29 أغسطس 2015

تأملات عن العشق وفيه ...




لايحافظ علي " ألق " العشق شده الاقتراب ولا الالتصاق ولا الملازمة ، ولا طول الوقت ولا كثرته ، ولا دوام المصاحبة ولا استمرار الوجود ، يحافظ علي ألق العشق ، استمراره متوهجا رغم البعد ورغم الغياب ، استمراره متوهجا موجودا رغم الغياب رغم البعد ، والتوهج يثمره التشارك التفاهم الفهم الاحتواء الونس الحماية ، يثمره كل هذا رغم بعد العاشقين ، والبعد لايعني اغفال ولا الغياب يعني تجاهل ، بل يعني ان لكل من العاشقين وجوده وماهيته وحياته التي يتشارك فيها مع الاخر الذي يكمله يتممه ولو من بعد وعن بعد ....
العشق معادله معقده ، أفسد فهمها ومعناه بين الكثيرين وعندهم تأثير عوامل مختلفه علي معني العشق ووجوده ، ك الاطر الاجتماعيه والقانونيه والدينيه ،  الاعراف والتقاليد ،  النسق القيمي الاجتماعي ،  الضرورات الاقتصاديه والالتزامات القانونيه ، كل هذا تداخل بتأُثيراته ومتطلباته ووجهات نظره علي العشاق ليفسد مابينهما بزعم الحفاظ علي كل هذا والخوف منه وعليه ...
العشق علاقه طوعية ، هي منتهي الرضا منتهي المني منتهي الامل منتهي البهجه ، بشرط ادراك وفهم عميق لدي طرفيه عن معناه ، العشق التزام كبير بين طرفيه بل عندهما وبينهما هو الالتزام الاكبر ، لايحتاج اوراق ولاتوقيعات ، ولا ضمانات ولا التزامات ، فاذا فقد احد العاشقين الوهج قبل الطرف الاخر ، لن يجدي اي شيء اخر بعث الروح في ذلك العشق اي ماكان مصدره ديني او تشريعي او اجتماعي ...
العشق انجذاب ومشاركه وتواصل وونس ، ولايعني ايضا ولا فقط الانسجام في العلاقه الحميمه بين الطرفين ، نعم الانسجام والسعاده مهم وضروري بينهما لتكامل عشقهما ، لكن العشق لايعني فقط ذلك الوجه والنوع من المشاعر ، فربما عاشقين لم يتلامسا بعد ، وربما طرأ عليهما طاريء حال بينهما والتواصل الجسدي المؤقت ، لكن هذا لايعني افساد عشقهما ولا فساده ، فالعشق اوسع واكبر واشمل من مجرد التفاهم او الانسجام الجسدي ، العشق تكامل بين بعضين لايكتملا الا وقتما يعثرا علي بعضهما البعض ، ويدركا رغم الاختلافات بينهما وربما التناقضات ، ان سعاده كل منهما وتوهجه واكتماله لايكون الا بوجود الاخر ، وطبعا لااعني الوجود المادي المباشر وكما قلت ولا الملازمه ولا الالتصاق ولا شده القرب ، الوجود بكل اشكاله ومعانيه ، المعنوي منه والمادي ، المكاني والذهني ، الوجداني والعاطفي ، فالعشق يفترض ان كل من العاشقين موجود دائما وفي كل جزيء من الثانيه مع الاخر يشاركه حياته ولو كان لايصاحبه فيها ولايعرف حتي تفاصيلها ، يشاركه حياته واهتماماته وافكاره ومشاعره ، حزنه فرحه بهجته تعاسته ، موجود دائما وفي كل جزءمن الثانيه يشاركه حياته بكل تفاصيلها ، هو الحاضر الحاضر او الحاضر الغائب ، لكنه الحاضر دائما والذي لايغيب ، هو الذي يمنح حياه الاخر قوتها ومعناها الاعمق ودفئها وونسها ، العشق يمنح العاشقين وجوده بينهما ومعهما ولو تباعدا ولو غابا ، فكل منهما يسكن الاخر ويحتله ولايغادره يشاركه مشاعره واحساسيه وتجاربه وتفاصيلها ، كل منهما للاخر الوجه المصاحب له والروح التي تسكنه وتعيشه وتعيش معه مايعيشه وهذا كل يمنح كل من العاشقين المعني الحقيقي والاعمق لوجودهما عاشقين ..
العشق ظاهره طبيعيه يسري عليه قوانين الطبيعه واحكامها ، فالدفء من قرص الشمس لايحتاجك تلتصق بها ولا تذوب فيها ويكفيك سطوعها رغم كل البعد لتشعر بالدفء وحين يختبيء قرصها خلف السحب لاينفي وجودها ولا ينفي تدفئتك باشعتها ولو غابت بعض اللحظات ، دفء العشق مثل دفء الشمس لايحتاجك تلتصق بالمعشوق ولا تذوب فيه ، بل يحتاجك تدرك انه يدفئك قريبا كان او محتجبا ، حاضرا او غائبا ، لانه صار معني الدفء فعلا وليس مجرد اداته ، بل صار هو المعني ...
العشق ظاهره طبيعيه بين ارواح تلاقت وماكان لها تعشق الا بقيتها ، ارواح خلقت لتتلاقي ، وحينما تتلاقي وتلتقي ، تكتشف في انفسها معا معني التكامل الذي يملأ الخواء الكبير الذي يحتل روح كل منهما قبل لقاء الاخري ، العشق ليس اعجاب بشكل او بافكار وليس اعجاب بملامح ولا جسد ، وليس اتفاق بين العاشقين علي وجهات النظر ، العشق شيء اعقد كثيرا يشمل كل هذا واكثر ،يشمل الامتلاء الروحي بديلا عن الخواء ويشمل التيه بالاخر وربما هو ليس الاجمل ولا الاكثر تأنقا ولا خفه ظله ، لكن العشق يمنح عيون العاشقين وقلوبهما تيه بالاخر ، تيه يجعله في عينه كل شيء ولاشيء سواه ، يجعله في عينه كل شخص ولاشخص سواء ويجعله في عقله وروحه كل معني ولامعني سواه ، ارواح خلقت لتتلاقي وتملأ بوجودها معا بعلاقتها بالرابط الخفي بينهما تملأ الخواء الكبير الذي يحتل روح كل منهما وحده ، واكم من عاشقين لايفهم غيرهما مالذي يربطهما بل ويتمادي ويسأل مالذي يعجب كل منهما في الاخر ، الاعجاب سطحي والعشق عميق ، التلاقي الفكري يخلق اقتراب والعشق يخلق اندماج بين كلين يصيرا كلا واحدا ، الانجذاب الجنسي مؤقت والعشق دائم ، فاكم من عاشق لايبرء من عشقه ولو رحل المعشوق او مات او غاب وهجر ، لان العاشق هنا يعلم بالمذاق والتجربه ان احدا لن يملأ الخواء الذي يحتله الا معشوقه ولو غاب ....
العشق ظاهره طبيبعيه ، يخضع لقوانين الطبيعه ، وافسده البشر بمحاولة اخضاعه لقوانينهم وقواعده الاجتماعيه المتعسفة ، العشق يختلف عن الحب ، الحب احساس سطحي مهما قوي واحساس متكرر قد تشعر به صوب الكثيرين وفي نفس الوقت ، اختك وجارك وكلبك وصديقك ، كلهم تحبهم لكنك ابدا لاتعشق اي منهم ، وهناك حب اقوي للام للاب للابنة للابن ، حب قوي عظيم ، لكنه ليس عشق ، فانت تحب كل هؤلاء بدرجات تختلف في القوة والاقتراب لكنك لاتعشق ايهم ، العشق للمعشوق فقط ، وحين تعشق معشوقك وعاشقك لايمكن لايمكن في نفس اللحظه تشعر ذات المشاعر بالقوه والعمق والتجذر تجاه اخر كائن من كان مهما كانت قوه مشاعرك معه ، العشق احادي فردي بين عاشقين وفقط ، اما الحب فيتكرر مع اناس كثيرين بدرجات مختلفه بانواع مختلفه ، البشر ساووا بين المعنيين العشق والحب فعانت وضاعت المعاني ، الحب احساس سطحي متكرر يشارك فيه الحبيب كثيرين وفرارا من اشكالية تكراره باشكال مختلفه ، قرر البشر ان الحب نوعين ، حب بريء لايختلط بمشاعر حسيه جسديه يكون بين الحبيب و الاحباء والاصدقاء والاشياء والحيوانات ، وحب يشوبه الحسيه والانجذاب الجسدي يكون بين الحبيب وحبيبه ، واعتبر البشر ان الحب لازم للزواج والمؤسسات الاجتماعيه ، واعتبروا قليله يأتي قبل الزواج وكثيره يأتي بعد الزواج ونتيجه للعشرة ودوامها ، واعتبروا ولو لم يصرحوا ان العشق بمعناه الحقيقه الذي لايتشابه فيه بالحب بالمعني السطحي موجود وفقط  في الاغاني والروايات وكتب الشعر ولايوجود في الحقيقه بمعناه الذي يوصف في اشكال الابداع المختلفه بل ويعتبروا بفرض وجوده لا فرصه لوجوده الا داخل المؤسسات والاطر الاجتماعيه ، واكم من زوجات وازواج ، وقعوا في وهم العشق مانحين مابينهم من شاعر وصف العشق ، بحثوا عنه بعدما اقتربوا والتصقوا وتزوجوا وعاشوا معا ، بحثوا عنه فلم يجدوه ، وصارت نكته مريرة ان الزواج يقتل الحب او ان الزواج شيء والحب شيء اخر ، والحقيقه ، ان الزواج لايقتل الحب ، الزواج يفرض الياته الاجتماعيه والاقتصاديه وواجباته فيفيق الزوجين من وهم الحب علي حقيقه الواقع ، والحقيقه ايضا ، ان معظم الازواج ليسوا بعشاق ، لان العشق لاينتقي مستوي اجتماعي ولاوظيفه ولا سن معين ولادين ، العشق يداهم العاشق ومعشوقه يملأ بهما ولهما ومعهما الخواء المحتل ارواحهما ولايجدي فيه انتقاء ولا اختيار ، انه التقاء قدري بين ارواح تائهه تجد مرساها وبقيتها وكلها مع عاشقها ومعشقوها ، الاحساس الذين تواطيء البشر علي تسميته بالحب تمهيدا للزواج ، ليس بعشق لانه يقوم وبالاساس علي الاختيار والمفاضله والانتقاء ، وهذا جميعه لايجدي بين العشاق ، هل معني هذا ان العشق اهوج يجمع العاشقين بشكل عبثي دونما توافق ، بالطبع لا بل ويتناقض هذا ايضا مع معني العشق ، فاذا كان العشق هو مليء الخواء المعذب لروحين تلاقيا علي العشق فصارا واحد متكاملا ، فلايمكن ان يكون هذا التكامل بين المتضادين المتناقضين غير المتشابهين ، لكني اقول ان العاشق او العاشقه لايجلس ويضع ساقا علي ساق وينتقي هذا او تلك لتكون معشوقتي ، بل العشق يداهم اصحابه ويكشف لهما قبل اي شخص اخر قدر التوافق والتفاهم والاتفاق بينهما ولو لايعلمون باعتباره شرط لازم واساسي وضروري للعشق ... 
قلت واكرر العشق ظاهره طبيعيه ، تخضع لقوانين الطبيعه وميقاتها وماهيتها ، فالارض العطشي الحبلي ببذورها لاتروي بالامطار كل يوم ، لها ميعاد ينعشها ويمنحها الحياه ، ولها قدر يمنحها الوجود ، ولو زادت الامطار طوفانا لغرقت الارض ومات خراجها ، لم يكن قانون الحياه ان تمطر الدنيا كل لحظه وترتوي الارض كل لحظه ، بل كان القانون ، بعض الامطار في وقت محدد بطريقه معينه فتستمر الحياه وغير ذلك تقتل وتموت ، هكذا العشق والعاشقين ، يقتربا كعناصر الطبيعه في وقت محدد بقدر محدد فيمنحها ارواحهما وبعضهما وكلهما الحياه ، ولو تحول العشق لطوفان لغرق العاشقين وفقد كل شيء معناه ومات كالارض الغريقه ...العشق له مواسم كالحصاد ، يمنح العاشقين اجمل مافيه وعنده ، بقدر لايغرق ولايعطش ، بقدر لا يميت بل يحيي ، واي خلل بالزياده او النقصان يميت ولايحيي ، وكل عاشقين يكتشفا مع بعضهما ولبعضهما قانونهما الخاص وميقاتهما الخاص والقدر اللازم لهما معا ليعيشا ويثمرا اجمل مافيهما وعندهما فلاقانون عام يسري علي كل العشاق ولايطبق عليهم جميعا بذات الالية والمعني ...
العشق ظاهره طبيعيه ، تتجاوز التناسل والتزاوج والحفاظ علي النوع ، دون انكار لاهميه العلاقه الحسيه ودورها في اتمام التكامل والكمال بين العاشقين ، لكن العاشقين لايقفا امام العلاقه الحسيه ولا يسيعيا اليها فقط ، ليس شبق ولاانجذاب حسي ، بل في العشق تقوم العلاقه الحسيه الجسديه بنوع من اتمام التكامل والكامل بين العاشقين ، احد اوجه التكامل بين روحيهما ومليء الخواء الكبير في نفوسهما ، احد الاوجه وليس كلها وليس اعظمها ....
العشق ظاهرة طبيعيه ، كالبرق والرعد ، نراه ونتصور اننا نفهمه لكنا ابدا لانسيطر عليه ولا نتحكم فيه ، ربما نحاكيه او نخترع شيء اقرب له ويشبهه لكنه ليس هو ، العشق كالبرق والرعد ، يومض في ارواح العاشقين ويبقي سطوعه وهاجا ولو سطع ورحل ، وهكذا العشق يومض في ارواح العاشقين في لحظه الاقتراب والتوهج ويبقي اثره ولو تباعدا وبعدا دون هجر او تجاهل ، العشق كالرعد لايمكن ابدا يأتي ويرحل دونما تنتبه اليه ويصم اذانك ويعلن عن ذاته وربما بشكل مخيف ، العشق ايضا يعلن عن وجوده في ارواح العاشقين ولاتخطئه عين مهما تواري او اختبيء او حاول الاختفاء ، انه ظاهره طبيعيه تتحكم هي في طرفيها وتسيرهم وفق لقوتها وجموحها واندفاعها ...
العشق هوس بين العاشقين ، يمد الوصل بينهما ويعيش كل منهما مع الاخر وفيه ويقربهما مهما ابتعدا كالقرب بين الانسان وروحه و نفسه مهما بعدت قريبه واقرب ، العشق هوس يكتب الشعر ويستجلب الدموع وفرحته توجع ووجعه يميت ، العشق يمد ارواح العاشقين بطاقات نور تنعكس جمالا وسطوعا وابتسامات تراودهما كلما مر الاخر علي خياله وبباله ، العشق لايفارق العاشقين ولا يبارح ارواحهما الا وقتما تبارح الروح الجسد لانه جزء من الروح وبقيتها وكلها ، واكم من عشاق بقوا علي العقد عاشقين لان ونس العشق لم يغادرهما رغم الرحيل المادي الحقيقي للاخر ولان معشوقه جزء من روحه وروحه مازالت حيه في جسده وبه ، واكم من عشاق فرقت بينهم السبل الجبريه فبقي العشق حيا بينهما رغم المنفي والهجر لانه بقيه الروح لايملكوا امامه الا البكاء علي رحيله دون قدره علي نزعه من ارواحهم ...
واكم من عشاق سخروا من الساخرين منهم بأنهم لايعرفوا ولم يذقوا ، ومن ذاق عرف !!!
واكم من عشاق حاولوا يشرحوا للساخرين منهم مايحسوه وفشلوا لان مايشعروه لايوصف ولايفهم بحق الا للاخر الذي يتكامل ويكمل ويسكن ويوصل ويتوهج ويتألق مع الاخر وله فقط ...
العشق يقين ، لايحتاج ادله ولابراهين ولااثباتات ولا دلائل ، يقين في ذاته يقوي العاشقين علي الايمان به وبانفسهما ، فطالما بقيا وعاشا طالما بقي وعاش فيهما ومعهما ، العشق يقين لايزعزعه بُعد ولايوهنه صمت ولايحتاج مايقويه ، فهو ذاته وجوده بين العاشقين دليل وايه عليه وعلي سطوته وجبروته ...
العشق اية من أيات الله سبحانه وتعالي تستجلب وتزيد من شكر العاشقين وحمدهما له طيله الوقت اسباغه فضله عليهم ومنحهم ذلك النوع من الوصل والتواصل والاحاسيس والمشاعر وهي المحجوبه عن الكثيرين مما لم يكتب الله لهم لقاء ازواجهم وبقيه ارواحهم ...


هناك تعليقان (2):

Isis of The Nile يقول...


"البعد لايعني اغفال ولا الغياب يعني تجاهل " ....
"العشق التزام كبير بين طرفيه بل عندهما وبينهما هو الالتزام الاكبر"
"بل يحتاجك تدرك انه يدفئك قريبا كان او محتجبا ، حاضرا او غائبا ، لانه صار معني الدفء فعلا وليس مجرد اداته ، بل صار هو المعني ..."
"انه التقاء قدري بين ارواح تائهه تجد مرساها وبقيتها وكلها مع عاشقها ومعشقوها"

.............. يسلم احساسك يا "أميرة" ... و تعبيرك

Ingy EL Banna

نورهان حسام يقول...

كعادتك "اميرة"