12 مايو 2013

علقة ساخنة ... "" من ذكريات الصيف " !!!ا



كنت صغيرة جدا ....
وكانت عشة جدي في رأس البحر ، بجدران خوص ، وشرفه خشبيه ....
قريبه من البحر لدرجه ان صوت اشباحه في الليل تخلع قلبي وانا ملتصقه في الحائط نائمه بجوار جدتي علي فراشها الوثير ..
الشمس توقظنا فور ماتسطع في السماء ، جدران العشه لاتقينا وهج الشمس ولا حرارتها ..
استيقظ لاجد الفراش خاليا وجدتي في المطبخ وجدي في الشرفة يشرب القهوة ، وابي وامي يتضاحكان علي جنب من الشرفه في حديث لااسمعه ، اوزع قبلاتي علي احبائي واجلس علي ساق جدي الذي ينادي جدتي بصوت عالي وحاسم ، ياهانم ، لتأتي ومعها طبق كبير من لقمه القاضي او اللوكومادس كما كان يطلق عليها البائع الصغير وهو يتجول بصينيته الكبيرة مغطاه بشاشه بيضاه في الشوارع الرفيعه بين العشش ، يناديه جدي ليدخل العشه من باب المطبخ ، تستقبله جدتي وتشتري كل مامعه وتخرج بها للشرفه ، فتتناولها الاصابع المدربه علي القنص وبسرعه قبلما تبرد ، تصبيرة حتي تجهز جدتي الفطار !!! 
بسرعه نخرج للبحر، نجلس تحت الشمسيه الكبيرة وانا وبنات خالتي ومعنا خادمه صغيرة تحمل الماء البارد والسندوتشات ، رأسها مغطاه بايشارب قبيح ابيض ، تنفذ تعليمات جدي الذي ترتعد من صوته ، امها في البلده الريفيه التي يملك جدي نصف ارضها وابيها يزرع في قيراطين يمنحه جدي بعض محصولهم ، جدي اقطاعي ، نسيت اقول لكم ، قاسي علي الارجح مع الفلاحين متعالي بالضرورة عليهم كما تعلم من ابيه ، عيونه الزرقاء تخيفهم لكني احبها ، كنت اتمني الخادمه الصغيرة تلعب معنا لكن جدي امرها الا تفعل فلم تخالف امره ابدا ، تخاف منه ، حاولنا نغريها تنزل معنا البحر ، لكنها تخاف الموج العالي والبحر الهادر وتخاف جدي ، اكره الخادمات الصغيرات ، اكره العائلات التي تحرمهن من طفولتهن وتقهرهن علي الخدمه وتصادر رغباتهن المشروعه في اللعب واللهو ، من خلف ظهر جدي ، اسحبها لشاطيء البحر ، ادع الموج يلامس قدميها فتضحك واضحك ، في مثل عمري ، لكن حظي جعلني حفيده العمده وجعلها الخادمه ، اكره هذا الحظ ولااجد فيه اي منطق ، لم تدخل المدرسه وكيف تفعل وهي تخدم جدتي طيله النهار وتنتظرنا حتي نعود من المدرسه لتحمل عنا حقائبنا !!! طفولتها المقهورة تعذبني طيله الحياه ومازالت ، شعرها الحليق والايشارب الابيض القبيح والفساتين القديمه التي ترتديها وحرمانها من اللعب ومن نزول البحر واجبارها علي حمل الاطباق بعد الغدا وغسيلها و................. في الليل نتحلق حولها ، تحكي لنا عن بلدتها الصغيرة وعن الارانب البيضاء التي كانت تلعب معها ، تحكي لنا عن العيش السخن اللي خارج من الفرن ، تحكي عن النداهه التي حذرتها امها تخطفها في الليل ، تحكي لنا عن اخيها الصغير الذي ارتفعت حرارته من الحمي فلسعوه بالسيخ في ام راسه وخف لكن بقي اهبل مابيعرفش يساعده ابوها في الغيط ، في الليل نتحلق حولها في طرف الشرفه وتحكي لنا حكايات عن بلدتها الصغيرة وعن امها التي وحشتها وعن ابيها اللي جابها مصر وسابها وعن فستان العيد اللي وعودوها بيه ولم يشتروه وعن الحلق الدهب اللي قلعوه لها من ودنها لان الحراميه بتسرق الدهب وتقتل العيال الصغار ، تحكي وتحكي ، احسها اكبر منا واذكي ، كيف يحتفظ عقلها الصغير كل تلك الحواديت ، اهمس لها انت صاحبتي ، تفتح عينيها فزعا تخاف من جدي يضربها وجدتي تلسعها بالشوكه الساخنه ، هل جدي شرير وجدتي شريرة ، بالعكس ، جدي كان رجل طيب وحنون ، يمنحنا الارواح والكراميلة ويشتري لنا شوكولاته ، وجدتي تاخدني في حضنها وتدعو لي وتشتري لي فستان العيد وحذاءه اللامع ، اسال نفسي ، ليه طيبين معايا وشريرين معاها ، سؤال لم اعرف اجابته حتي كبرت ، علموهم ان الصغيرة خادمه والخادمه لاحقوق لها وتشكر ربنا اننا جبناها هنا وخرجناها من الجله اللي كانت عايشه فيها ، كدت اهمس لهم لكنها لاتشكر ربنا وتحب بلدتها وابيها الحافي وامها الطيبه وتحب تنام فوق الفرن اكثر من النوم علي البطانيه الخشنه وبلاط المطبخ ، كدت اهمس لهم ، لن تشكركم ابدا ، فهي لاتفهم لماذا انتزعتوها من حضن امها واجبرتوها تغسل الاطباق ومنعتوها تنزل البحر وتلعب معنا واصريتم تحلقوا لها شعرها بالموس !!! لن تشكركم ابدا مهما كنت ساده طيبين ، لانها لاتفهم لماذا صارت خادمه وصرتم سادة !!!! 
و....................... لازم تنزلي البحر ، اقنعتها فصدقتني ، نزلت البحر وتشقلبت بين الموج وضحكت ورششنا بعضنا بالماء واحتفظنا معا بالاصداف وعندما عندنا للبيت ضربنا معا علقه ساخنه من جدتي ، ضربنا معا وشتمت هي باقذع الالفاظ لكنا بعد العلقه اختبئنا في الحجره بجدرانها البوص ونحن نضحك ونضحك !!! 
يومها لم تشعر انها خادمه واني ابنة السادة وصرنا اصحاب !!! 
همست لي ذات يوم ، انها تحب البحر وان العلقه الوحيده التي فهمت سببها كانت بسبب نزول البحر ، وانها نسيت العلقه وتذكرت البحر وسعادته ، همست لها ، اني احب البحر وان العلقه الوحيده التي لم افهم سببها كانت بسبب نزولها البحر، واني ابدا لم انسي تلك العلقة ............... 
ومازال الموج الصاخب يذكرني بضحكها وفرحتها !!! 
ومازالت اكره ذلك التقسيم المستبد المستفز للبشر باعتبار بعضهم سادة وبعضهم خدم بكل مايعنيه هذا من ظلم وقسوة !!!! 

"" الصورة من الانترنت ولاعلاقه لها بي ، مجرد صورة مناسبه للموضوع ليس اكثر ""

هناك 3 تعليقات:

Mafrousa يقول...

حلوة اوى

walaa tulip rose يقول...

نظل نتعلم كلما مررنا بتجربة وغالبا نتعلم ولا نفهم حتي نكبر فنفهم وللاسف نفهم جيدا ولكن لا نستطيع ارجاع الزمن .. رااائع في كل زاوية رئينا صورة واضحة تثير الفكر .. تحياتي

غير معرف يقول...

مجدي السباعي
احساسق صادق دائما
وداخلك ثوري متمر و"عاقل ""
لاتتعجبي