09 يناير 2009

الرقص علي نغمات الهزيمه المعتادة ....




مسحت دموعي ورميت المناديل الورقيه بعيدا وهرولت غسلت عيني الحمراوتين ، اذكر نفسي بكل وعودي التي قطعتها علي نفسي بالا احزن والا اكتئب والا اضعف والا احس غضبا من نفسي التي تخذلني في بعض اللحظات وتتآثر بكل مايحدث حولها وتنهار وتجذبني معها لقاع البئر التي فررت دوما من مياهه الثقيله الممزوجه بالدماء الساخنه اللزجه ، ذلك البئر الذي انقذت نفسي كثيرا من السقوط في هاويته في كل الايام الكثيره التي دفعتنا دفعا لقتل انفسنا بكل احداثها الموجعه المخزيه واشعرتنا باننا لاشيء ابدا فكدت القي نفسي في البئر اخلصها من ايامها المتعاقبه الثقيله ثم جبنت في اللحظه الاخيره وفررت من امام حافته وتمسكت بالحياه التي تمسكت بي لتوجعني وتوجعني!!!
مسحت دموعي نفيا لحزني وانكارا لتآثري بكل مايحدث حولي ، ارطب جفوني الملتهبه بالماء البارد عله يعيد لحدقتي بريقهما ... حدقت في المرآه اتآمل ملامح وجهي اشد باصابعي الطبقات المتهدله من جلدي تحت عيني وعلي طرف وجنتي ، اخترت احمر شفاه قرمزي ساطع وزينت به وجهي لكنه بقي علي حاله تعب كئيب ، تذكرت ما قرآته ماسمعته ماشاهدته كاد عقلي ينفجر ورآسي تتناثر عظامه وانا اسيره المقعد الوثير مشلوله الجسد عاجزه حتي عن الصراخ . انهالت دموعي تكوي وجهي وقلبي احسستها شظايا حارقه وصلتني وانا مختبئه بعيدا عن الخريطه التي اشتعلت في تضاريسها الحرائق ، مسحت دموعي رفضا للحزن الذي لا اعرف احساسا غيره منذ نعومه اظافري مسحت دموعي تمردا علي القهر الذي ادمنت مذاقه المرير مسحت دموعي غضبا من الاستسلام الكامل للهزيمه التي القت منذ الستينيات شباكها حولي واسرتني ووطني وخريطتي ومقبره جدتي وصندوق ذكرياتنا وابقتني حيه ميته تمتلآ رئتاي بالمياه المالحه لكني لااموت واستريح ولا اعيش واحيا !!! اشعلت الموسيقي العاليه .. لكني مازلت افكر .. رفعت صوتها اعلي واعلي ... لكن صوت رآسي مازال يدقها عظامها .. رفعت الموسيقي لاعلي ما يمكن رفعه .. ارتج الزجاج حولي يكاد ينفجر شظايا ... انتقيت اجملي فساتيني .. انيق .. يلف جسدي يبرز مفاتنه وانوثته المؤجله .. دسست قدمي في حذاء جديد بكعب عالي اعد للاحتفالات التي لم ادعي اليها من زمن بعيد ، تسللت دمعه من طرف عيني فوق خدي حرقته ، شددت منديلا ورقيا بعصبيه تمزق بين اصابعي المتشنجه وفركت ببقاياه وجهي وعيني ، لا ارغب في مزيد من الدموع ، افر من الاحزان ، ابتسمت ابتسامه مرسومه الصقها ببراعه فوق وجهي المتوتر توحي كآني سآموت من السعاده ، الف بذراعي اجدف في الهواء اتمني اطير احلق فوق الكآبه التي عششت في قلوب الجميع ، اتمايل بجذعي فوق الموسيقي ، اتثني ، اقذف شعري بعيدا يعود لوجهي يغطيه اقذفه ثانيه يطير يحلق احسني عصفورا خائفا من اصوات القصف التي تدك مدينه الغرباء التي انكر صلتي بها واتجاهل اي علاقه وشيجه بيني وبين شهداءها الكثر ، ادق الارض بكعب حذائي الجديد يدوي الصوت يتضافر والموسيقي الصاخبه العابثه ، ادق بكعب حذائي اعلي واعلي كآن اقول كنت هنا مشيت فوق هذه الارض التي لم تعد تعرفني ولم اعد اعرفها فذرات ترابها معجونه بدماء ساخنه تلتصق ببطن حذائى الايطالي الفاخر وتفسده وتحزنني !!! عجبا حزني يقف علي عتبتي جفني دموعا فياضه وفيره جاهزه للانهمار في كل ثانيه لكني افر من حزني ومن دماء الشهداء ومن دوي طلقات المدافع المكتوم صوتها في اجساد الصغار يسدون فوهتها ببقايا اجسادهم الصغيره ، افر من كل هذا واخلق لنفسي عالم وهمي ازينه باصداف البحر اللامعه والورود المجففه واللوحات الردئيه وزجاجات العطر الثقيل التي اسكب قطراتها اللزجه في كل مكان هربا من رائحه الموت التي تحتل سماء كل مدنها المقهوره ، اخلق لنفسي عالم جميل لا اسمع فيه شعر المكتئبين ولا عويل الضحايا ولا مرثيات الامهات التي تدفن ارحامهن امام اعينهم والحبل السري بينهم وبين الاطفال الابرياء لم يقطع بعد ، اخلق لنفسي عالم جميل لا اشاهد فيه نشرات الاخبار ولا اسمع البيانات الحماسيه ولا احضر حلقات الذكر التي نمزق فيها اوجههنا لوما ونحن نصرخ في انفسنا وفي الاخرين " لوم لوم - غضب غضب - عجز عجز " وافر من امسيات التآبين التي تزينها جثث الضحايا مرسومه فوق ورق غالي الثمن " لميع " واختبىء من ركام الجثث الساخنه التي تعلو تلالا عاليه تسد عين الشمس ، اهرب منها وادفن نفسي داخل نفسي واستعد لحفله الرقص التي دعيتني اليها وحيده اراقص نفسي ادعي سعاده لا اصدقها ولا احسها ، ادور بجسدي مع نغمات الموسيقي بخطوات متعثره لا اعرف هل ارقص هل انتفض خوفا هل اقفز رعبا هل تتقلص جزئياتي غضبا ، تفيق راسي وسط الضجيج الصاخب تزعجني ، لا ارغب في الاجابه واهرب من وضوحها ، فانا سعيده ارقص في حفله الرقص التي لم ادعو اليها غيري ، ارقص فانا مازلت حيه مازلت غاضبه مازلت متآلمه فاره من كل مايكبلني كل ما يكسرني كل ما يحاصرني متمرده عليه وارقص !!
اغلق عيني واذني وقلبي فلااستمع للوم الغاضبين اللذين يجلسون فوق مقاعدهم الوثيره غاضبين متخمين من كثره الاكل يتابعون بكل اسي وحزن وعجز وغضب نشرات الاخبار المتلاحقه التي تحاصرهم هي ومدافع العدو وقذائفه تقذف الجثث الممزقه في منازلهم فيتلقفوها سعداء راضين بعجزهم وقله حيلتهم فالجثث التي تلفظ انفاسها الاخيره علي شاشاتهم و تموت امام اعينهم تهون عليهم رعبهم شللهم غضبهم جبنهم يتلقفوها بحب ورضا فكلما تمزقت اوصال الجثث وسالت دمائها وصرخت ارواحها الما وغضبا كلما فاض ضميرهم الوطني بمشاعره المنتفضه حتي الثماله فيترنحوا في اماكنهم يكتبون شعرا غاضبا ونثرا موجعا يترنحوا في اماكنهم من شده الوطنيه التي ادمنوا المها ووجعها وحزنها وغضبها ، يكتبوا مرثيات للوطن والروح ويلحنون العويل اناشيد نرددها في سرادقات العزاء ويلتقطون د
موعنا ينسجوها عقودا يخنقوا بها اعناقنا ثم يغلقون التلفاز ويناموا تحت الاغطيه الكثيره الوثيره ويرتفع صوت شخيرهم اعلي من دوي المدافع !!
مازلت ارقص وحيده اغمض عيني كآن اشحذ الولوج في قلب الموسيقي التي تلفظني فلا يدوي في اذني الا عويل الباكين يلعنوا زمنهم الجبان الذي اختصر الاخوة والابوة والبنوة في نشره اخبار حزينه يدفع القتله المجرمين الرواتب الوفيره لمذيعيها البارعين كي يشيعوا باصواتهم الرخيمه الحزينه الاكتئاب والكمد والهم بين اوصال الامه العاجزه ، ويقتلوا عمدا ومع سبق الاصرار والترصد اي امل وكل امل في اليوم وغدا وابد الدهر فايه رجوله يمكن ان يحسها رجل عربي يري امه واخته وابنته تقتل امام عينه وهو جالس امام التلفاز ينتظر نداءات زوجته الحبيبه كي ياكل طعام الغذاء بشهيه ونفس .. وايه خصوبه يمكن ان تنفجر من رحم اي امرآه عربيه وهي تري بنتها وحفيدتها وامها وجدتها جميعهن يوآدن تحت وابل النيران قليلات الحيله الا من بضعه صرخات وبضعه قطرات من دموع سرعان ماستجففها شمس الشواطيء التي تستلقي الامه تحت اشعتها بحثا عن سمره لامعه تجمل اجسادنا وارواحنا الشاحبه !!!
مازلت ارقص وحيده ، فمن حقي وسط القصف ان ارقص واذوب وسط الموسيقي واتواري بين دقات دفوفها احلم بغد موقنه انه لن يآتي في حياتي ستدق موسيقاه الصاخبه الفرحه يوم الاحتفال الكبير الذي سيقيمه احفاد احفادنا فرحين بالثآر لكل الاجيال التي قتلت بالرصاص وقتلت بالاكتئاب وقتلت بلوم نفسها عاجزه عن التمرد علي الجبن المحيط ، من حقي ارقص اودع كل شهداءنا ملائكه السماء وعصافير جنتها وفرسانها البواسل وعرائسها الجميلات بما يستحقوه من احتفاء وحب واحترام وقر لهم في قلب سيده وحيده قليله الحيله ولدت في زمن خانع ولم تقوي رغم كل محاولاتها في اثاره حميته ونخوته وبقي عاجزا يقبض علي روحها وارواح ملايين من ابناءه التعساء !!
مازلت ارقص وحيده والموسيقي حولي صاخبه وفستاني الانيق يلفني ويلف حولي ومازال احمر الشفاه اللامع يسطع فوق وجهي لكن دموعي غلبتني وانسالت تراقصني علي نغمات الموسيقي انسالت الواحده تلو الاخري كلما سقط شهيد سقطت دمعه وكلما قتلت سيده سقطت دمعه وكلما اغتيلت براءه اطفالنا سقطت دمعه و.... ياايها الزمن الذي ادمن الاكتئاب كيف سنقاوم مايحدث فينا ولا نقع في براثن الاكتئاب المزمن المعجز الا ان رقصنا !!!! عشت سنوات ابكي وعشت سنوات حزينه وعشت سنوات الوم نفسي وعشت سنوات العن الاخرين والعن الاعداء ، عشت سنوات طويله انتظر مالم يحدث اقتتات فيها الغضب كل ثانيه لان مايجب ان يحدث لن يحدث ابدا ، وافقت وسنوات العمر اهدرها الغضب وصوتي بح وتورمت احبالي الصوتيه من كثره الصراخ في الاصماء افيقوا فكآني ذره رمل بعثرتها الريح العاتيه في طريق ثورتها فلم يشعر بها احدا ، افقت والهزيمه تحتل وجداننا ونفوسنا ومدننا وشعرنا ورواياتنا ولوحاتنا وشوارعنا كآنها قدرنا الحتمي كآنها نصيبنا في الحياه هزيمه واضحه موجعه لاتحتاج جثثا اكثر كي اشعر بها ولا تحتاج دماء اسخن كي ادرك معناها ولاتحتاج قنابل اشد حتي افهم دلالاتها ،، افقت والهزيمه تحتل وجداننا فادركت ان هذا الزمن ليس بزمننا وهذه الايام ليست بايامنا واعطيت ظهري لنشرات الاخبار ورفعت صوت الموسيقي ورقصت انتظر بوعي العاجزين سقوط القنابل فوق رآسي تضيفني اسما في قوائم الشهداء الكثيره مثل مثل الكثيرين من ابناء الزمن العاجز ، وياايها الغاضبين ... اما ترقصوا وتنتظروا ما سيحدث فيكم وماتستحقوه ، اما تقاوموا بحق وتدفعوا الثمن الغالي .. اما النضال من فوق المقاعد الوثيره وعلي نغمات صوت نشرات الاخبار واثناء احتساء الشاى والقهوه فهو عبث ما بعده عبث لانكم لا تعيشوا ولا تموتوا ولا تفعلوا شيئا الا الاستمرار في اسر الاعداء كورال يردد اغنيات موته الكئيبه التي اختارها لشعوبنا نغمه واحده نسمعها جبرا مليون مره في اليوم !!! اما ترقصوا علي نغماتكم الخاصه واما تقاوموا وفي جميع الاحوال لا تشتروا بضاعه الاكتئاب الرهيبه التي يبيعها لنا كسلاح فتاك من ضمن اسلحته التدميريه الشامله فمن لم يمت برصاصه وشظاياه مات بالاكتئاب كمدا فوق المقعد !!!!!!! اما ترقصوا واما تقاوموا !!!!!! وكفاكم بكاء ونحيب وغضب عاجز وعجز موجع !!! اما ترقصوا تجاهلا للهزيمه التي تحتلكم واما تقاوموا رفضا للهزيمه واملا في الانتصار وتدفعوا الثمن الغالي !!!

ليست هناك تعليقات: