عندما انتقلت للعيش وبناتي في احد الاحياء السكنيه الجديده التي انشآت في السنوات الاخيره خارج حدود احياء القاهره المآلوفه وكان ومازال حيا جميلا له طابع معماري جميل والوانه مبانيه رقيقه ومتناسقه وشوارعه واسعه تزينها الاشجار والنباتات الجميله استيقظت وابنتي الصغيره بعد ليلتنا الاولي في المنزل الجديد نظرنا من الشباك فاذ بالشمس التي نعرفها اكثر سطوعها والسماء التي رآيناها كثيرا اكثر صفاءا والنسيم عليل جميل له رائحه مميزه والمباني المحيطه بنا زاهيه والهدوء بديع فلم نسمع صوت مزعج ولا جلبه فتح محل ولا صخب مدوي لمشاجرات الصباح وابواق السيارات علي العكس احتوتنا الاصوات الناعمه خليط من "زقزقه " العصافير وحفيف الاشجار وصفير النسيم الجميل فقبلتني ابنتي فرحه وقالت لي " صباح الخير ياماما " وكان صباحا جميلا فالهدوء والصفاء وتناغم الالوان والاصوات المحيطه بنا منحنا طاقه سعاده لم نعرف سببها وقتها وتصورنا ان الانتقال للبيت الجديد في ذاته اسعدنا وان " الغربال الجديد له شده " واننا سنبقي في تلك الحاله الجميله يوم او يومين بعدها نعود لعهدنا وسابق مشاعرنا وتوترنا وصداع الاستيقاظ وارق النوم و" ترجع ريما لعادتها القديمه !!!!"
لكن الايام مرت والشهور بعدها وفاتت سنه واوشكت الثانيه علي الانتهاء ومازلت استيقظ هادئه خدره الاحاسيس انظر من الشباك للعالم الخارجي فاراه جميلا كما رايته في الايام السابقه واري الوانه مازالت كماهي لم تبهت ولم تتلاشي واشم رائحه النسيم فاجده مازال عليلا محملا برائحه الاشجار و" الخضره " المحيطه بنا وانصت لصوت العصافير فاسمع نغماتها الجميله واري السماء اكثر زرقه والشمس اكثر سطوعا وانتظر دقات الصداع في رآسي فلا تآتي الا حين انزل القاهره التي تستقبلني بعوادم سياراتها وصخب شوارعها ومشاجرات اهلها والغضب المرسوم علي وجوههم والضيق الذي يحتل نفوسهم وهم يعيشون في مدينه مكدسه بالملايين سماءها منخفضه من كثره العوادم والغازات ومسببات التلوث البيئي العنيف شوارعها مزدحمه بكافه انواع المركبات والسيارات تغيب عنها الشمس الساطعه فلا تري منها الا اشعه عليله لا تسعد وتفر من سماءها الطيور المغرده فلا تسمع الا لفيف من الضجيج الموتر ولا تري الا القبح العشوائي السمج فلا تشعر الا بضربات المعاول في راسك تكسرها وتفتح حصونها للصداع الموجع يقبض عليها ولا تحس في معدتك الا بتقلصات دائمه ترسم علي وجهك ملامح تشبه ملامح الملايين اللذين يسيرون في شوارع العاصمه تراهم مهمومين يجرون اقدامهم تحسهم مرضي يتملكهم الاعياء و" القرف " !!!
وحين اترك القاهره خلف ظهري واقبض علي طريق عودتي للبيت وابتعد رويدا رويدا عن الازدحام والتكدس والصخب ينسحب الصداع من رآسي رويدا رويدا وتتباطيء تلقصات معدتي ثم تختفي واصل للحي الجديد الذي اقطن فيه فلا اجد الارهاق الذي كنت اعاني منه ولا الكسل الذي كان يخدر جسدي علي العكس احسني نشيطه مرحه فرحه واحس ان الحياه " حلوه " وان " الدنيا ربيع " !!!
ولااخفي عليكم سرا حين اقول لك انني لم انتبه لما اشعر به الا حين نبهتني ابنتي الصغيره لما نمر فيه وقالت لي " انا ماحسيتش ان المباني بتاعت مصر وحشه الا لما جينا هنا !!! "
وفي يوم اخر اسرت لي " انا كنت متعوده علي اللي باشوفه ومش باسطني لكن لما جينا هنا عرفت انه وحش وماكنش باسطني ومعنتش قادره استحمله " !!! وهكذا لخصت ابنتي المعادله التي نعيش فيها .... فالحياه داخل القاهره باحياءها المكدسه وسط سكانها الملايين في شوارعها الصاخبه بالقبح المعماري الرهيب الذي ينتشر كالسرطان في بدنها هي عقاب رهيب نعيش فيه ونعيشه يوميا !!!
نعيش فيه ونعيشه والاخطر ... اننا اعتدنا عليه !!!!!!
الحياه داخل القاهره عقاب رهيب ونحن جميعا لم نفعل ما نستحق عليه العقاب !!!!!!!!
هناك تعليق واحد:
بجد انا حسيت الكلام دة لما رحت مطرو
كل حاجة مختلفة الهوى مختلف لون الشمس لون السما
حتى السحاب جالى احساس ان انا لو مديت ايدى هامسكة
قد اية حسيت بالقبح الى احنا عايشين فية
حسيت ان احنا ظلمنا نفسنا لما لوثنا الدنيا من حولنا
وفى رحلة العودة
ابتدت الالوان تتغير تانى للاغمق
كانى بلعب بفلاتر فوتو شوب لحد الدرجة البلاك
وبجد يابختك بمنظر الشمس
يمكن انا بعيد برضة عن القاهرة
بس بموت لما اروح هناك
بس حتى هنا اتلوثت الطبيعة برضة
إرسال تعليق