لها مذاق خاص جدا !!! لا تعرفها حلوة مريرة لاذعه لكنك تحبها وتحب مذاقها !!!! انها روايه محمد العشري " تفاحه الصحراء " روايه قصيره ممضوغه كتبت في عجاله - ليس في وقت كتابتها من الكاتب - لكن في عجاله من امرها كآن الكاتب اراد يقبض علي لحظه قصيره يخشي نسيانها ضياعها فكتبها وهو يلهث وحين اعتقلها بين سطوره نام واستراح والقي بها للمطبعه !!!!
روايه غامضه حميمه تتسلل لداخلك وانت مندهش فسطورها لا توحي بذلك التآثير الذي ستتركه في نفسك وانت تقرآها تذكرك بعازف الناي النحيف الذي ينتقي وسط الصحراء وفي ظلام ليلها البارد نخيله صغيره يجلس تحت جريدها يعزف الحانه الحانيه لا يتصورك تسمعه ولا يعزف من اجلك لكنه يعشق نايه وموسيقاه ويطرب نفسه ويؤنسها في الليل الموحش هكذا هي تلك الروايه نغماتها هادئه حنونه كانين الناي وسط الظلمه يؤنسك لكنه لا يحتويك لا يخطفك لا يسرق لبك لكنه يتسلل لعقلك بهدوء وبطء وحميميه!!!!
رواية كتبها مبدع خليط من الحاضر الموحش المتوحش ومن الماضي المخيف الموحش الذي لم يترك بصماته علي جسد الوطن الا موتا مدفونا لا نعرف سبله ولا خرائطه ولا طرق النجاه من انفجاراته العبثيه ، خليط من البدويه الفطريه التي افسدتها المدنيه وافسدت نداوه مناخها برائحه البترول الدفين الذي تسعي المدنيه لاخراجه من باطن الارض التي احتضنته منذ الاف السنين واحتضنت معه وقبله كل اسرار الباديه التي تتلاشي تحت وطآه ضربات البريمات العملاقه المتوحشه !!! روايه كتبها رجل يعرف اسرار العلم يغلف به موهبته الادبيه ويمزج العالمين معا فتخرج كلماته - ببساطه وسلاسه وتدفق - لها ماهيه خاصه وايقاع خاص هي علم حقيقي وفن متوهج هي الاثنين معا مزيج جديد من تراكم المعرفه العلميه وابداع فني خاص ومتميز!!!
روايه لا تعرف ابطالها منذ اللحظه الاولي لاحداثها وحتي اللحظه الاخيره فيها ، لا تعرف ابطالها ، اهم البشر اللذين يتحركون امامك كالخيالات والاشباح تراهم ولا تراهم ، اهي الاحداث الانيه والتاريخيه التي تتحرك بين ازمنتها بلا عناء وبلا مشقه فتحسه زمنا واحد ممتدا لا ينتهي ولم ينتهي ، وسرعان ما تكتشف ان بطلها االرئيسي والاساسي هو المكان الرحيب الذي يحتويك منذ السطر الاول وحتي نقطه نهايه السطر الاخير ، سرعان ما تنتبه ان البطل الحقيقي لتلك الروايه الخاصه هو المكان الذي تحتله الان شركات التنقيب عن البترول واحتلته في الماضي الجيوش المتحاربه ، المكان الذي يسير فوق سطحه البشر والحيوانات ويعيش في باطنه البترول والالغام والجثث المدفونه ، المكان هو البطل الذي عقرت بطنه في الحاضر الشركات العملاقه بحثا عن الثروه وعقرت بطنه في الماضي الجيوش المتحاربه بحثا عن السطوه والمجد ، المكان هو البطل الذي تسعي الشركات العملاقه لاخراجه كنوزه وسعت الجيوش المتحاربه لدفن دمارها وموتها الاجل في بدنه نصيبا لكل الاعداء والمغامرين والقادمين في الزمن الاتي لا نعرف ماهيتهم ولا نآمن شرهم ، المكان - يامحمد ياعشري - هو بطلك الحقيقي المتآلق !!! فترينا جماله وغزلانه وكثبانه وقاطنيه بدو يحلموا بالفرار من واقعهم الابدي وتسمعنا - باختصار واقتضاب مقصود - حواديته التاريخيه عن " الضبعه " التي اغتالها الرجال خوفا وغدرا وهي التي امنت لهم فخلق موتها ثآرا تاريخيا لا ينتهي فيهجم زوجها علي الرجال في عقر دارهم يسلبهم الامان الذي تكاتف علي سلبه منهم - من اهل الباديه الامنين - كل القادمين من العالم البعيد جيوشا متحاربه شركات منقبه حيوانات شارده منتقمه شرسه!!!
كتب محمد العشري تفاحه الصحراء روايه خاصه جدا بدآ معركتها من عنوانها " تفاحه الصحراء " وكآن صحراءه التي يعشقها هي ذاتها الجنه التي اخرجت تفاحتها ادم من نعيمها ، كآن تفاحته الرمزيه التي لا نعرف ماهيتها - وكان يقصد ذلك - ستخرج قاطني تلك الصحراء من نعيمهم الذي يعيشوا فيه ولا يدركوا قيمته ولا اهميته لديهم !!! روايه خادعه ، تقرآ صفحاتها الاولي وحتي الاخير وانت لا تعرف مشاعرك هل احببتها هل احتوتك هل ستكملها هل ستلقيها بعيدا لكنها اسئله لا تعطلك عن القراءه ولا توقفك من التهام الصفحات !!! روايه بارعه لكنها خادعه قادك محمد العشري ببراعه فوق دروب خرائطها الوعره فيفتح لك طريق في الصفحه الاولي لروايته القصيره ويقودك علي ضوء شمعه واهن في مسالكها الشائكه وحين تصل للنهايه تكتشف انك مازلت مكانك اسير المكان والزمان والحاضر والماضي والشخصيات الغامضه المبهمه التي لم يفتح لك محمد العشري - عامدا متعمدا - صدرها ولم يجود عليك بقصصها ولم يستنطقها لكنه تركها تهمس في اذنك همسا منخفضا فتلهث خلف كلماتها حتي الصفحه الاخيره من الروايه تتوقع ان تسمع منها كل مافي صدرها وما في عقلها من قصص وحكم وعبر ودروس ووجع وسعاده لكنها - شخصيات الروايه - تخدعك مثل كاتبها ولا تبوح لك بما تعرف وبما كنت تتوقع !!!
حين انهيت الروايه وقفت احدق في غلافها اتصفح اوراقها كآني انتظر ان تقول لي اكثر مما قالت !!! ثم ادركت انها قالت ما رغب محمد لها ان تقوله فلمت محمد علي كتمانه وتمنيت لو ترك الروايه تبوح وترك ابطالها وشخصياتها تبوح وصبر عليهم وطول نفسه وكتب قدر ماكتب الف مره !!! لكنه فتح مسرحه واستعرض عليه مكانه وشخصياته استعراضا سريعا كآنه " يحنسنا " ثم تركنا وغادر واغلق المسرح وتركنا شوقي لما كنا سنسمعه ونشوفه ولما لم يقله ولم يعرضه !!!! براعه غريبه جدا !!!! قال ولم قل !!!! عرض ولم يعرض !!!!! بارع جدا لكنه قصير النفس في تلك الروايه بالذات كنت اتصورها عملا ملحميا كبيرا يستعرض تلك العوالم المتناقضه بين الحاضر والماضي بين المدنيه والبداوه بين البشر الغرباء اسري المكان الواحد !!! لكنه رسم لوحه بالقلم الرصاص واضحه المعالم لكنها قاصره ظالمه لعالمه الذي رسمه ذلك العالم الثري الذي يتحمل الف جداريه تتفجر بالالوان الحيه الصاخبه !!! هل انتهت هذه الروايه مع نقطه السطر الاخير الذي كتبه محمد !! لا اتصور فتلك الروايه لم تكتب بعد ولم تبدء بعد ولم تقل كل ماستقوله ولم تعرض كل مايستحق العرض !!! رسم محمد اسكتش الروايه الملحميه التي يحتاج فيها لصبر ايوب رسمها في عجاله مشروعا غير مكتملا يشير لعمل ضخم سوف يكتبه في يوم من الايام !! كان محمد اختبر عالمه وادرك انه متمكن من كل ادواته ومفرداته وحواديته فالتقط انفاسه وجلس بجوار عازف الناي سعيدا طربا بانغامه التي يعزفها لنفسه يعد نفسه للمعركه الكبري التي ستستغرق سنوات طويله من حياته سيحكي فيها عن الصحراء وتفاحتها البراقه ، كآن محمد العشري اختبر معارفه وعلمه وفنه وابداعه في تلك المخطوطه تمهيدا للجداريه التي ستستغرق سنوات طويله من حياته وتنهك نفسه وقلمه وتحفر اسمه عميقا في عالم الابداع الصاخب !!!! تفاحه الصحراء ... اسم روايه خادعه لم تكتب بعد تفصح لك بما سوف يكتب في المستقبل عن ذلك العالم الحي الصاخب الغريب الخاص جدا ، تفصح لك عما ستراه وعما ستقرآه في المستقبل في العمل الملحمي القادم فتبقيك اسير لها تنتظر وتنتظر وانت سعيد فالجواب بيبان من عنوانه والعنوان الذي خطه لنا محمد العشري باهر ومبهر يستحق منا الف انتظار !!!!! ويامحمد ياعشري لا تضيع وقتك في المخطوطات القصيره فانت تملك وتجيد ما يتيح لك ان تبدع بمايتناسب وموهبتك وفنك وعلمك فلا تبخل علي نفسك وعلينا !!!!!!
ياصديقي المبدع ....
...... احببت شيخك المحب الذي اسرته الاجنبيه وسرقت قلبه ولبه ونفسه وابقته يتمني نظره لم تمنحها له وتمنيت اجلس بجواره اسمع منه ماشاهده ومااحسه لكنك اختطفته بعيدا عنا !!
و...... احببت الفتي الصغير الذي حلم بالعمل في الشركه لكني كنت اتمني اري حاله بعد ما التحق بالوظيفه التي تمناها لكنك اغلقت عليه الباب وتركتنا خلفه لا نعرف ماذا يحدث في الداخل !!!!!!
و.......... ياايها العازف النحيل للناي عزفك تسلل لقلبي لكن نفسي عطشي لصخب رهيب اسمع دبيب خطواته بين صفحات الروايه صخب لا تقوي علي الحانه ولا تقوي علي نغماته الهادره !!! فلتفسح الطريق لمن سيتم العمل ويكشف لنا كل اسراره وكنوزه !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق