26 أغسطس 2009

دموع رمضانيه !!!!!!






قبل رؤيه هلاله بيوم
ين ثلاثه اربعه تتراكم الدموع تحت جفوني تكاد تنهمر سيلا جارفا كاني "اتلكك" للبكاء !!!
لاافهم لماذا يا
رمضان تحزني لهذا القدر وهذه الدرجه؟؟؟؟ اسمع "اهلا رمضان " وابكي .. اسمع " وبعوده الايام يارمضان " وابكي ...
اتذكر كل الاحزان المتراكمه التي اختار القدر لها رمضان الكريم شهر ميلاد عن دون بقيه ايام السنه!!!
وحزن فوق الاخر يتراكم ودموع حارقه فوق دم
وع وفرار لااقوي عليه من رمضان الذي احبه لكنه اوجعني ومازال يوجعني!!!
في البدايه لم انتبه ان دموعي تستعد لرمضان مثلي بالضبط ، لم انتبه ، حتي لاحظت اني اصوم وابكي واصلي وابكي واجهز الطعام وابكي واسمع اذان الشيخ محمد رفعت وابكي وتراتيل النقشبندني وابكي واحشو القطايف وابكي واشتري فوانيس رمضان لابنتي وابكي واعد الولائم وابكي ، كان رمضاني الخاص هو شهر الدموع المختزنه ، كان رحمته الواسعه تشملني فتطهرني من كل دموعي الحبيسه داخلي ، ابكي وابكي وابكي وحين يشدون " والله لسه بدري بدري ياشهر الصيام " امسح دموعي وينتهي الموضوع لتتراكم من اول جديد استعداد لرمضان المقبل !!!!!!!
لماذا ...... سالت نفسي ؟؟؟ كل هذا الحزن كل هذا البكاء كل هذا الشجن كل هذا التوجع ؟؟؟؟
في السنوات الاخيره كنت اظن ان موت امي وافتقداها طيله الشهر الكريم وهي التي ماكانت تفارقني ابدا في سنوات مرضها الاخيره تشاركني مائده افطاره ونشرب الشاي معا ونتابع المسلسلات سويا ، كنت اظن موت امي مفجر دموعي وسببه !!! لكني انتبهت اني ابكي منذ زمن بعيد قبل موت امي وقبل مرضها !!!! اقضي رمضان ابكي وابكي !!!! وقررت اكتشف السبب افهمه ربما لن اتوقف عن البكاء لكن من الهام والضروري جدا افهم سبب بكائي المستمر !!!!!! وعدت لذاكرتي انقب فيها افتح صفحاتها المطويه استخرج اوجاعها الدفينه الملم دموعي المتناثره فوق دفاتر حزنها ابحث عن رمضان فيها و............. فهمت سبب دموعي !!!!!
اتذكر رمضان الاول في وعيي مع جدتي العجوز في منزلنا الريفي ، لااذكر اي رمضان سابق عن ذلك الرمضان ، هو اول رمضان اعرفه وينتبه وعيي لوجوده ، كانت جدتي تطعمني افطاري النهاري ثم تطالبني بالصوم بقيه اليوم وكان البيت " فاضي " صامت يخيفني وحين تتسلل الظلمه لجنباته ويعلو صوت الاذان من جامع القريه تدعوني جدتي للاكل انا وهي فقط ، طفله في الثالثه وسيده هرمه عجوز في السبعين ، نجلس في الظلمه نحدق في بعضنا البعض لاافهم كل مايحدث لكنه يخيفني ، لم افهم اين كانت امي واين كان ابي ، لم افهم لماذا انتزعوني وقتها من حضنهم وابقوني اسيره البيت الكبير ، كنت ارتعد في فراشي ليلا وانا في حجره خاويه بارده صامته اري الفلاحات يتشحن بالسواد يزرن جدتي اشباحا ليليه مخيفه يبتسم في وجهي فتلمع اسنانهن الذهبيه تزيد رعبي فاختبيء تحت اللحاف احتمي به من مخاوفي و........ " عايزه ماما " !!!! .....
وسرعان ماجاء رمضان اخر ، قضته امي تبكي وتبكي عازفه عن الاكل شاحبه ، تغيب كثيرا عن المنزل وحين تعود تنفجر في البكاء وتلقي ببدنها الهزيل علي المقعد تبكي وسرعان ماكشفت سر حزنها الذي احتل نفوسنا فلم نسمع فوازير الراديو ولم نشعل شموع الفوانيس ولم ناكل الكنافه الساخنه بالقشطه ، سرعان مامات ابيها الذي قضي ايامه الاخيره يحتضر في رمضان وسرعان ماارتدت امي السواد وحملتنا مثل الحقائب لمنزل ابيها قوافل من المعزين العشرات تلو العشرات وصوت القرآن ونهنهه البكاء والعويل المكتوم يحيطوا بنا من كل جانب ورحل رمضان حزينا واتي من بعده العيد حزينا بلا طقوس فرحه و.... ظلت امي ونحن معها تبكي ابيها كل رمضان !!!
و........ قبض علي عمي الاكبر في القضيه السياسيه التي اسموها وقتها " قضيه مراكز القوي " وقضي في محبسه شهورا طويله وكان عمي حبيبي وراس العائله وعقلها الراجح ، ودخل رمضان علي عائلتنا حزينه مكسوره القلب ، لم نتجمع علي موائدهم العامره باطايب الاكل بل تبارت عماتي في الطهو لشقيقهن يرسلن له الطعام في السجن ممزوج بدموعهن وشوقهن وقلقهن المخيف عليه وافتقادهن الجارف له ، وذات يوم عاد ابي قبل الفطار لمنزلنا مكفهرا حزينا تحسه مقهورا ، القي لفافه في يده فوق مائده الطعام واحتجب في فراشه حتي وقت الاذان ، تحلقنا حول المائده صامتين نكاد لا نتنفس لانفهم سبب صمته الحزين ، فتحت امي اللفافه الملقاه باهمال علي المنضده فاذ بها ثلاث قطع رقيقه من اللحم البارد و٥ اصابع محشي ورق عنب وفطيرتين ، لم نجروء علي سؤاله ماذا حدث ولم يحن علينا بتفسير يبدد الكآبه الموحشه التي احتلت منزلنا وفجآ انفجر ابي في البكاء وسرعان مالحقنا به لا نفهم سبب بكاءه ولا سبب بكاءنا وترك المنضده وقام ، وبعدها بساعات طويله عرفنا انه اخذ تلك اللفافه من " جروبي " وتوجه لباب السجن الحربي حيث يحتجز شقيقه الاكبر وتوسل للحراس وهو القاضي ان ياخذوها منه ويسلموها لشقيقه وجبه حب في يوم رمضاني كئيب لكنه لم يستجيبوا لتوسلاته فعاد بلفافته خنجر في قلبه تذكره بعجزه وقله حيلته و" حبس شقيقه " و......... وبعد عام خرج عمي من السجن وغادر الوطن للكويت اقام فيها سنوات طويله وبقيت اللفافه وورق العنب ورمضان يذكروني بكل القهر الذي احتل نفس ابي الشامخ وابكاه !!!!
في رمضان ....كنت اجهز ثوب زفافي الابيض ، وارتدي الطرحه الطويله العب بها اتخيل شكلي في الزفه واضحك ، فحفله زفافي اقتربت ولم يعد متبقيا عليها الا اسبوع ورمضان اوشكت ايامه علي الانتهاء وتجهز امي كعك العروسه وتجهز عماتي فساتين بناتهن ونستعد جميعنا للفرح ، واستيقظت في السادسه صباحا بعد نوم ساعتين ويمكن اقل علي عويل تليفون لاينقطع عن الرنين ، والو ولااسمع الا صوت محشرج والو ثانيه وصوت نهنهه وفي النهايه فهمت ان العريس قبضت عليه المباحث في قضيه سياسيه وكان قد تخرج توه من الجامعه التي كانت تموج بالحركات الاحتجاجيه علي معاهده الصلح مع اسرائيل وتتزين حوائطها بمجلات ورقيه ينفس فيها الشباب عن غضبهم من النظام السياسي الذي تصالح مع العدو !!! واشعلت سيجاره ابكي ونسيت اننا في رمضان وتآجل الزفاف وتآجلت الفرحه و.... انتهي رمضان وفي اول ايام العيد لم اتذوق كعك العروسه بل مسحت دموعي المالحه التي سقطت فوق طرحه الزفاف التي تكومت في "قعر" الدولاب حزينه مثل صاحبتها !!!!!
في رمضان ..... ومنذ سنوات قريبه كانت امي راقده فوق فراش موتها في احدي المستشفيات الخاصه تعود من الغيبوبه لتعود اليها ، اجلس بجوارها حزينه ارقب انفاسها ويقظتها ، احلم بها سليمه معافاه كان مرضها كابوس افقت من قسوته لكنه كان حقيقه موجعه تلتهم جمال وحنان امي الحبيبه ، واعلنت دار الافتاء ان غدا هو اول ايام شهر رمضان الكريم فانفجرت في البكاء حزينه اعلم ان هذا الرمضـــان هو الاخير في حياه امي وبكيت وبكيت وحين فتحت الممرضه الطيبه باب الغرفه تهنئني بالشهر الكريم لم تجدني كنت في الشرفه ابكي وحيده بعيدا عن امي التي حالت غيبوبتها عن ادراك كل مايحدث حولها ، وحضر اصدقائي الاعزاء لزيارتي وقت السحور وجلسوا معي في ردهه المستشفي نتسحر والاكل لا يبلع ودموعي لاتكف عن الانهمار ..... وخرجت امي من المستشفي وماتت قبل رمضان اللاحق وبقيت ابكي امي وفقدانها و" كده برضه يارمضان انا واخده علي خاطري منك " !!!!!
في رمضان ...... ماتت اخت زوجي - وقت ذاك - وتركت خلفها صغيرتين يتيمتين يخلعا القلب وتركتنا نساء الاسره نعد الولائم للمعزين الذين حضروا من اخر الدنيا يواسونا في الشابه الصغيره التي ماتت وفجعتنا !!!!!
في رمضان ....... طلقت فجآ !!!!!
في رمضان .... ماتت جدتي ام ابي وكنت احبها جدا وبكيت يوم رحيلها كما لم ابكي في حياتي !!!!
في رمضان ....... جلست علي سلم منزل احدي العائلات الصديقه قبل الافطار بدقائق ابكي وحدتي وزوجي - وقت ذاك - في المعتقل لااعرف مصيره ، ذهبت اليهم فرارا من وحدتي وخجلت من طرق الباب عليهم وقت الافطار فجلست ابكي علي السلم ادعوا الله اي يفتحوا الباب صدفه ليجدوني امامهم واستجاب الله دعائي وفتحوا الباب وجدوني اجلس علي السلم باكيه خجله فاحتضوني بحبهم فازداد بكائي وحين ارتفع اذان المغرب في السماء لم اكل ولم اشرب وبقيت ابكي وحدتي وخوفي و...... كده برضه يارمضان !!!!
في رمضان الماضي .... اصاب نزيف بالمخ عمي الاكبر واختطفه من وسطنا فمات ولم " الحق " ادعوه علي افطاري السنوي وبكت عائلتنا عميدها واحن رجالها وبكيت انا بشكل خاص صديقي الجميل الذي مات ولم يودعني !!!
في رمضان .... كنت وابنتاي في لندن ، نستعد لعمليه خطيره في العمود الفقري لابنتي الصغري التي احتجزتها المستشفي ليله رمضان استعداد للعمليه الخطيره التي تقرر لها يوم اول رمضان ميعاد لاجراءها !!! استيقظت هرعه اعرف ان مشرط الجراح سيشق ابنتي بعد ساعات قليله ، جلست في المطبخ انصت للقرآن وابكي خائفه علي زهره قلبي ..... وحين خرجت ابنتي من غرفه العمليات سليمه معافيه اتصلت بالقاهره لاخطار ابي بسلامتها فسمعت صوت الشيخ محمد رفعت يؤذن لصلاه المغرب فبكيت فرحا وافطرت علي طعم دموعي المالحه التي انهمرت شكرا لله ان بركه رمضان - كما قال الطبيب الانجليزي المسلم - صاحبتهااثناء العمليه الصعبه واخرجتها لي بالسلامه!!!!!!
في رمضان ....... ابكي وابكي كآنه شهر البكاء المقدس فكل الاوجاع التي بصمت المها علي قلبي عشتها في رحاب ايامه !!!
في رمضان ....... اضع يدي علي قلبي وادعو ربنا يرحمني برحمته الواسعه ويهون علي وينسيني ذكرياتي الموجعه واتمني لو اكف عن البكاء !!!!


هناك تعليق واحد:

مها العباسي يقول...

مع المحن تاتى المنح
النوت دة ماليان شجن بيتقرأ بالقلب مش بالعنين بس