25 يناير 2009

الرحيل ..... لشغاف القلب !!!!!!

"" اهداء لعائله عبدالله ... رساله حب """


كنت اتصورنا سنعيش جميعا ابدا الدهر ... لم اكن اعي معني الموت والفقد والالم ... كنت احس حياتي بكل منغصاتها الصغيره البرئيه فقاعه كبيره لامعه من السعاده المتواصله .... كنا عائله مترابطه بشكل مخيف .. ابي واخوته ثمانيه ترآسهم جميعا جدتي سيده مميزه قويه حانيه بارعه ، تجمع الاسره تحت جناحها ، كنت احبها بشده وكانت تحبني بحنان ، كنت انصت لقصصها وحواديت اخر الليل في حضنها وانا سعيده مطمئنه ، وحين كانت توقظني فجرا وتصحبني معها للاستحمام وتغسل بدني باللوفه الخشنه وهي تغني لي اغانيها الجميله كنت اتمني الا اخرج ابدا من مغطس الماء الدافء الذي يزيد حرارته حضنها الحاني ، وحين كانت تمشط شعري ضفيرتين طويلتين وترفعهما فوق رآسي تاجا مثل تاجها الجميل كنت احس زهوا لايضايهه زهو فرآسي تشبه رآس جدتي ومزينه بتاج داكن مثل تاجها الفضي اللامع وحين كنت ادفس رآسي في حضنها والقي ببدني بين ذراعيها كنت اتصور السعاده قدرا سرمديا لايمس ، كنت احبها جدتي واحب ابناءها وبناتها ابي واشقاءه وشقيقاته الحانيات ، كنا عائله لانفترق ، فمنازلنا مفتوحه طيله الوقت لكل منا وعمتي حانيه مثل امي حازمه اكثر منها لكني احبهما معا لااعرف من احب اكثر ولا اكترث باجابه ذلك السؤال ، كانت عماتي الخمس سيدات قويات حانيات بارعات مثل امهن ، لم تكتف اي منهم بفتح احضانها لاولادها واحفادها بل كانت احضانهن جميعا اوطانا لنا جميعا نحن صغار العائله الذين شببنا علي تلك العائله ننتمي اليها انتماءا جماعيا فبيت عمتي صفيه هو بيتي هو بيت ابنه عمي الذي اعتبر بيتها بيتي وهي تعتبر بيت عمتي سعاد بيتنا جميعا وابي كان شقيق عمتي زينب وابنها البكري وكنت حفيدتها وابنه اخيها وكانت جدتي وعمتي وامي وكانت عمتي اسما تجمعنا حولها جميعا بقصص الضاحكه فلانملك الا نبكي ونضحك وتسيل دموعنا من شده الفكاهه ومن قدر التآثر والسعاده وكانت عمتي عنايات مرحه رغم كل موجات الحزن التي حاصرتها وكان ابي يتركني في بيت هذه العمه يوما وتلك العمه يوما اخر وانا احس كل منازلهم بيتي وكل احضانهم ملاذي انصت لكل قصصهم الموجع منها قبل السعيد لكني وكل اطفال العائله كنا سعداء ،،، لذا تصورتني وجميع افراد العائله سنعيش ابد الدهر معا متجمعين نضحك ونلهو ويرتفع صراخ فرحتنا ودوي سعادتنا عاليا ، كنت اتصورنا سنعيش ابد الدهر معا وانه سيآتي يوم سنموت جميعنا معا حين نركب سفينه مثل سفينه نوح يحاصرها طوفان الموت فندخل في احضان بعضنا البعض ونغمض اعييننا في طمآنينه ونموت معا فلا يتآلم احدنا لفقدان الاخر ولا يتوجع اي منا حزنا علي الاخر ولا نعيش يوما واحد اي منا بعد الاخر فيتوجع لان الاخر رحل وتركه في الحياه القاسيه بلا احضانه الحانيه ، ، وحين مرضت جدتي مرضها الاخير وكنت في التاسعه زرتها في المستشفي بناء علي طلبها لابي ودخلت عنبر واسع في مستشفي القصر العيني جدرانه خضراء كريهه ووجدتها واهنه منكمشه تنام علي فراشها وحولها بناتها يرتسم علي وجههن الذهول ادركا مبكرا منهن ان السيده التي تحوط عليهن بجناحها تلملم نفسها وتستعد للتحليق الاخير راحله عن دنياهن وكنت اكثر منهن ذهول اكاد اتوسل اليها الا ترحل واقبل رآسها لتشفي وتعود لمنزلنا الريفي ونعود لاحضانها وحين طلبوا مني الخروج من غرفتها لاترك الفرصه لاخرين كي يودعوها بكيت لاني لا ارغب في وداعها ولااصدق ان تلك الزياره القصيره البارده ستكون هي اخر عين لي علي جدتي الحبيبه التي ملئت بصخبها وحيويتها حياتي فرحه وبهجه ولا اتصور ابدا ان اودعها وهي علي هذا الشكل بجلبابها الابيض ومنديل رآسها الشاشي الذي يقبض علي شعيراتها الفضيه ويكتمها تحت نسيجه الهش ابحث بعيني عن تاجها الفضي الذي طالما احببته لكن ذراعا قاسيا جذبني خارج الغرفه فادركت لحظتها ان الموت سيخطف جدتي من حضني مثلها جذبت عنوه من حضنها وخرجت لاجد بقيه افراد العائله التي كنت اتصورهم وانا وجدتي فريقا واحدا سنموت معا وجدتهم يقفون في الممر الملاصق لغرفه جدتي باكين دامعي الاعين لايقل ذهولهم عن ذهولي و.... ماتت جدتي ولم تنتظر سفيتنا التي سنركبها معا لنموت جميعا في وقت واحد كآنها قررت تعليمنا درسها الاخير ان لكل منا ميعاد سيموت فيه ويترك الاخرين خلف يتآلمون ويبكون مثلها تآلمنا فقدها وبكينا موتها ....... وبدلا من ان يكون للاسره رآسا واحدا كونت عماتي الخمس للاسره رآسا جماعيا ودخلن بسرعه تحت جناهن وفي احضانهن وضحكنا وضحكنا وارتشفنا حنانهن قطره قطره ومحون الالم من قلوبنا والوجع من نفوسنا حين اكتشفنا ان جدتي عاشت وتعيش فيهن كلهن وانها لم ترحل ولم تتركنا لكنها سكنت بروحها روحهن الخمس وفتحت احضانهن جميعا لنا كآنه حضنها الواسع ادركت انها انتقلت من منزلها الكبير التي جمعتنا بمحبتها فيه انتقلت لتسكن كل قلوبنا فصارت قلوبنا جميعا منزلها .. وعاشت عماتي الخمس وابي وعمي ابراهيم وعمي سليمان وعشنا معهن وبيهم سعداء ومطمئنين ، ورغم كل مامر علي عائلتنا من مشاكل ومتاعب ومنغصات لكن روح عائلتنا المرحه قهرت كل مانواجهه من متاعب ومشاكل ، حين مات محمد ابن عمتي عنايات بكينا جميعا لكنه بقي في قلوبنا بجوار جدته تحتضنه بحنانها ، وحين ماتت ثناء ابنه عمتي زينب وكان موتها فاجعه رهيبه للاسره التي فقدت عروسا من اجمل بناتها في لحظه موت عبثيه ، وحزنت عمتي زينب واحتلها قلبها الغم لكنهاسرعان ماتغلبت علي اوجاع الفقد حين وجهت كل حبها ورعايتها لابناء بنتها العروس التي رحلت وتركت لها زهرتين وعود ريحان يحتاجوا لكل حنانها وحبها ورعايتها حتي لا تقتلع ريح الالم العاتيه جذورهم وتمردت عمتي علي احزانها وانتبهت لاحفادها وروت نفوسهم العطشي لحنان الامومه بكل فيضانات حبها وحنانها وحزنت العائله علي ثناء الجميله لكن جدتي طمآنتنا انها تحتضن ثناء في حضنها ويعيشوا جميعا في قلوبنا المتعبه بحبهم و..... لكني كبرت رغم عن انفي وكبرت عماتي وهرمن ورسم الكبر والعجز ووشمت الشيخوخه وجوهن جميعا بعلامات الكبر وتقدم السن لكن روحهن بقيت منطلقه حانيه جميله وبقيت في احضانهن طفله ارفض وبكل اصرار الاعتراف بسنوات عمري التي تراكمت فوق كتفي رغم عن انفي ......كبرنا وتزوجت منا من تزوجت وانجبت منا من انجبت لكن عماتي الخمس بقين بروح جدتي المتقده في نفوسهن بقين حضن الحضان الوسيع الذي نلجآ اليه ونحتمي فيه وبه ، وحين انقبض رحمي يعلنني ان طفلي الاول علي وشك الولوج لهذا العالم صممت علي حضور عمتي زينب لولاده طفلي فخرجت وهي تتجاوز الستين من عمرها خرجت في منتصف الليل تتدثر بشالها الصوفي الجميل وجلست بجواري علي سرير المستشفي تطمئني وتتجاذب معي اطراف الحديث تهون علي انقباضات رحمي وهي تحكي لي عن عشرات الولادات التي مرت بها نساء العائله ساخره من صرخاتي باعتباري " فوضحيه " وان الولاده بكل المها التي خابرته وجربته سته مرات لايحتاج لكل هذا الصراخ تهون علي بطريقتها المحببه مااشعر به وامر فيه وبقيت مستيقظه طيله الليل بجواري وحين سمعت الصرخه الاولي لابنتي واطمآنت علي عادت لمنزلها تصلي الفجر وتشكر ربها علي سلامتي و....... بقيت عائلتنا مترابطه تعيش ايامها بسعاده لترسخ احساسي القديم بآننا سنعيش ابد الدهر معا وسنموت في سفينه موتنا الجماعيه فلا يتآلم اي منا لفقد الاخر .... لكن عمتي اسما تلك السيده المرحه الساخره صاحبه الدم الخفيف والقصص البديعه قررت تلقيني درس الموت الموجع حين اغلقت فمها وتوجعت وتآوهت واعلنتنا برفضها العلاج لانها مريضه بمرض لايجدي معه اي علاجات مؤلمه لن تطيل عمرها و...... ماتت عمتي اسما وكانت اللطمه الاولي التي اوجعتني بها عماتي اللاتي تصورتهن سيخلدن ابد الدهر ورحلت بصمت وهدوء يومها رآيت دموع الوجع تسيل علي وجنات عماتي الحانيات فابكتني دموعهن اكثر من المي لفقد عمتي الحبيبه فعقد حياتهن قطع فرطه موت عمتي اسما التي قررت ان تنقش اسمها علي بوابه الرحيل وتبدء هي مشوار رحيلهن الموجع وبكينا وتوجعنا لكن الليله الاولي التي قضيناها بعد موتها جلسنا في منزلنا الريفي كل العائله المترابطه الجميله جلسنا نبكي ونتذكر فقيدتنا الجميله فاذا بروحها المرحه تسيطر علي جلستنا واذ بها بكل ذكرياتها التي تركتها لنا كنوزا مميزا اذ بها تمسح دموعنا وتستجلب الضحكات من داخل نفوسنا العليله ولم نشعر بانفسنا الا ونضحك ضحكات متتاليه خجلنا منها في اللحظه الاولي ثم سرعان مااستسلمنا لها لان عمتي التي رحلت سيطرت بروحها علي نفوسنا وسخرت من احزاننا وملابسنا السوداء ومنحتنا رغما عن انوفنا ضحكات متلاحقه دوي صداها بين جدران المنزل الذي طالما حطمت عمتي جدرانه الصلده بصخب ضحكاتها العاليه .... ورغم هذا كنت اظننا سنعيش ابد الدهر واعتبرت موت عمتي اسما حادثا فرديا لن يتكرر واننا جميعا سنبقي معا لابد الدهر وحتي تحين لحظه موتنا جميعا .... لكن عمتي صفيه زهدت في الحياه بعد موت زوجها واستقلال ابناءها واعتبرت ان رسالتها في الحياه قد انتهت وتمنت الموت الذي كان سخيا كريما معها فخدعنا بمرضها القصير الذي لم نصدق ابدا انه سيكون سبب موتها لكنها تحالفت مع المرض ضدنا واكدت له زهدها في الحياه وشوقها لحضن امها التي تسكن قلوبنا وبين لحظه وضحاها رحلت عمتي صفيه بهدوء كعادتها وبلا ارهاق للاخرين وصدمتنا وماتت .... وانضمت لفريق المحبين الذي يسكن قلوبنا فعاشت مع جدتي ومحمد وثناء وعمتي اسما وتركتنا مثلما تركونا من سبقوها وتركت لها تركتها العزيزه الغاليه فيضانات من المحبه والعطاء وعاشت عمتي صفيه في قلبي اتذكرها حين اطبخ فهي التي علمتني واتذكرها حين انظر لصوره زفافي فهي التي خاطت بيديها فستان فرحي وزينت رآسي بتاجه واتذكرها حين امر في شارع الدقي ارفع راسي للسماء اخطف نظره لشقتها التي طالما جمعتنا فيدوي صوت ضحكاتنا في انحاء الدنيا ينبعت من الطابق السابع حيت تعيش عمتي ...... ومرت عشره سنوات ويزيد وعائلتنا علي حالها متكاتفه مترابطه تعيش عماتي سعاد وزينب وعنايات كل منهن في منزلها المفتوح بالمحبه والموده والعطاء فابقونا اطفالا لاندرك سنوات عمرنا نمر عليهن في العيد نآكل الكحك البيتي ونمر عليهن في كل مناسبه واي مناسبه فنجدهن شامخات عظيمات قويات محبات معطاءات قلوبهن وسع المعموره تجلس كل منا براحه وسعاده في مقعدها الوثير في احضانهن .... وحين مرض انكل حمدي مرضا عضال اعلن منذ لحظه اكتشافه عن استعداد انكل حمدي للرحيل لم نصدق المرض وكذبنا تشخيصات الاطباء وانكرنا امكانيه فقده ولم نصدق معاناته وتوجعه و.... حين رحل انكل حمدي بعد صراع مع المرض طال بقدر قدرته العنيده علي المقاومه يومها انهارت عمتي سعاد التي فقدت ابنها البكري فكوي قلبها ورحل وتمنت الرحيل فادركت ان بوابه الرحيل مفتوحه علي مصراعيها وان حمدي ينتظر امه علي الضفه الاخري من النهر ولم تمر بضعه اسابيع الا وكانت عمتي سعاد قد كتبت السطر الاخير في حياتها رافضه العيش مع الم الفقد للعزيز الغالي ورحلت لقلوبنا التي اتسعت اكثر واكثر .... ولم انظر حولي ولم ادرك ولم اصدق ان عماتي الخمس صرن اثنتين وان امهن تستدعيهن الواحده تلو الاخري لاحضانها وانها تقسوا علينا بحرماننا منهن وانها بقوه وعزيمه تدفعنا للكبر والنضج وتحرمنا من طفولتنا التي تمسكنا بكل ايامها و....... بقيت عمتي زينب شامخه تقبض في روحها علي روح امها وشقيقتيها وتمنحنا حبها وحبهن وعطاءها وعطائهن و..... عمتي زينب كانت سيده نادره بقيت علي قدميها حتي الساعات القليله الاخيره في حياتها الطويله بقيت متقده الذهن حنونه حتي نفسها الاخير و..... بيني وبين عمتي زينب قصص وحواديت لاتكفي كل الصفحات لقصها ، عشت سنوات امر عليها كل يوم مرتين الاولي قبل جرس المدرسه والثانيه بعد انتهاء اليوم الدراسي كآني عشت معها في منزلها لست ضيفه بل انا رفيقتها في المطبخ اذا كانت هناك وبجوارها علي السرير ان كانت نائمه ومعها في الصالون تخرج صور زفاف العائله وتحكي لي قصه كل صوره منها ، تقص لي عن طفوله ابي الذي ولد في ذات العام التي خطبت فيه فكان شقيقها وابنها وكنت انها ابنه شقيقها وحفيدتها وكانت حبيبتي ، فشلت وهي البارعه ان تعلمني صناعه الكحك البيتي بعد ان تمردت علي مجهودها واعلنتها انني ساشتريه جاهز فسخرت من " خيبتي " وعلمتني صناعه الكباب الفلاحي تلك الطبخه التي لايعرفها معظم الناس لكن طعم ورائحه بيت منزلنا الريفي وعرق جدتي يفوح منها ، علمتني كيف احب ابنتي واصادقها منذ لحظه ولادتها بحبها وصداقتها لبناتها واحتوائها لكل تمردهن ومشاكلهن ، وحين قالوا لي ان عمتي زينب مريضه تجاهلت قولهن ورفضت زيارتها في المستشفي فهي ستشفي قريبا وتعود لسابقه عهدها سيده قويه مهيبه لكن مرضها طال ورقدتها في الفراش تلاحقت ايامها فقررت زيارتها في المستشفي خوفا من رحيلها دون وداع وحين نظرت وهي شبه نائمه في عينيها ادركت نهايه رحلتها وانها سئمت المرض فقررت محاربته بسلاح لايقوي علي مباراته هو الاستسلام دون قيد او شرط وبمنتهي السلاسه للموت والرحيل لقلوبنا و....... ماتت عمتي زينب وبكيت بقلبي علي تلك السيده التي احببتها ولم افصح لها ابدا عن قدر حبي ايمانا مني بذكاءها الشديد الذي سيفطن لمكانتها عندي دون لغو كثير ..... حين زرتها وهي علي فراش الموت ساكنه علي غير عادتها لم اصدق ان تلك السيده التي تنام امامي هي عمتي التي لم اراها تجلس يوما وكدت اصرخ واكذبهم وافر للمطبخ لاجدها واقفه تجهز لنا طعام العشاء لكن ظلام المطبخ وبروده الموقد والصمت الغريب في صاله منزلها اكد لي ان روح البيت قد رحلت وقلب البيت قد رحل وترك البيت للجدران والذكريات والدموع المالحه ....... ودخلت عمتي زينب في قلوبنا مع جميع الاحباء وبقيت روح جدتي وعماتي الراحلات الاربع في روح ونفس عمتي عنايات التي كنت حين ادخل حضنها احضن عماتي وجدتي واشعر حنانهن واشم رائحتهن واسمع صوت نبضات قلوبهن و....... ظللت اعتقد اننا سنعيش ابد الدهر فعماتي الاربع لم يرحلن وجدتي لم ترحل ومحمد وثناء وحمدي لم يرحلوا لكنهم بدلوا الاماكن وغيروا محل اقامتهم من الدنيا لقلوبنا !!! وبقيت اتردد علي عمتي عنايات ابثها حبها وتمنحني حبها واحببتها في سنواتها الاخيره قدر كل حبي لها ملايين المرات وحين كنت اميل لاقبل وجنتيها كدت كل مره اهمس لها لا ترحلي وتتركينا يتامي حياري ضائعين وبقيت عمتي علي قدر مابقيت كآنها تستجيب لدعوتي ورجائي ، وفجآ ودون سابق انذار قفز بكر من بين احضاننا ورحل ، لم نتمكن حتي من وداعه او مناشدته البقاء او اظهار حبنا له ، فجآ انتفض ونام للابد وهوي فوق رؤوسنا ببلطه فراقه المسنونه كسر قلوبنا واماننا وزرع شجره حزنه بيده في حديقه حياتنا وتركها لنا مثمره موفره الاوراق نجلس كل ثانيه تحت ظلالها نبكي ونحزن !!! وبقي عمر فرعا وحيدا في شجره عمتي صفيه الوارفه التي ظللت ايام حياتنا بحبها وحنانها وعطائها واحببناه اكثر واكثر فهو من بقي من ريحه الحبايب يحملهم في قلبه ونحمله في قلوبنا ، وبقيت عمتي عنايات راقده في فراشها قعيده الجسد منطلقه الروح ، نزورها فتملآ نفوسنا بهجه ونجلس معها ومع جدتي وشقيقاتها الاربع في ضيافتها تشم رائحه حبهم وتحس بانفاسهم الدافئه جميعهم معجونين في روح وجسد عمتي التي عوضتنا عنهم جميعا ومنحتنا كل حبهم وكل عطائهم واكم من تليفون جائني في لحظه لا اتوقعها من عمتي تبثني حبها او تطمن علي تبدد قلقها علي وعلي احوالي او تحييني علي شيء ما قمت به في حياتي لم اكن اتصور انه يستحق التحيه ، عاشت عمتي عنايات قدر ماعاشت ترفع رايه الحب العائلي التي انتقلت من ايدي كثيره واستقرت في يدها تجمعنا تحتها ، ومرضت عمتي مره والثانيه لكنها كانت قويه مكافحه متمرده علي العجز والموت والرحيل وتصورناها سترحل لكنها كانت تفاجئنا ببقاءها معنا كآنها اشفقت علينا من رحيلها فاعددتنا لاستقباله وسقتنا جرعات الحزن عليها رشفه رشفه قبل ان تطوي صفحتها الاخيره وترحل ، وحين مرضت عمتي عنايات مرضها الاخير استعددنا لمرثياتها لكن عمي ابراهيم غار منها وفتح بوابه الرحيل مسرعا وخرج بخطوه واحده قبل منها كآن امه وحشته فقرر ان يلقي بجسده الوهن في حضنها قبل شقيقته التي كانت اعدت حقيبتها واستعدت للرحيل ، فبكته وحزنت عليه وحزمت حقائبها وامرها وقررت اللحاق به كآن ستجري وراءه في الحديقه الخلفيه للمنزل الجميل الذي عاشوا فيه ، هرولت خلفه تصرخ فيه الا يغلق باب الرحيل دونها وبسرعه جدا وقبل استعياب قلوبنا وعقولنا لفقد عمي ابراهيم ذلك الرجل الذي وشم نفوسنا بكل كلماته وترك بصماته فوق صفحات حياتنا ، ذلك الرجل الهادى العاٍقل المعطاء الذي امن ان لوجوده في الدنيا هدفا وانه لم يآتيها عبثا ولن يرحل عنها عبثا فعاش سنوات عمره المديده وهو يعلمنا ويحبنا ويحتوينا ويمنحنا دروسا وقصصا ومحبه فترك خلفه فراغا مروعا لحظه رحيله الذي اوجعنا وحرق قلوبنا ، فعمي هو اكبر الرجال في اسرتنا وكان مدركا لواجبات هذا واعباءه ومعناه فمارس رجولته الابويه معنا بحنان وحسم وقوه ورقه واحتوانا واولادنا واشقاءه وشقيقاته واولاده وعلمنا القراءه والتفكير والبساطه والحنان ، رحل عمي ابراهيم تاركا خلفه رساله بسيطه فهم كل منا معناها فالحياه ليست الجسد الفاني الذي ستآكله الايام ذات يوم مهما تآخرت لكنها الاثر الباقي الذي حفره خلفه في صخور الحياه المشحوذه ، الحياه هي الوجود الفاعل بكل اشكاله ومعانيه ، رحل عمي ابراهيم وخرج من بوابه الرحيل وترك بابها خلفه مفتوحا فتسللت عمتي عنايات خلفه مسرعه كآنها تمسك ذراعه تخاف بقاءها في الحياه دونه وافقنا - ليت ان لم نفيق - افقنا علي غياب عماتي الخمس وعمي الاكبر ويتمنا المستمر ، قبل استيعاب رحيل عمي ابراهيم وقبل انهمار دموعنا المتحجره عليه سرقت عمتي عنايات الاضواء للمره الاخيره في حياتها ورحلت وبكيناها هي وامها واخوتها الاربع الراحلات التي سرقت من حضننا حنانهن معها وتركتنا نعاني يتما موجعا والما موخز !!! وليه ياعمتي استعجلت فنحن لم نسمع بعد كل قصصك ولم نرتوي بعد من نهل عطاءك ومازلنا نحتاج سؤالك وحبك واهتمامك بنا !! ليه ياعمتي استعجلت ؟؟؟؟ افقنا بعد رحيل عمي ابراهيم وعمتي عنايات علي حقائق كريهه ، افقنا علي جرح في القلب لا يندمل ، فاحباءنا رحلوا واحد تلو الاخر ولم ينتظروا سفينه رحيلنا التي كنت اتصورنا سنركبها معا ، وبقي ابي موجوعا باكيا لفقدان اخوته الست ورحيلهم الموجع وارتدينا الاسود وحين خلعناه بقيت نفوسنا تتشح به ، فتلك العائله التي احتوتنا فرط عقدها وتركت العائله رايه حبها بين كفي ابي لكنه حزين علي اخوته متآلم لفقدانه متوجع لغيابهم ، وحين التفت حوله العائله يوم اللقاء العائلي تصرخ باسمه وتحييه انهمرت دموعه حزنا وتآثرا ولم يتحمل حبنا جميعا حب تلك العائله التي اعتادت علي الحب والترابط فعاد طفلا يبحث عن كف امه وحضن شقيقاته وحنانه اخيه ..... وياعائله عبد الله ... اوجعتم قلبي بحبكم واوجعتم قلبي برحيلكم !!! اوجعتم قلبي بقدر مااسعدتوه واوجعني رحيلكم بقدر مااسعدني وجودكم !!!!! وياعائله عبد الله اعتب عليكم رحيلكم المتتابع وعدم انتظاركم لسفينه رحيلنا جميعا ، لكن عزائي الوحيد انكم رحلتم لقلوبنا وبقيتم فيها معنا تمنحونا حبكم وعطاءكم !!! عزائي الوحيد انكم رحلتم لقلوبنا التي اتعبها وارهقها واوجعها رحيلكم !!!! ولقد اشتقت لكم جميعا شوقا فياضا ... وحشتوني جدا ( تيته نبويه ، عمتي سعاد ، عمتي زينب ، عمتي اسما ، عمتي عنايات ، عمتي صفيه ، عمي ابراهيم ) وحشتوني جميعا ( طنط ثناء ، انكل حمدي ، بكر ) وحشتوني جميعا لانكم منحتوني جميعا حبا فياضا زادا قيما للحياه القاسيه ، منحتوني جميعا حبا فياضا احتل نفسي مثلما احتللتم قلبي الذي اتسع ليضمكم جميعا .... وكما قال انكل ابراهيم ( حين يحبك احد لاتملك الا ان تحبه ) وانا احببتكم جداجدا !!!!!

هناك تعليقان (2):

manal el shalakany يقول...

فالحياه ليست الجسد الفاني الذي ستآكله الايام ذات يوم مهما تآخرت لكنها الاثر الباقي الذي حفره خلفه في صخور الحياه المشحوذه ، الحياه هي الوجود الفاعل بكل اشكاله ومعانيه

الله يا اميرة على الكلام واضح انه وراثةمن حكايات الجدة و العمات اللى خالتينى احبهم انا كمان
ربنا يدى بابا الصحة

محمد حويحي يقول...


"كنت , كانت , كنا " .. مترادفات اتكررت 24 مره تقريبا في الجزء الاول من النوت .. كل واحده فيهم بتسبق فعل مثل "احبها , اتمني , ...." او تسبق وصف " بالحنان , القوه , المرح . ...."
24 فعل وصفه جميعهم حرم منهم شباب عائله عبد الله؟؟ .. في البدء حسدتهم لانهم شبوا في احضان عئله مثل عائلتي -التي سمعت عنها- .. ولكن سرعان ما عرفت ان حظهم مثل حظي .. جميعنا نسمع ونسمع ونسمع

بس حظ شباب عائله عبد الله "والذي احسدهم عليه -عاوز احسد وخلاص-" ان في عائلتهم من كتبت هذا الكلام واعتقد انه بدايه لعوده الروح

ربنا يخلي "بابا" يحتضنكم ويجمعكم يحبكم وتحبوه .. ويا حظكم يا شباب عيله عبدالله