لكي ان المأساة التي ستعيشيها قد بدأت فعلا ، فارتفع صوت بكاءك متحشرج مختلط بانفاس متقطعه كأنك ترفضيها ، وترفضي الاستمرار فيها ، ثم عدت للصمت لا تصدقي ، نظرت الي كل الوجوه حولك ملتاعه مروعوبه متألمه ، تبحثي فيهم عن طمأنينه تؤنسك ، تنفي حدوث الحقيقه ووقوع المأساة ، لكن الوجوه لم تمنحك ما كنت تبحثين عنه ، فصرخت صرخات متتاليه تنادين ابنتك ، كأنها ستقفز من حيث عالمها البعيد اليكي ، تدفن نفسها في حضنك الدافيء ، ناديتها وناديتها وكررت النداء ، فلم ترد عليك ، فعادت دموعك الحارقه ، تخرج من عيونك الحمراء فيضانات الم ، ترسم علي وجههك معالم المأساة التي تعيشيها ، لتصمتي ثانيه ، وتتعلق بك كل الانظار تراقب بقلق ، ماذا سيحدث لكي ، وانت لست معهم ، بل ان تبحثين لنفسك عن مخرج يأخذك بعيدا عن خنقه الحزن التي تمرر الهواء حولك ، لكن الهواء المر الثقيل يحاصرك ، وصوت النحيب يحاصرك ، و دموع اللهب المنصهر تحاصرك ، فتصرخين " احضنها مرة واحده وتموت " وتكرري العبارة عشرات المرات ، كأنها لم تموت ، يالها من امنيه قاسية تعبر عن منتهي الفقد الذي تشعري به ، امنيه مريرة ، لكنها حتي تلك الامنيه المريرة لن تتحقق فتعود دموعك الي الانهمار وانفاسك الي التلاحق ودقات قلبك الي التسارع ، ويعود صوت النحيب يحاصرك فتصرخين لا اصدق ، وهكذا تغلق الدائرة عليك سؤال بلا اجابة ، و دوامه من عدم التصديق والبكاء والمرارة ثم وهم امنيه لم تتحقق ، ثم عدم التصديق ثانيه وهكذا .,.هل قلت شيئا ولو قليلا مما احسست به !!هل احسست ان ايام العمر التي مضت بكل افراحها واحزانها والامها وشجونها قد سرقت منك ؟؟ هل احسست ان ايام العمر القادمه بكل الامنيات التي كانت فيها قد حجبت عنك ؟؟ هل احسست ان النار الدائمة اشتعلت في جوفك ومازالت ، حرقت قلبك واحلامك وامنياتك و كل مشاعرك وتركتك تتلوي من الالم ، هل احسست ان الارض التي كنت تسيرين عليها ، بتصور ان انها ارض ثابته راسخه ، ليست الا رمالا متحركة كدوامه عملاقه هوجاء ابتلعتك وملئت جوفك بذرات الرمل الخشنه تجرح حشاياك وتلافيف قلبك ، هل احسست ان الهواء الثقيل المر ، قد ملء رئتيك فتشعبت المرارة بداخلك وانتشرت ، فكرهت التنفس والهواء ، هل احسست ان الظلام قد خيم علي ايامك ، فتهت وانت في مكانك واغتربت وانت بين اهلك و انتابك الفزع وانت في وسط احبائك عاجزين عن مواساتك ومواساة انفسهم ، هل تمنيت ان تنامي وهرب النوم منك وحاصرتك الذكريات التي انقلب مرحها حزنا فعششت في مقلتيك احتلالا يحول بينك – وبشكل مطلق – وبين أي سكينه او طمأنينه او امان هل تمنيت ان تعود الايام ولن تعود ، هل تمنيت ان تفيقي من الكابوس ولن تفيقي ، هل رغبت ان تعود ابنتك الي حضنك ولن تعود ، هل احسست كل هذا وازيد ، هل احسست كل هذا وازيد ، تهزين رأسك المتعبه نفيا ، اسمع همسك " لم احس كل هذا لاني لا اصدق " وانا اصدقك ، انك فعلا لا تصدقي وازيد عليك ، ولن تصدقي .. قلبي معك ، ان كان يجدي !!!..هل قلت شيئا ولو قليلا مما احسست به !!هل تسمعين صوتها يرن في اذنك ، تبثك حبها وحنينها و احتياجها اليك ، فتفتحين احضانك لها شوقا فلا تجدي الا الذكريات تسكن في صدرك كالدبابيس الحاده ، لاتنزعيها ، بل تبقيها تؤلمك وتؤنسك !! هل تشمين رائحتها في انفك ، فتفتحين رئتيك علي اتساعهما ، كأنك ستخبئي الرائحه لك وحدك ، رصيد الايام الموحشه القادمة ، تنهلين منها ما يخفف مرارة الهواء القابع في حويصلات الرئه و جدارها ، هل ترين بعينك المتعبتين صورتها جميله مبتسمه كأنها معك ، هل تمدي يدك تحتضني ظلالاها ،فتفلت منك هاربه فلا تقبضي الا علي الفراغ يحاصرك مهما فررت منه !! هل تنظري الي وجه ابنها ، وتريها فيه ، وتشمي رائحتها في ثنايا جلده ، وتلحظي ابتسامتها في براءته ، و تري نظراتها في عينيه ، فتجذبيه الي صدرك ، كأنك ستوديعه في تجويفه خوفا عليه وعليها ، وتشكري الله علي انه ترك لك منها جزء ولو صغير وتعاهديها وتعاهديه ان تحبيه كما احببتها وتراعيه كما راعيتها ، و تغدقي عليه من حنانك لتعوضيه وتعوضي نفسك مراره فقدها ..هل قلت شيئا ولو قليلا مما احسست به !!هل تصدقيني ان قلت لك ، انني لم اصف بعد ما اتصوره مشاعرك ، فكيف هي ، ايتها المعذبة ، مشاعرك !! للمرة الثانيه والالف ، قلبي معك ان كان يجدي !!

" من رساله لم ارسلها لصديقه فقدت ابنتها العروس في ريعان شبابها "

كيف نتواصل .....؟؟؟؟

عجبا كيف يتواصل البشر ؟؟؟
يتواصلوا بادوات نسبيه ، لا تصلح ولم تصلح ابدا للتواصل الحقيقي العميق بينهم ، ان الكلمات بكل مفرداتها وتنوعها ، كانت ومازالت عاجزه عن وصف المشاعر والاحاسيس ، مازالت اللغه تقريبية ، مازال كل ما نقوله لا يصف ابدا مانحس به .. لذا يبقي الانسان سرا لايعرفه احد ، فكل الكلمات التي يحاول ان يصف بها ما بداخله ، انما هي ادوات قاصره ، لاتصف الحقيقه ، بل تصف ماهو قريب منها ، وما بين الحقيقه وما بين الوصف التقريبي لها فجوه ضخمه ، لايحس بها الا البشر بحق ، هؤلاء الذين حابتهم الدنيا برهافه الحس اما انصاف البشر الذين خلقهم الله دون بصيره ووضع موضع قلوبهم حجر اصم بارد ، فاللغه علي قصورها كثير عليهم ، فأنهم لا يقرأون السطور الا من ظاهرها ، ولايشعرون بالمشاعر الا من سطحها ، ولا يعرفون البشر الا من صورتهم ، وهؤلاء لااخاطبهم ولا احب ، فكلماتي – رغم كل قصورها – ليست لهم..

22 أبريل 2008

اه ياوطن ...... احبك جدا جدا


اه ياوطن ...... اشتقت اليك في البلاد التي لا اعرف شوارعها ولا افهم تضاريسها ولا احب لغتها ولا اضحك ل" نكتها " ولا تسعدني اناقه شوارعها ولا تآنق بشرها ... اشتقت اليك ياوطني خريطه كبيره طيبه يشقها نهر النيل القوي العفي يفيض حنان وحب خصب فياض يفتح ذراعيه صوب البحر يحتضن القادمين من البلاد البعيده يحتويهم بضلعيه الحانيين يسقيهم من ماء الجنه العذب يجري في عروقهم يختلط بدمائهم يحتلهم ويآسرهم في حضنه الواسع الحاني .... اشتقت اليك ياوطني لشوارعك التي اعرفها واحبها وافتقد بعدها واتآلم لغيابها التي نسير فيها مطمئنين بلا خوف يطاردنا وبلا وجل يربكنا وسط بشر طيبين يهدوك ابتساماتهم وحبهم الجارف لايتنظرون مقابل ولا يطمعون الا في الكلمه الطيبه تسعدهم وتجبر بخواطرهم ..... اشتقت اليك ياوطني لاناسك الطيبين المتعبين بحبك المرهقين من صعوبات حياتهم الاملين خيرا في المستقبل المتفائلين املا في المستقبل هولاء البشر الذين يمدون لبعضهم البعض يد العون يفتحون لك احضانهم لتبكي فيها لايسآلوك سببا ولا ينتظرون تفسيرا يهدهدوك بحنان حقيقي ويمسحون دموعك بطيبه آسره ويهمسون في اذنك يشجعوك لاجتياز محنتك التي لا يعرفون اسبابها ويؤكدون لك بايمان حقيقي وثقه مطلقه ان "بكره احسن من النهارده " وان " فرجه قريب " وان " اشتدي ياازمه تنفرجي " اشتقت لاناسك الطيبين الذين لم تنجح الايام الصعبه في تغييرهم ولم تفلح الظروف الطاحنه في تبدليهم وبقوا عبر العصور المتلاحقه مهما لاحقتهم المحن والمصائب والمصاعب بقوا اناس طيبين اولاد " نكته " جدعان محبين لبعضهم البعض وللحياة وللوطن ..... اشتقت اليك ياوطني لرائحه النعناع الاخضر الفواحة كآنها رائحه الخصوبة لرائحه الورد البلدي الاحمر الاسره كآنها الحب العاصف لرائحه زهور الجاردينيا كرائحه الحنان الفياض لرائحه الفل النقيه كرائحه البراءه لرائحه اللارنج النفاذه كرائحه الاعتداد بالنفس لرائحه الريحان القوية كرائحه الكرامة لرائحه التوابل في الخان العتيق كرائحه التاريخ القديم العظيم لرائحه الارض الطيبه كآنها رائحه الحياة المستمره ذاتها... اشتقت اليك ياوطني لصوت بائعيك الجائلين لصخب دقات الصاجات لبائع العرقسوس الهرم لصوت الكروان في لحظات النهار الاولي "الملك لك للك " لصخب التلاميذ في مدارسك وصرخات فرحهم لصوت ضحك البنات الخجل وهمسات قلوبهم الغضه لصوت عبد الحليم حافظ "بالاحضان يابلادنا ياحلوه بالاحضان " لصوت الشيخ محمد رفعت يؤذن لصلاه المغرب في ايام رمضان لصوت هديل الحمام فوق سطح جارنا العجوز لصوت دقات " الهون " تدوي بين صفحات روايه زقاق المدق لصوت الشيخ النقشبندي يردد علي اسماعنا اسماء الله الحسني " الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن " لصوت علي الحجار يئن " انكسر جوانا شيء وانطفت بعده المشاعر " لصوت بائعه الذره وهي تصوخ " المشوي " لصوت الموجات الصغيره تتلاحق خلف بعضها علي شواطيءالعين السخنه كضحات الاطفال المرحة لصوت المذياع يصرخ بقوه " هنا القاهرة " لصوت المزمار البلدي ينتفض فرحا لصوت محمد الكحلاوي ينشد " لاجل النبي لاجل النبي " لصوت ابله فضيله الدافيء يهمس لاطفالنا الصغار " غنوه وحدوته " لصوت المشجعين في مدرجات الكوره " المصريين اهمة " لصوت دفقات المياه العذبه تدور في السواقي العتيقه الهرمه لصوت جدتي وهي تمتم فوق سجاده الصلاة ساعه الفجر " الستر والصحه يارب " لصوت موسيقي علي اسماعيل ترقص علي نغماته فريده فهمي " اه ياليل ياعين .... اه ياليل ياعين " لصوت بوق بائع غزل البنات مجدول بفرحه البنات وصراخهم الجميل لصوت العصافير فوق شباك ليلي صديقتي لصوت زغرده النساء في افراحنا الشعبية يهللن " قولو لابوها ان كان جعان يتعشي " لصوت خضره محمد خضر تصرخ من اعماقها الما " الصبر ده للعاشقين احسن دوا " لصوت صفاره البحار فوق شط اسكندريه يستغيث لانقاذ غريق لصوت " طشه " التوم فوق طبق الفته يوم العيد لصوت الكورال يدوي " اسلمي يامصر " لصوت امي وهي توقظني هامسه " قومي ياحبيبتي حتتآخري علي المدرسه " ....... اه ياوطن ........

" من مقال احبك جدا جدا المنشور خلال يونيو ٢٠٠٧ بجريده روز اليوسف اليوميه "

الغسيل الوسخ !!!


كتب نجيب محفوظ منذ سنوات بعيده رائعته " المذنبون" تلك الرواية التي تحولت لفيلم سينمائي صادم موجع حلت فيه الكاميرا محل المشرط الجراحي الذي فتح جرحنا الاجتماعي المتقيح فاخرج صديده ورائحته العفنه في الهواء فاحتل انوفنا وصدورنا وكبس علي انفاسنا حيث عرانا الفيلم وكشف بجراءة وقوة عن آثام المجتمع المزيف الكاذب وفضحه حين عرض زمرة من النماذج البشرية المنحرفة مستهدفا – رغم الوجع والايلام المقصود – افاقة المجتمع من سباته العميق وتنبيه لمشاكله العميقة المتوارية تحت السطح كالسوس ينخر في بدن الوطن ولو كان التنبيه باسلوب الصدمة الكهربائية المباغته ... والحق ان الفيلم كان غريبا عن افلامنا المألوفة والتي اعتدنا علي احداثها التي تعرض قصه حب معقدة ابطالها رجل وسيم وسيدة جميلة لاتنتهي احداث الفيلم الا بزواجهما السعيد و" توته توته فرغت الحدوته " ..... والحق ايضا ان الفيلم كان جرئيا فشاهدنا ابطاله نماذج منحرفة وسمعنا علي لسان ابطاله عبارات مخجلة لم تعتاد آذاننا علي مثلها فارتبك المتفرجون ارتباكا رهيبا وانتفضوا غاضبين ليس انكارا للانحراف بل غضبا من اظهاره ولان الرواية قوية ومباشرة ولان الفيلم نفخ في ابطالها المنحرفين الروح فاذ بهم يتحركون امامنا علي الشاشة بوضاعتهم وخستهم وانحرافهم العمدي المشين مما صدم المتفرج الجالس مكانه في ظلام قاعات العرض الذي احس كأنه تعري امام الجمهور الغريب بلا رحمه من صناع الفيلم وممثليه الذين رأوا سلوكه المنحرف الذي تصوره سريا دفينا لايعرف اغواره احدا ولايراه احد وانتاب ذلك المتفرج الخجل من الجراءة السينمائية التي عرضت صورته الوضيعة علي الشاشة بلا خجل من وضاعتها وبلا تجميل لقبحها والاخطر ان تلك الرواية والفيلم صدموا المتفرج البريء الذي لايشغل رأسه بما يدور حولها مكتفيا بالانكفاء داخل تفسه يبحث عن لقمه عيش صعبة فاذ به يفيق من انكفاءه علي نفسه امام مجتمع فاسد يتنفس شخوصه هواء ملوث فيصيبه الفزغ من شكل ذلك المجتمع الذي يعيش فيه ولايعرفه ولايتصور – مهما شطح خياله – قدر القبح والفساد والانحراف المهين الذي يظلل سماءه ، فاذا بالمتفرجين المنحرف الغاضب من كشف انحرافه والبريء المصدوم من قدر انحراف الاخرين ولايرغب في تصديق قدر وضاعتهم ، اذا بالاثنين يصرخا غضبا في صناع الفيلم ومؤلف روايته وممثليه يعاتبوهم علي الصدمة التي القوها فوق رووسهم ويعاتبوهم علي كشف عوراتهم ويعاتبوهم علي فضح احوالهم ولم يكتفي الكثير من المتفرجين بالعتاب والغضب بل تمادوا في غضبهم الشخصي ومنحوه بعدا وطنيا وقرروا ان ذلك الفيلم – الذي صدمهم واوجعهم – يشهر بالوطن ويسيء لكل ابناءه ويمكن كارهي الوطن وهم كثر النيل من سمعته ويمنح اعداءه اسلحة التشهير والفضائح التي اعدت بايدي مصرية وعلي الصراخ اكثر واكثر " الحفاظ علي سمعه مصر " وارتبك الجميع وقرروا التضحيه بالبعض علي مذبح الفضيله والدفاع عن سمعه مصر فكانت القضيه الشهيره باحاله النقباء " ممن يملكوا حق اجازه الفيلم فنيا " للمحاكمه التآديبيه باعتبارهم اخطئوا في عملهم وصرحوا بعرض الفيلم الذي يسئ لسمعه مصر !!! وانتهت القضيه وعوقب الرقباء فتشددوا في وجه المبدعين وفرضت الرقابه قيودها الاعنف علي الفن السينمائي وصارت تهمه الاساءه لسمعه مصر هي التهمه الجاهزه لمحاصره الجراءه والابداع الفني و...... نسي الجميع المذنبون وقدر الانحراف الرهيب الذي ينخر في بدن الوطن كالسوس وتركوهم - في الظلام - يآكلون مصر وسمعه مصر واهل مصر ولم يكترث احد !!! المهم " الا نعرض غسيلنا الوسخ علي الاخرين " !!!

ساصمت وانتظر الكارثه .....!!!!


منذ مايزيد عن عامين كامل كتب أ عادل حمودة مانشيت جريدته التي يرأس تحريرها بخط احمر كبير " سيناريو الفوضي " وكان عادل حمودة وقتها يتحدث عن سيناريوهات جاهزة معدة سلفا – من قبل امريكا وربما اسرائيل - للوطن ، وشرح عادل في مقاله الاسبوعي وقتها ان سيناريو الفوضي يتمثل في اثارة الاحداث الساخنه واستعداء المواطنين بعضهم ضد بعض سواء كانوا تيارات سياسية او قوي طائفية او اغنياء وفقراء او ارهابين وسياح وبالطبع استعداء المواطين ضد الحكومة بسبب الغلاء او بسبب تدهور الخدمات او بسبب انهيار الذمم والضمائر وانتشار الفساد واوضح عادل حمودة وقتها ان هذا السيناريو تم اعداده بواسطة عقول فذة متخصصه في استراتيجيات المنطقة العربية وتحفظ عن ظهر قلب تاريخها وترفض جغرافيتها وتعرف اسماء شيوخ قبائلها ورؤساء اركان حربها وتعرف مناطق التوتر ونقط الضعف وثغرات الاختراق وتسعي جاهده لاثاره الفوضي التي لن يكسب منها الا امريكا واسرائيل وهاهي العراق خير دليل وشاهد علي الايادي الخضراء والبيضاء لاستراتيجيات الفوضي التي ترسم امريكا سيناريوهاتها العظيمه ... وتعقيبا علي مااراه كدت انزلق في تحليل ما يحدث وعلاقته بفوضي السيده كوندليزا رايس لكني - وبمنتهي العقل والحكمه - قررت الصمت التام ايثارا للسلامه فماسأكتبه سيغضب الجميع حكومه ومعارضة ، اصدقاء واعداء ، معارف وعابري سبيل ، شباب وشيوخ ، ما ساكتبه سيغضب الجميع فيلعنوني بضمير مستريح لانني لم اري النتائج الايجابيه العظيمه من الفوضي التي يسعدون جميعا باثارتها .. " ماعلينا " رغم اهتمامي الشديد بالوطن وحرصي عليه ورغم كراهيتي الشديده للحكومه وحبي الجارف للناس ادرك جيدا قله حيلتي واعرف ان بعض الناس لا تتعلم الا من تجاربها الموجعه ولا تسمع النصائح ولايلزمها " تصلي علي النبي " ولا " تعقل " ولا شيء اخر لذا ساصمت واتابع واشاهد وانتظر الكارثه وسابكي مع الملايين بالدمع الحار وقت تنهار الدنيا فوق رؤوسنا وحين تشتعل النار في ابداننا ، سابكي بالدمع الحار والعن انا والمواطنين البسطاء والتاريخ كل من شارك في هذه المصيبه التي ضيعت وطننا للابد !!!

الملس الحرير .......




الاسود ، انه لون" الملس" الحرير الموجود في دولاب تيته نبويه في *"مشتول" بلدتنا الريفيه ، الملس الاسود ،انه الزي التقليدي الذي كانت ترتديه عماتي وامي و زوجات عمي و جدتي واي من نساء الاسرة الكبيرات وقت يخرجن من باب الحديقه في زياره اي من بيوت العائلة ، اذ لايصح ان تخرج السيدات في مشتول بملابسهن الافرنجيه ، بل يرتدين فوقها ملس اسود مكشكش حرير ومعه طرحه كريب جورجيت سودا هفهافه......
وكم استهواني ذلك الملس ، وحلمت بارتداءه ، مثل نساء الاسرة الكبيرات ، حلما بأن نكبر بسرعه ،ونصبح مثل هذه السيدات ، وعندما بلغت اثني عشر سنه ، قررت وبنات عمومتي ، ان نرتدي ملس النساء الكبيرات تشبها بهن ، وفعلا تآمرن علي ذلك وانتهزن فرصه نوم سيدات الاسرة بعد الغداء وارتدين جميعا الملس والطرحه وخرجن من الحديقه مسرعات ونحن نضحك لاننا كبرنا او نعمل اننا كبرنا ، وزرنا بيت عمتي ام صلاح وتجاوزنا عن الابتسامات المكتومه التي ارتسمت علي وجه بناتها ، وعدنا الي المنزل لنجد عماتي وامي وزوجات عمي يشربن الشاي في الفرانده وهن يضحكن علي هبلنا واستعجالنا علي الكبر ، وقتها غضبنا منهن ، لانهن اطلقن سخريه الاولاد علينا .......
واليوم وبعد ان مرت كل هذه السنوات وماتت العمات و كاد البيت ان يباع و سرق الملس ، وخرجت النساء في مشتول دون ملس ودون طرحه ، ادركنا اننا وقتها لم نكن هبل بل كنا بنلعب بمنتهي الجديه دور النساء الكبيرات ، و ياليتنا وقتها لم نفعل ، فالكبر اتي اتي لا ريب فيه ..ومازلت احب الملس الاسود ، واحسه حريمي وجميل ، واحس تجاهه بذكريات محببه ،.......
لذا وقت سافرت مؤتمر المرأه في الصين ، اخذت معي ملس مزيف اشترتيه من خان الخليلي لارتداءه في اليوم العربي كزي تقليدي للنساء في بلدتنا ، وارتديته وعدت لطفولتي ومراهقتي وذكرياتي ، وترحمت علي جدتي وعلي عماتي ، وعلي الوقت الذي كان يعامل فيه الملس بمنتهي الاحترام و تحسرت علي انه لم يعد الا فلكورا نرتديه في المهرجانات الاحتفالية.....
*"مشتول هي بلدتنا الريفيه وقريه صغيره من قري الشرقيه "
"الاسود - الذاكره الالوان"

مجرد سبعه ايام !!!



" مجرد سبعه ايام ..... "

لماذا لا اجد موضوعا اكتب لكم عنه ..... كآن عقلي فارغ بلا اي قضايا تشغله !!! كآن رآسي اجوف بلا هموم تكبله !!! كآنني اعيش في الفضاء البعيد لا اعرف الزمان الذي اعيش فيه ولا المكان الذي يحيطني !!! ياللهول ..... كل هذا حدث لي بسبب اسبوع واحد اجازه !!!! مجرد سبعه ايام خرجت فيهم عن نظامي اليومي غيرت عاداتي بدلت اوقاتي وتركت منزلي وهموم الجيران واعباء العمل وفررت !!!
مجرد سبعه ايام امتنعت فيهم عن قراءه الجرائد والمجلات ، عن متابعه نشرات الاخبار، عن تصفح الانترنت ومواقعه الاخباريه الكثيره !!! مجرد سبعه ايام ... القيت فيهم بتليفوني المحمول في اول مكان بعيد لا تصل يدي اليه ولم ابحث عنه او افتقده فحميت قلبي الذي سعيت لاسترداده لعافيته في تلك الاجازه القصيره من اصوات المهمومين والمحبطين والغاضبين !! سبعه ايام عزلت نفسي عن الدنيا واعتزلتها وقررت بوعي فقدان الذاكره وفقدان الاهتمام .. قررت الا اتذكر مشاكلي مهما بلغت اهميتها !! قررت ان انسي همومي مهما كان سببها !! قررت ان انسي نفسي وانساكم !!! اسبوع اجازه عشت ايامه وكآني في الفضاء الخالي البعيد ... مجرد سبعه ايام خلعت فيها ملابسي الرسميه وفككت الاحزمه الضيقه ولفظت الاحذيه الموجعه وارتديت الملابس الصيفيه القطنيه الرقيقه جلبابا واسعا او سروالا فضفاضا ملابس مريحه بلا هندام موجع وحصار خانق وبلا " برستيج "احسست جسدي طليقا متحررا كآنه بلبل احتجزه القساه في القفص الذهبي فصمت اكتئابا ثم القوه به علي حافه البحيره الراكده واطلقوا سراحه فاستعاد صوته المغرد واطلق لاحباله الصوتيه العنان الجميل ... سبعه ايام في الفضاء البعيد لم اصفف فيها شعري ولم احرقه بالمكاوي الحديديه وتركته علي حاله متناثرا متموجا منتفضا متحررا من اسر"الكلبسات " الحديديه و"البنس " القابضه تركته علي حاله يوما غجريا مجنون ويوما كالعشب البري يتمايل تحت الريح العاتيه ويوما اعقفه فوق رآسي كآن " تاج الجزيره " ازينه بالاربطه الحريريه الملونه الجميله كآنني طفله صغيره لم تحمل للدنيا هما !! سبعه ايام .... مجرد سبعه ايام فقط استمتعت فيها بالنوم الهادىء بلا كوابيس تزعجني وبلا احلاما تراودني .. غرقت في النوم العميق لااعرف متي نمت ومتي استيقظت ، لا اضبط منبه يوقظني ولا انتظر جرسا يزعجني ولا احس ذنبا يؤرقني لانني نمت كثيرا ولا احس خوفا لانني لن انجز كل الاشياء الهامه التي يتعين علي انجازها ولا استطيع - تحت اي ظرف من الظروف - تآجيلها ، استمتعت بالنوم العميق لااستيقظ الا وقت احب ولا انام الا وقت اريد .. براحتي !! مجرد سبعه ايام ... جلست فيها تحت السماء الرحبه الصافيه البعيده اتآمل نجومها و آعدهم .. هذه واحده تسطع جدا ..والثانيه تومض كآنها تشتعل وتخبو .. والثالثه كآنها تتحرك وتلعب معي ان نظرت لها اختفت وان تجاهلتها توهجت تناديني فتوحدت مع النجوم الساطعه في الليل البهيم احس نفسي مثلها تتوهج واحس روحي مثلها تشتعل واحس قلبي مثلها يومض ويخفق .. جلست اتابعها اراقبها اعدها واحده اثنان مائه وثلاثه وعشرين .. الف وعشره .. و..... نمت مكاني علي الاريكه المريحه في " البلكونه " سعيده راضيه وحين استيقظت صباحا كانت اصوات العصافير وزقزقتها خير موسيقي تلفني في النهار الصافي ليوم الاجازه !!! سبعه ايام اجازه ..... مجرد سبعه ايام القيت فيهما بجسدي المتعب امام البحر اتآمل امواجه المتلاحقه تخبط الثانيه في الاولي وتفر الثانيه من الثالثه ويتصادموا جميعا فيتناثر الرذاذ الرطب في وجهي يخدرني فتنبسط اساريري المنقبضه غضبا من الف مليون سبب لم اعد اتذكرهم وتتحرر روحي من اسر الايام المتعبه المرهقه التي نسيت سبب ارهاقها فاحس كآنني مخطوفه بكامل ارادتي للفراغ البعيد الذي لا اعرف مشاكله ولا اريد معرفتها !!! سبعه ايام اجازه .... مجرد سبعه ايام .... القيت بجسدي المتخشب في البحر وتركت نفسي لامواجه تحركني تهدهدني تشدني لقاعه تطفو به لسطحه تغمرني بدفقاتها البارده تغسل همومي وتبدد اوجاعي وتحممني بزبدها الابيض الناصع تاره اطفو كآنني نورس يلهو فوق السطح الفيروزي وتاره اغوص كآنني محاره اثقلتها اللوليات الناصعه فغرقت في المياه اللوجنيه وتارة اكتم انفاسي واغرق لاهيه استمتاعا بالمياه البارده فتحيطيني الاسماك الملونه تراقبني وتكاد تقترب مني وحين اتحرك صوب السطح تفر بسرعه من حولي كآن لعبتي معها لاتعجبها وتتركني اخرج رآسي استنشق الهواء وتنصرف هي للهوها المستمر تحت قدماي .. مجرد سبعه ايام اجازه ... سبعه ايام ادمنت فيها الجلوس علي الرمال الساخنه كآني اشحن روحي بحميميتها التلقائيه ابعثر ذراتها في وجهي وفوق شعري ، ادفن اصابعي تحت طبقاتها الساخنه فاحس بروده رطبه تنعشني ، اعبث بالحصي الساخن ارسم به اشكالا عبثيه عليي السطح الناعم افكر في احلام صباي التي بعثرتها الرياح العاتيه مثل ذرات الرمال امامي استجلب عذوبه الامنيات البريئه التي اعجزتني الايام عن تحقيقها واتصورها واقع جميل اعيشه احدق في الرمال المستكينه مكانها وازين وجهها بابيات شعر كنت احفظها وضاعت من ذاكرتي المتعبه نصف اشطارها .... سبعه ايام اجازه ... استيقظ من نومي تحيطني " الخضره " في كل مكان .. هذا حوض الريحان ارويه بالماء يبثني رائحته الجميله عبيرا نهاريا ... هذه شجره الياسمين الملم زهورها المبعثره تحتها واصنعها تاج فواح فوق رآسي .... هذه شجيرات ال " جهنميه " بورودها البيضاء الصفراء الحمراء شجيرات متمرده علي التنسيق رافضه للنظام عبثيه الجمال تتسلق سور الحديقه وجدران الحوائط وتتجه صوب السماء كآنها سلم يآخذك علي درجاته الخضراء للجمال الصافي المحيط بك !! مجرد سبعه ايام ... لم افتح التلفزيون ولم اتابع مباريات الكوره ولم اشاهد الافلام السينمائيه رديئه كانت او جيده الفن واحتميت من الضجيج والتلوث الصوتي وانكر الاصوات بنغمات الزمن الجميل .. انام وعبد الحليم حافظ يهمس " فحبيبه قلبك ياولدي نائمه في قصر مسحور" واستيقظ وفايزه احمد تلفني بصوتها " الورد كله ملا الجناين وانت اللي شارده منا ..ياتمر حنه " اشرب قهوتي النهاريه ومعي محمد قنديل " ياحلو صبح ياحلو طل .. ياحلو صبح نهارنا فل" اتآمل البحر الازرق تسطع اشعه الشمس فوق سطحه مرآه كبيره لامعه ومعي عبد الحليم يؤنسني " اعز الناس حبايبنا " امشي قدمي فوق النجيل الاخضر اسحب الكهرباء الزآئده والتوتر من جسدي يصاحبني صوت شاديه " يادنيا زوقوكي بالفرح والهنا " اجلس علي مقعدي المريح وامد قدمي امامي واشرب النعناع الاخضر الطازج ومعي صوت نجاة " ايظن .. ايظن اني لعبه في يديه !!" وحين اخرج من البحر منتشيه ببرودته الدافئه واجلس امامه احدق في الوانه الزرقاء الممتده امام بصري حتي نهايه الكون يصرخ عبد الحليم في اذني " اني اتنفس تحت الماء ... اني اغرق اغرق اغرق " ..هل تصدقوا ما حدث لي .... سبعه ايام اجازه صالحتني علي الدنيا المتعبه واعادتني لها اكثر حيويه واكثر نشاطا واكثر حبا للحياه اللعينه التي نعيش فيها تحاصرنا بحبها الموجع ... هل تصدقوا ماحدث لي ..... مجرد سبعه ايام اجازه رمموا البدن والنفس المتعبين بعبء وثقل بقيه ايام السنه !!! مجرد سبعه ايام نسيت فيهم نفسي ونسيت همومي ونسيت مشاكلي ومشاكلكم ونسيت الدنيا ..!!! لذا حين جلست اكتب لكم لم اجد ما اكتب عنه !!! عفوا .... انا مازلت خارج الخدمه .. مازلت بعيده عن الهم المحفزعلي الكتابه !! عفوا انا مازلت اعيش اجواء الاجازه استمتع بلحظاتها الاخيره كآنها " بومبونه " ذابت في فمي ومازال بقايا سكرها بين اشداقي استحلبه فرحا واستمتاعا !!!
الفقره الاخيره - هل تسمح لي اسآلك " اخر مره طلعت اجازه امتي ؟؟!!!"
نشرت في جريده روز اليوسف اليوميه في ٢٩ /٨ / ٢٠٠٧

عجبا مااري .......


سآلني احد البلداء مستنكرا " هل مازلت تندهشي ؟؟ " وقد اجبته بطريقه عمليه واندهشت من سؤاله في ذاته وتعجبت من بلادته واستغربت علي حال الناس وما" تحوروا " اليه فعاشوا ايام حياتهم لايشعرون بآنهم يفقدون يوما بعد يوما صفاتهم الانسانيه وخصائصهم البشريه واهمها القدره علي الاندهاش !!! وقد تتعجبوا من حديثي وتخالفوني رآيي وتعتبروا ان الاندهاش ليس احد اهم الصفات الانسانيه لكني اخالفكم الرآي ودعوني اسآلكم هل رآيتم يوما حيوان اعجم او طائر ابكم يندهش من اي شيئ حوله ؟؟!! فالحيوانات والطيور مهما كانت ذكيه تعيش فيما تعيش فيه لاتندهش مما تراه ولا تستغرب مما يرد عليها اما البشر فقد منحهم الله عقلا متميزا ومنحهم القدره علي الاندهاش من ضمن قدراتهم العقليه الفذه لكن الناس في بلادنا اعتادت علي ما رآته وما تراه اعتادت علي ما سمعته وما تسمعه اعتادت علي ما عاشته وما تعيشه اعتادت علي مااعتادت عليه وفقدت القدره علي الاندهاش !!! عجبا والله مااري !!!الناس في بلادنا فقدوا اهم صفاتهم الانسانيه وفقدوا قدرتهم علي الاندهاش فتجمدوا وثبتوا وماتوا الف مره كل لحظه اعتادوا فيها علي الاوضاع الغريبه المدهشه فلم يندهشوا !!! عجبا والله مااري !!!

سمكه هرمه ... و.... سمكه ذكيه



يحكي ان سرب من الاسماك عام في البحر تقوده سمكه ذكيه تعوم في مقدمه السرب تقود اسماكه خلفها تنحرف يمينا فيطاوعوها تنحرف يسارا فيسيروا خلفها يسلموا لها قيادتهم فان وقفت علي الرمل تآكل وقفوا معها واكلوا ما تبقي من طعامها وان نامت بقوا مستيقظين يحرسوها وان غضبت انقضوا علي الاسماك الصغيره يحاربوها وان فرحت صفقوا بزعانفهم يسعدوها ويوما بعد الاخر كبرت السمكه وشاخت وبطئت حركتها وفقدت تركيزها وتباطئت في عومها وتعثرت في خطواتها ونامت في قاع البحر طويلا لا تعرف عن متبوعيها اي شيء فسري السخط بين الاسماك واحسوا ان قائدتهم لم تعد تصلح للقياده وانهم سلموا انفسهم لمن شاخت وهرمت وعجزت ولم تعد تصلح لقيادتهم ......
وذات يوم استيقظت السمكه من نومها الطويل خبطت بزعانفها في الماء تدعو سربها تستعد للعوم بعيدا تبحث عن مكان خصب تآكل منه اعشابه اللذيذه لكن السرب لم يستجب لندائها فتحركت للامام تتصوره سيتبعها لكنه لم يسر خلف خطواتها وقفت غاضبه تنظر لهم فلم تري غضبهم ولم تري سخطهم ولم تري ما ينتوه ولم تفطن لخططهم وسرعان ما خرجت سمكه خفيفه صغيره ذكيه من اخر السرب وانقضت عليها ضربتها بزعانفها وغرزت اسنانها في لحمها الهرم واشتبكت معها وبقيه السرب يتابع القتال بين الاثنين ينتظر نتيجته ليحدد موقفه النهائي وسرعان ماانتصرت السمكه الصغيره ونحت السمكه العجوز الهرمه بعيدا ونظرت لبقيه السرب فاذ به طوع زعانفها مستعد للعوم خلفها فخبطت بذيلها تخبرهم بانها القائده الجديده فخبطوا باذيالهم انصياعا وقبولا وسرعان ما اطلقت جسدها الشاب في المياه كالسهم السريع والسرب كله خلفها تقودهم فينقادوا خلفها ..
و.............. حين هرمت السمكه وبطئت حركتها .... لم تري غضبهم ولم تري سخطهم ولم تفطن لما ينتويه السرب لها وسرعان ماانقضت عليها سمكه شابه ذكيه خرجت من اخر السرب ضربتها و" عضتها " و...... خبطت بذيلها للسرب تخطره بانها قائدتهم الجديده وسرعان ماانتظموا خلفها فاطلقت جسدها الشاب في المياه كالسهم السريعه وهم خلفها بقبول وانصياع ورضاء !!!!

21 أبريل 2008

هل تعذروني ؟؟؟؟؟


اعذروني ، فانا لااقرأ معظم الصحف والجرائد اليومية والاسبوعية التي تصدر في هذا الوطن ومااكثرها !! ولااتابع ماينشر عن المعارك المحتدمه ولا ما يتناثر من الحوارات الغاضبه ولا ما يدمي من المقالات العنيفه التي تفيض بها صفحات تلك الصحف واعذروني اكثر افصاحي لكم انني لم اعد اصدق كل ما قيل وكل ما يقال مهما تصور قائله او كاتبه قدر مصداقيته لدي القاريء او المتلقي ، اعذورني فاللهجات العالية النبرة الحادة النغمات المتشنجة التي تصدر عن هوي ولهوي في نفوس قائليها لم تعد تمس قلبي علي العكس صرت ابحث وبشغف عن مصلحه قائليها ولو كانت مصلحه خفية يبذلون كل الجهد لاخفاءها وتصوير والامر وكأن الصدفة التي قادتهم لما قادتهم له !!!! اعذروني فانا ايضا لا اتابع الفضائيات وبرامجها الساخنه الحاده المنفعله افتعالا المدعيه اهتماما مزيف بما يحدث في الوطن واكتفي حفاظا علي صحتي النفسية في هذا الوطن الذي يضج بالصخب والصراخ والعويل والمعارك المفتعله والكمائن المقصودة والصفقات الكريهه هذا الوطن الذي يعاني من حالة التربص بالاخر وكراهيته وانكاره ونفيه هذا الوطن الذي ادمن الكذب واستعذب النفاق اكتفي بالاستماع لآذاعة الاغاني استجلب قسرا بقايا واطلال الزمن الجميل وصدقه ترياقا يشفي من سموم الحاضر وامراضه المستعصية !!! هل تعذروني ؟؟

اغضبوا ....... !!!!!!!




منذ قرابة ثلاثين عاما ويزيد قرأت – كعادتي الاسبوعية - مقال الاديب والكاتب العظيم يوسف ادريس علي صفحات جريدة الاهرام فاذا به مقالا من نوع خاص لم نعتاده نحن مريدي ومحبي يوسف ادريس ، مقالا غير مألوف في الفاظه وموضوعه وهدفه !! مقالا يعبر عن احباط يوسف ادريس وونين لا يعبر الا عن الغضب ، انفجر فيه يوسف ادريس في وجه قراءه ووجه المصريين عموما يكاد يسبهم – من شده حبه فيهم وحرصه عليهم – فجاءت كلمات المقال مسموعة يدوي فيها صوت يوسف ادريس مجدولا بالمرارة والحنق يوجه فيه للمصريين جميعا الفاظا قاسية تكاد تفسر – لذوي النوايا السيئة – بأنها سبا في المصريين حيث لام الكاتب الكبير الشعب المصري علي قبوله العيش في ظروف معيشية مهينة وقاسية دون تذمر او غضب !! كان يوسف ادريس يصف بعض الاحياء السكنية التي يعيش فيها الناس خاضعين راضين قانعنين رغم ان مياه المجاري العطنة واكوام القاذورات والقمامة تحيط بهم وتحتل شوارعهم وطرق سيرهم ، يومها صرخ يوسف ادريس بصوت عالي غاضب هادر يلوم المصريين الذي قبلوا العيش وسط تلال القمامة يتنفسون روائحها القذرة دون تذمر او غضب ، يومها صرخ يوسف ادريس بصوت عالي غاضب يلوم المصريين الذين تحتل شوارعهم مياة المجاري العطنة الاسنة فاذا بالمصريين يتحايلون علي بحار القاذروات التي تحاصرهم ببعض قوالب الطوب يسيرون فوقها قفزا تحاشيا للغوص والغرق في المياة الخضراء الملوثة !! يومها صرخ يوسف ادريس وصرخ يحرض الناس علي الغضب ، يحرضهم علي الحكومة التي لاتكترث بامرهم ولاصحتهم ولاانسانيتهم فقبلت ان تخرج المياة العطنة من مجاريرها لتحاصر المواطنين في البيوت والقهاوي والمحلات ، صرخ يوسف ادريس يقول للناس بصوت تكاد تسمعه من وسط الكلمات مريرا غاضبا اسود اغضبوا لانسانيتكم المهدرة ، اغضبوا لعدم اكتراث الحكومه بكم ، اغضبوا لان ذباب القاذروات يقف علي وجوهكم ، لان ناموس المياة العطنة يلدع جلودكم ويشرب من دمائكم ، اغضبوا لان الحكومه تنظف الاحياء الراقية التي تعيش فيها ولاتهتم بالاحياء الشعبية التي تعيشون فيها ، واختتم يوسف ادريس مقاله بعد الغضب والغضب والغضب وبعد التحريض الذي احسه بلا طائل وبعد القسوة التي انفجرت من صدره في وجوه قراءه ، اختتم مقاله بالتشفي في الشعب الصامت القانع الراض العاجز وكآنه يقول لهم " تستحقوا !!!!!!! " لا اعرف لماذا تذكرت تلك المقاله وتذكرت ذلك الغضب وتذكرت ذلك التشفي في هذه الايام .... لااعرف لماذا تذكرت يوسف ادريس المحب لوطنه وتمنيته حيا معنا ثم اشفقت عليه مما يحدث فينا هذه الايام واحسست لو ان العمر طال به حتي يومنا هذا لمات الف مره كل يوم غضبا وكمدا وحزنا !!!!!!!

النيران الصديقه !!!!!!!!!


ازمة منتصف العمر هي الازمة التي يتعرض لها الكثير من الناس في مرحلة الاربيعنيات وبعد ان يكون زهو الثلاثينات واندفاع العشرينيات قد ولي وحين تلوح في الافق القريب الخمسينيات بهمومها والستينيات بأفولها فيقف الانسان مع نفسه مرة ، يتأمل حياته علاقاته عمله نجاحه اخفاقه انجازه اولاده اختياراته يتأمل كل ما مر فيه ويتوقع ما سيمر فيه ويلتقط انفاسه ويفكر مع نفسه هل هو راضي عما وصل اليه ، هل هو قانع بما حققه ، هل هو سعيد بما وصل اليه هل هو ساخط بسبب ما حرم منه !! ازمة منتصف العمر ببساطه تعبير شائع اطلقه الناس علي الوقفة التي يقفها الانسان مع نفسه بعد ان تمر عليه السنوات ويذهب شبابه او يكاد ان يذهب وتلوح للانسان افاق النهايه واقترابها فيقف ويسأل نفسه عما انجز في حياته وهل هو راض عن انجازاته وطبيعتها ام يتمني ان تعود به الايام للوراء ليصحح اخطاءه ويسير بحياته في مسار اخر غير هذا الذي قاده الي ما وصل اليه ولايرضي عنه ... واكم من رجال وقفوا تلك الوقفة مع انفسهم فاذ بهم يكتشفون ان النساء التي قضوا بجانبهم اكثر من نصف العمر الواعي لايعجبوهم ولايحبوهم لكن في نفس الوقت لا يقووا علي الافصاح عن مشاعرهم تجاهمم بعد ان تشاكبت اوجه الحياة وتداخلت الذمم الاقتصادية واوعية الاموال وملكية الكراسي والكتب فاذا بالافصاح عن المشاكل مشكلة ولااعني مشكلة عاطفية بل اعني مشكلة اقتصادية مالية ، واكم من نساء وقفن تلك الوقفه مع انفسهن فاذا بهن يكتشفن ان العمر قد ضاع وتجاعيد الوجه قد ظهرت وخصوبه الرحم قد ولت وبشائر سن اليأٍس علي الاعتاب تشير الي اقتراب دقات النهايه وان النفس الذي ادمن رائحته هو سبب غضبهن المستمر المتصاعد من الحياه ويكتشفن النساء ان التغيير الذي هربن منه حتمي وان الزهق الذي خنقهن بفعل ايديهن وجبنهن و" ضل الحيطه " ازمه منتصف العمر وقفه من النفس تهدف بالاساس للمصالحه مع النفس والارتياح الحقيقي واكم من ضحايا سقطوا علي معبر ازمه منتصف العمر حين يكتشف الانسان ان حياته لا تعجبه وان ما تبقي منها يستحق الحفاظ عليه فيتعين علي الانسان استرداد نفسه المفقوده ولو كان بثمن باهظ وسقوط ضحايا اعزاء بالنيران الصديقه ...

دراعي اليمين ......





قال المصريين قديما " لو دراعي اليمين ظابط بوليس اقطعه !!!"
وهكذا اختصر المصريين تجاربهم المريرة مع الشرطة التي خافوا منا وخشوا من افترائها عليهم الي الحد الذي اختاروا قطع ذراعهم الايمن القادر علي العمل للبعد عنها وانهوا اقوالهم المأُثورة ب " يابخت من بات مظلوم ولا بات ظالم " وعاشوا في مواجهة الشرطة بشعار " ابعد عن الشر وغني له " وتفاخروا فيما بينهم بأنهم " عمري مادخلت قسم بوليس " ...
فالمصريين وللاسف – ولاسباب تاريخيه لامجال للخوض فيها او ذكر تفاصيلها - لايشعرون ان الشرطة وجدت لحمايتهم او للدفاع عنهم بل هي في وجهة نظر المصريين اداة الحكومه الباطشه في مواجهتهم !! وامام الشرطة وسلوكها لم يكتفي المصريين بقطع ذراعهم اليمين بل بالغوا في الامر ووصفوا ضابط الشرطة واي جندي تابع له واي مخبر يعمل تحت امرته بأنه " الحكومة " .....
وهكذا افصح المصريين عن دفين احاسيسهم فالضابط هو الذي ينفذ اوامر الحكومه التي يخافوا منها ويخشون بطشها فصار الضابط والعسكري والمخبر والحكومه كلها في سله واحدة وقد ازدادت الفجوة بين الشرطة والشعب وتزايد النفور بين الطرفين فلم يعد الصراع بين " العسكر والحرامية" كما كنا نلهو صغارا ولم يعد العسكر والطيبين في ناحية والحرامية والاشرار في ناحية اخري بل صار الصراع بين العسكر والحكومه من ناحيه والشعب والمواطنين من ناحية اخري .....
وقد ساعدت الشرطة نفسها علي زيادة الفجوة بينها وبين الشعب فبعد ان كان شعارها " الشرطة في خدمة الشعب " صارت الشرطة في خدمة القانون والحكومه التي وضعت القانون في مواجهة المواطنين الخاضعين للقانون والحكومه في أن واحد !!!




نبضه ناقصه.......!





الله ما اجعله خير ، دعاءا يغلفه التشاؤم ، يلحق بالضحكات والسعاده ، اتقاءا لشرهما ..
لكن ذلك الدعاء لا يمنع القدر ولا يؤخره ،ففي لحظه – دائما - غادره مفاجأه ، يغادرنا احد الاحباء ويذهب !! ليخلو مكان اخر في الدائرة ويعشش الحزن في النفس ويتملكها !!
و الدائرة ، هي المحيط الذاتي الخاص ، المكون من اشخاص منتقاة محببه الي القلب ، اشخاص تهدر ايام العمر في انتقاءهم ، منهم ومعهم وبهم يكون للحياة ، الحياة الخاصه الشخصيه ، مذاق مميز يعجبنا ، ان هؤلاء الاشخاص قاطني الدائرة الخاصه بطبائعهم المختلفه ، وادوارهم المتشابكه ، ومشاعرهم المتباينه ، هم كل العمر الفائت والقادم ، لكل منهم دور ولكل منهم عطاء لايعوضه اخر مهما كانت معزته ومحبته وقيمته !! و من كل وجودهم يستمد القلب نبضه ، ان غاب ايهم ، ضاعت من دقات القلب دقه ، وبقي حي ينبض لكن بنبضه ناقصه!!
يالها من ايام غريبة قاسية جافة مريرة ، تلك التي مازلنا نحياها ، ونحن نفقد بعض احباءنا الواحد تلو الاخر ، ياله من يوم غريب ذلك اليوم الثاني ليوم الفقد ، ذلك اليوم الذي نستيقظ فيه من النوم ونحن نبتهل الي الله ان يكون الفقد وهما والموت كابوسا والحبيب حاضر ومازال .. نستيقظ ونحن مازلنا احياء دون الحبيب الذي غادرنا ، نستيقظ لتحاصرنا الحقيقة ، بأن الحبيب ذهب ، وان الالم الذي نحسه فعلا سيبقي ليصاحبنا ايام طوال ، في ذلك اليوم الثاني نستيقظ من النوم احياء لنتأكد وقت ذاك مرة ثانيه وعاشرة ان امس كان هناك شخصا نحبه ولم يعد موجود معنا ، ولم يبقي منه الا ذكريات واحداث غير مرئية تلمع في الذاكرة و الخيال لتلمع معها الدموع تكوي الاعين والقلوب ,, والامس القريب الذي نتألم منه اليوم يستحضر معه الامس الاخر البعيد الذي فقدنا فيه حبيب اخر والذي تألمنا منه فعلا وتصورنا ان المه انتهي !! والالم الحي الطازج الذي يشعل في بقايا قلوبنا نار حارقة ، يستجلب معه الالم البعيد المتحجر فوق قلوبنا ، ليكون ذلك اليوم الذي استيقظنا فيه عذاب متصل يطول او يقصر حتي يلحقه يوم اخر نفقد فيه حبيب اخر وهكذا تدور الدائرة علينا وعلي ايامنا سلسلة مترابطه من الحزن الحاضر والقديم ومابين هذا وذاك نعيش رعب الفقد الجديد وانتظاره !!..
ان كل حبيب نفقده ، يسلخ من قلوبنا شريحه ، هي تخصه فقط ، اليس حبيبا ، و اليس مكانه شغاف القلب يسكنها !! ان كل حبيب يذهب يستولي معه علي قطعه من نفوسنا ومشاعرنا واحاسيسنا وحبنا ويتركنا معوقين بسبب فقده وفقد جزء من انفسنا !! ان كل حبيب نفقده ، يغادرنا ومعه قطعه من طمأنينه أنفسنا للعالم الذي نعيشه ، ذلك العالم الشخصي الذاتي الخاص الذي نحبه مثلما هو ، نحبه بكل شخوصه المنتقاة يكمل بعضهم بالنسبه لنا البعض ، هذا العالم الشخصي الذي نحبه ومازلنا ، بكل شخوصه أي ماكانوا .. هذا العالم المرتب ترتيبا محببا جميلا ، يتساند فيه كل شخوصه علي بعضهم البعض ، يتكاملوا ، يتوافقوا ، يتناغموا ، بحيث يصبح وجودنا ووجودهم وحده واحده نحبها ونحبهم .. فان غاب احد الاحباء ضاع منا ، نحن الاحياء ، بعضا من ذاتنا وبعض من وجودنا وكل وجودهم ، فنبكي الحبيب الغائب ونبكي انفسنا و بنتابنا الفزع علي بقيتهم وبقيه وجودنا وانفسنا ، ولنعيش الايام التي ما بين الحزن والحزن مرتاعين من الحزن القادم حتي يأتي !!!
هاهو الحزن يعود ، الملابس السوداء و الوجوه الشاحبه والعيون الحمراء ، والطقوس المكرره التي اعتدنا كراهيتها و القيام بها ، المياة الدافئة للغسل ، وكولونيا الليمون الرخيصة لمنح الجسد المتيبس رائحه قابضه تطغي علي رائحته الخاصه ، هذا الجسد الذي كان امس شخصا و اراده وقرار و مشاعر و دورا مهم في حياتنا ، هانحن نتلو الايات في اذن الجسد الاصم عشرات المرات وندعو له وهو لايسمعنا من كل قلوبنا الملتاعة المتألمه بالرحمه وحسن الختام .. هاهي الدموع تقفز من عيوننا اطواف وراء اطواف ، وتشهق انفاسنا بشهيق متألم تخنقه الدموع ونحن نري الحبيب ، الحبيب الذي فقدناه ، يغادرنا ويترك لنا مشاعرنا الجريحه ، بعد ان تحول الي جثمان ودعاء وذكريات و الم لاينتهي ودور غائب لايعوضه غيره ولن يعوضه ..

20 أبريل 2008

الزبال .. حامل الاحلام ..!!!!!


( ١ )
وقفت العروس في صالة المنزل المزدحمة بورود ليله العرس و اوراق الشيكولاته الفارغه الا من فتات صغيره ملقاة في جنبات الصالة ، تلف حول نفسها ، مرتبكة ، لاتعرف مشاعرها ،تشعر فرحا بأن ليله الفرح مرت ، ام غضبا ان الرومانسية التي حلمت بها تبخرت بسبب تجاهل زوجها الحبيب لتصوراتها الفارغه عن الحب وليلته الاولي ، وقتها جمعت باقات الورد الذابله ، و اوراق الشيكولاته المجعده ، و كبستهم جميعا في كيس اسود للقمامه ، ومعهم ليلتها الاولي ،وفتحت باب الشقة وتركت بجوار العتبه للقطط الشارده والزبال ، ودخلت لتواجه بقيه حياتها مع الرجل الذي اختارته فاختارها ..
( ٢ )
خرجت السيدة من غرفه نومها ، تلملم اوراق الكيلينكس في قبضه يدها ، تلك الاوراق الرطبه المكرمشة ، وبحثت عن كيس الزباله ، تدفنها فيه ، ومعها احباطات الليله العاشرة للزواج السعيد ، فقد تحول الزواج السعيد الي عاده ، تقضي سريعا ، وتترك اثارها علي فخذيها سائل رجولي ، يعبر عن انتصارات الزوج و نشوته ، يحرقها ، فترفعه من فخذيها و من علي الملاءة بمناديل ناعمه لاتترك اثارا ، مناديل تتكوم ، وتدفن في كيس الزباله ، الذي ينتظره الزبال بشوق ليعرف حال السيدة التي لايعرفها ، ولكنه يعرف من كيس قمامتها حالتها النفسية و تطور زواجها السعيد ..
( ٣)
خرجت السيدة من المطبخ ، تخلع مريلته ، و تفرك كفيها لتزيل اثار السواد الذي كسي اصابعها ، وهي تطهو لزوجها طبق لايحبه ولن يحبه ، تدخل الحمام تنظر في المرأة فتري سوادا كسي وجهها ، ليس من اثار الطهو ، انما من اثار حرقه الدم التي اصابتها ، بسبب لزوعه كلامات زوجها الحبيب ولزوجتها ، فهاهي بعد الزواج السعيد مازالت لا تشبعه مثل امه ، ويبقي طعامها ملقي باهمال مثلها علي الرخامه ، حتي تمل منه فتفرغه في كيس القمامه الاسود ، وتلقي به علي عتبه الباب يسيل لعاب القطط الشارده جوعا وهي تتابع كيس القمامه الاسود المغلق باحكام ، ذلك الكيس الذي ينتظره الزبال بترقب ، متحسرا علي حاله وحال الزوجه التي لايأكل زوجها طعامها اللذيذ ..
( ٤ )
تدخل السيده المطبخ ، تفرغ الطفايات الكريستال من قشر اللب ، ذلك الصديق الذي امضي معه زوجها امسيته ، و عكر رائحه فمه بمذاقه اللاذع ، وتركها تتابعه بملل حتي تثائبت فلم يتحرك ، وحتي غفت سريعا فلم يتحرك ، واذ افاقت وجدت الطفايات قد امتلئت مثلها ، فأفرغتها ولم تفرغ غضبها ، و تركت زوجها الحبيب و اللب ، يتقاسمان الامسية البارده ونامت بعد ان بلعت قرص مهدي ، القت بشريطه الفارغ في جردل القمامه الفضي المجاور لسريريها ، ليجده الزبال صباحا في قاع الكيس الاسود ، فيمصص شفتيه حزنا علي مصير العروس التي لم يراها بعد ، لكنه يحفظ كل امسياتها و يدعو لها بالفرحه التي لن تأتي ..
(٥)
جمعت السيدة علب البيرة الصفيح الفارغه في حضنها الفارغ ، و سارت بها لتلقيها في كيس القمامه الاسود ، احست من حضن الصفيح البارد دفئا لاتجده ، وقفت ثانيه امام الكيس الاسود ، تنظر في قاعه كأنها تنظر في اعماق نفسها ، فارغه مليئه بالتفاهات التي لامعني لها ، فارغه مليئه بكل الاشياء التي لا يحتاج اليها احد ،احست توحدا مع الكيس كأنها ستقفز فيه ، ترقد في قاعه ، لكنها افرغت حضنها من الصفيح البارد وعادت ، لتجد زوجها الحبيب ضخم الكرش من اثر السوائل الكثيرة يهرول في طريقه لدوره المياة يفرغ مشاريبه وطاقته ، يترنح من اثر السكر المهدر علي تنظيف الكلي بدلا من ترقيه المزاج ، وفي الصباح حمل الزبال كيس القمامه الضخم الخفيف ، و ابتسم ساخرا متسائلا عن اثر البيرة علي مزاج العروس ، لكن شريط المهديء الفارغ جرح اصبعه بنصله الحاد ، فافاق من تساؤلاته ، وادرك ان كليه الزوج قد غسلت واعصاب الزوجه قد ازداد التهابها ، فدعا لها بالراحه ، وحمل كيس القمامه و اكمل مهمته الكريهه ..
( ٦ )
فتح الزبال كيس القمامه علي عتبه الشقه ، هش بكل قوته القطط الشارده متوحشه ،تنازعه علي محتويات الكيس ، بعثر قشر اللب و علب البيرة الفارغه و شرائط المهديء ، فحص اوراق الكلينكس ، هي نظيفه الا من مخاط الانف دون اي سوائل اخري ، احس بالحسره علي العروس ، فضرب الجرس ، وحين فتحت له الباب بعيونهاالمرهقه ونظراتهاالجائعه و جسدها الممشوق ، مد كفه بحذر وترقب ، راقبته ، مده اكثر ، اندهشت ، مده اكثر ، ثم تشجع وطبطب عليها يواسيها ، واعطاها ظهره مسرعا وحمل كيس القمامه وهرول ، فلم يري علي وجهها نظرات الامتنان ، فحنان كفيه ، اعطاها امل ان احلامها تلك التي رمتها في كيس القمامه ، عثرت علي من يستحقها ، ولو كان زبال ..


لله في لله !!!!!!!!





انا مثل المصريين جميعا - او اغلبهم - لا احب الحكومه ... لا احبها " كده لله في لله " ....

فكلمه الحكومه عندي مثل الملايين من ابناء وطننا تعني ثله مسئولين لايحبونا ولا يفكروا فينا ولا يكترثوا لحالنا ولا يهتموا بحياتنا ... الحكومه هي " حبه " مسئولين جلسوا علي مقاعدهم لاسباب لانعرفها وبقوا فيها لاسباب لانفهمها ورحوا عنها او سيرحلوا عنها بقرارات لم نشارك فيها ....
الحكومه هي " حبه " مسئولين لم نقرر اختيارهم ورغم هذا هم اللذين يقرروا في حياتنا ما يشاءوا ويصنعوا بحياتنا ما يحلوا لهم .... الحكومه هي التي تقرر في السياسه والاقتصاد ونحن اللذين نخضع لقراراتها وننفذها طوعا او جبرا وندفع الثمن الباهظ لتلك القرارات " عجبانا او مش عاجبانا !!! "
..... ولان قرارات الحكومه لا تعجبني وسياساتها لا تروق لي كنت ومازلت لا احب الحكومه .... الحكومه هي زوجه الاب التي تستيقظ من نومك يوما تجدها داخل منزلك " تآمر وتنهي " وتقرر لك ماذا ستآكل ومتي ستنام !! يعلوا صوتها في سماء منزلك باعتبارها صاحبه القرارات العليا !!!
وانت - وكل ابناء زوجها - اصحاب الحقوق الاصيله في ذلك المنزل تتحولوا في يوم وليله لضيوف - غير مرغوب فيكم - عندها تطيعوا اوامرها وتنفذوا تعليماتها وتنافقوها ربما خوفا او يآسا او " من باب ترييح الدماغ " !!! لكن جحا رد علي سائله " بتحب مرات ابوك " فاجاب " ليه وانا اهبل !!! " ...
فلخص جحا في نوادره القديمه علاقتنا بالحكومه التي لانحبها لاننا "مش هبل"!!!

هل اطلب منك الكثير ؟؟؟؟؟





سآلته قبل ثانيه من توقيعها علي ورقه الطلاق ... هل اطلب منك الكثير ؟؟
ان تفتقدني ،ان تنتظرني ،ان تلمس مشاعرك احاسيسي .. هل هذا كثير ؟؟؟ ان تعطيني قليل من وقتك وتترك بقيته لنفسك تبدده كما يحلو لك ،ان تشغل الثواني القليله التي اعجز عن الانشغال فيها ... هل هذا كثير ؟؟؟؟ ان تحدثني لانك ترغب في الاصغاء لي ،ان تنصت لي لان رايي يهمك ،ان تجلس بجوار يقظا تمنحي قليل من انتباهك ... هل هذا كثير ؟؟؟
لمعت عيناه الزجاجيه وتحركت مقلتيه الحجريتين وصمت طويلا ... 
امسكت القلم واعدت نفسها للتوقيع علي الورقه وانفجرت شفتاها بابتسامه ساخره وهمست لنفسها فلم يسمعها .. ان كان كثير فانا طماعه جدا وانت ميت جدا !!! 
ووقعت باسمها كاملا وتنفست الصعداء واتسعت ابتسامتها اكثر واكثر !!!

من غير ليه !!!!!!!


ليه قررت اكتب ...
علشان اعرف اعيش واستحمل الحياه الجافه اللي احنا عايشينها ..
علشان جوايا كلام عايزه حد يسمعه ويفكر فيه ويتفاعل معاه ..
الكتابه عزف دائم يحتاج مستمعيه
ليه قررت انشر علي المدونه ..
بحثا عن من يسمعني
كلماتي نغماتي همساتي فرحي حزني همي احلامي امنياتي
علشان مااقضيش حياتي اكلم في نفسي ومحدش يسمع صوتي غير ودني ...
علشان اتواصل مع البني ادم اللي معرفوش
اللي حيتفاعل مع كلامي ويرد عليا
وناخد وندي فنفضل عايشين ...
ل
يه باكتب وحانشر ...
من غير ليه !!!