09 أكتوبر 2010

بعيدا عن وسط البلد !!!!!




انها نفس الوحشة !!!
نفس الوحشة التي اشعر بها عندما ادخل منطقه وسط البلد في القاهره ليلا !!!
نفس الوحشة التي كنت اشعر بها وانا طفله صغيره يصطحبني ابي في يده لمكتبه في احدي البنايات العريقه هناك!!!
مدخل البنايه له رائحه مباني وسط البلد وسقفه عالي واضائته شاحبه والارجح بيضاء شحابه !!!
كنت صغيره ولااعرف لماذا يتعين علي البقاء في صاله المكتب احدق في الجدران الخضراء التي تشبه جدران ممرات مستشفي القصر العيني حتي ينتهي ابي من عمله ، لا شيء اعمله لتبديد ساعات الانتظار التي كنت اتصورها وانا صغيره دهورا متلاحقه ، لا شيء اعمله لكن الانتظار ترك بصمته علي روحي وحشة في شوارع وسط البلد وكراهيه للاضاءه البيضاء والجدران الخضراء !!!

نفس الوحشه في شوارع منطقه وسط البلد !!!
لكن وحشه الطفوله زادت عليها وحشة الكبر !!!
يبدو ان روحي منطلقه اكثر من واقعي !!!
تربيت علي ان التاسعه مساءا هي منتصف الليل ، وحتي تزوجت في العشرين من عمري كنت اعود المنزل علي الثامنه مساءا ، وحين تزوجت كنت اخرج مع زوجي واعود معه ، ليس مهما متي نخرج او متي نعود ، ليس مهما فانا بصحبه رجل ومطمئنه !!!

لكني وحدي لااسير في الشوارع المظلمه ، وان اضطرتني الظروف ، اتلفت حولي ، لااتلفت حولي بالضبط لكن روحي تتلفت حولي تبحث عن نظره تختلس ما يضايقني او يد تكاد تمتد لا اقطعها ، ان اضطرتي الظروف وكنت في السياره احكمت اغلاق نوافذها وابوابها ورميت حقيبتي علي الارض ربما يفلح احد ويفاجئني بكسر الزجاج واختطاف الشنطه التي تضم .......... اه منها مخاوفي مستبدة لا تتركني ،اكرهها وتلتصق بي ولا تغادرني ، اه منها مخاوفي التي تخيف الناس مني فلاتصدقي وقت ارددها ، ولا تفهمني وقت تراها في عيناي ارتباكا ...

فقط العمل كنت اتأخر فيه ان تطلب الامر لاي ساعه من ساعات الليل ، وقتها لااشعر بوحشه ولا بوجل الصغار ولا ارتباك الكبار ولاتأنيب الضمير الذي احسسته وانا زوجه وام لاني خارج منزلي وبعيدا عن اسرتي ، فقط وانا اعمل لااشعر تأنيب الضمير ، غير هذا ، يجتاحني الارتباك وتأنيب الضمير فليس معقولا اترك اطفالي لاني الهو مع الصديقات او احتفل بعيد ميلاد احداهن ، وان اضطررت لللتأخير فتأنيب الضمير يلتهمني حية ولا يترك لي مجالا للاستماع والفرحه !!!!

واكبر ..... وتمضي الطفوله والشباب وتتغير اشياء كثيرة في الحياه الا الوحشه وبالذات من وسط البلد وشوارعها ليلا !!!! هاانا الان في وسط البلد بشوارعها المظلمه ، معظمها مكاتب وشركات واليوم الجمعه وكل النوافذ مظلمه ، تصاحبني الوحشه في كل خطوه ومع الوحشه يأتي خزعبلات الفزع ، نعم اسير سيده لوحدي في منتصف الليل وفقا لمعايير امي فالساعه تقترب من الثامنه والنصف مساءا ، اسير لوحدي ومن بعيد يأتي اصوات صخب شباب وصراخهم ، هل هؤلاء الشباب هم ابطال حفلات التحرش التي قرأت عنها ، صوتهم يرتفع فاحكم قبضتي علي حقيبتي واشد الفستان بعيدا عن جسدي واتأكد انه يقارب الارض وفضفاضا واخاف سرقه الحقيبه واخاف الشباب واكره الاضاءه البيضاء والنوافذ المظلمه والاسقف العاليه ومداخل بنايات وسط البلد !!!

لكني لم اعد طفله وماتت امي وصرت حره نفسي املكها وحدي ، وانا صاحبه عمل وكثيرا مااتاخر بحكم مقتضياته خارج المنزل ، مفترض اني تحررت من الوحشه وتأنيب الضمير ، فبناتي كبرن وانا قبلهن كبرت ويفترض الا ارتبك او اخاف ، لكني بعين الطفله الوحيده واحساسها وبروح الاستكانه للاوامر غير المقنعه وبروح الانصياع للزوجيه - التي انتهت - واوامرها حتي لو لم يقلها الزوج ، استشعر الوحشه في شوارع وسط البلد واتمني لو كنت اعتذرت عن الميعاد !!! اسخر من نفسي ، لكني اقرر وانا اقود السياره التي اغلقت ابوابها تماما فلا يفلح عابث في فتح بابها عنوة الا باذني ، اقرر بصوت فخيم ان روحي اكثر انطلاقا من حياتي !!!

خضعت لكل القيود التي فتحت عيني فوجدتها امامي ، سلطه ابي سلطه امي سلطه العائله والاقارب سلطه الجيران والناس التي تخيفني دائما بما ستقوله عني ....... خضعت واقعيا لكل القيود ، الابوية الامويه الزوجيه ، وتحددت سلوكيات وتصرفاتي وفقا لتلك القيود ، نعم اكرهها ، لكني اخضع لها خضوعا طوعيا ، اتمرد عليها عقليا وبروحي لكن ارادتي تنصاع لها بمنتهي التلقائيه !!!

لكن امي ماتت وكبرت علي اوامرها ، وحياتي الزوجيه انتهت بكل اعباءها ، وتجاوزت الخمسين ، وتحررت موضوعيا من كل القيود ، لكن الطفله القابعه داخلي لم تحرر ، ومازالت نظره امي تخيفها والصوت العالي لابي يرعدها والغرباء يهددوها طيله الوقت ومازال نفسها تغم عليها حين تطء قدميها شوارع وسط البلد وتري النوافذ المظلمه والاسقف العالية والاضاءه البيضاء الشاحبه واضيف علي كل هؤلاء جحافل الشباب التي تسير صاخبه في الشوارع كانها مشروع لحفله تحرش تبحث عن ضحيه واشعر باحساس الغزال التي ستطاردها اسراب الاسود في الغابه سعيا لقطعه لحم تسد جوعها وتتمزق بين انيابهم المشحوذة ... واخاف اكثر ..... واتمني لو اعتذرت عن الميعاد وعدت لمنزلي الامن باضاءته الصفراء الدافئه وكنبتي وكلبي الصغير يحرسني قابعا خلف الباب يصدر اصوات نباح قويه عاليه تخيف الغرباء علي السلم وموسيقاي التي احبها ... لكني كبرت علي الخوف ويتعين علي الذهاب للموعد ومقابله الاصدقاء والتعرف عليهم ... نعم صارت الدنيا غريبه وصار الغرباء اصدقاء دونما نتعرف عليهم ، اصدقاء بلا ملامح وبلا وجه ، اروح تتقابل في فضاء الوحدة وتتعارف بلا ملامح وفجأ يتحول الاغتراب لوجع ويصبح التعارف ملحا وتنكمش روحي بداخلي ، فهي اكثر انطلاقا مني واحمل هم الاصدقاء الذين سيرون اخري متجهمه مقيده للماضي والاوامر بقيود عجزت عن تمزيقها ، ليست هي التي يحسوا انطلاقها عبر الفضاء ، لكني انا انا ، وعليهم تقبل الواقع المرير ، فروحي اكثر انطلاقا من واقعي .........

تركت السيارة في الجراج وسرت في الشارع المظلم عشرة خطوات ، اعددتهم فقط عشرة ، لكنهم في وجداني مليون خطوه ، ساتعثر هكذا اظن ، احدق في الارض ابحث عن الحفرة التي ساقع بسبب اشتباك كعب حذائي العالي في فراغها ، اتصورني علي الارض طريحه التراب واضحك ، لو كنت احد الماره ووجدت سيده مثلي متعثرة علي الارض وعلي ملامحها كل تلك الجدية لضحكت !!! عشره خطوات ثم عبرت الشارع ، ساصعد السلم ، انظم انفاسي ... لكن مدخل البنايه العالي والاضاءه الشاحبه والسلالم المنحوله من كثره الصاعدين والتراب المعتق علي درجات السلم وشكل البواب وهو ينظر لي ، لماذا ينظر لي ، انه يتفحصني ، يكون وجه نظره عني ، لكني اربكته ، لست اشبه الاخرين لكن في نفس الطريق مثلهم ، الجديه و العبوس علي وجهي يربكاه ، اعتاد علي الابتسامات والصحبه الصاخبه لكني ادخل البنايه وحدي ادق بكل قوة علي الارض بكعب حذائي كاني اقول انتبه لست كمن تظن ، لكني لااعرف بالضبط كيف يظن .... ساصعد السلم لمكان اللقاء ، اكره السلالم ، تسحب الاكسوجين من رئتاي فتتلاحق انفاسي وابدو كسيده عجوز ، لست عجوز لكنها السجاير لعنه الله عليها ، انظم انفاسي فالانطباعات الاولي تدوم .... هو لقاء بين اصدقاء لا احبهم يروني بطريقه مغايره تماما لروحي التي عرفوها منطلقه !!!!

مازلت مرتبكه ، الطفله الصغيره داخلي نحتني جانبا وتملكت زمام الامور ، تتمني تفر وتعود للمنزل لحضن ماما ، تكره الاسقف العاليه التي تحاصرنا انا وهي ، تخاف مقابله الرجال ....... الطمها علي وجهها واخطف من يدها اراده التصرف ، مالها تخاف مقابله الرجال لن يأكلونا لن يخطفونا ، مافيش خلاص حاجه اصفره حتنيم ، ولو فيه حتي لسه ماينفعش الكلام ده معايا ، وهما عارفين وانا عارفه ونحن اصدقاء بشر ولسنا رجالا ونساء .... انهر الطفله التي تدوي في اذنها كلمات امي وحكم جدتي ومخاوف الافلام العربي ، انهرها واتماسك ، نفس عميق اشده من اعماقي وابتسم ، واثقه انا من نفسي ولا شيء يخيفني ، هل ملامحي تقول هذا ، نعم تقول هذا ، واثقه انا ان ملامحي ستعرفني علي الاخرين كما انا وكما احبهم يروني ، اما الطفله المرتاعه بداخلي فقد اغلقت عليها الحجرة والنوافذ واحكمت تقييدها وهمست في اذنها ، خليك لطيفه ، كاني اقول لها " حلي عني " فليس معقولا وانا تجاوزت الخمسين تتحكم في تصرفاتي طفله حمقاء مرتاعه نجحت امي وجدتي في ترويضها للابد ، نامي ، اهمس لها فتنام لكنها ترد الهمس وتقول لي " خلي بالك من نفسك " اضحك ساخره فلست في طريقي لمعركه ، لكني فعلا " حاخلي بالي من نفسي" !!!

مكان قليل الجمال ، هذا انطباعي الاول عن المكان الذي دخلته ، رواده لايحبوه ، نعم ، هذا المكان رواده لايحبوه ، ليس مقهي في حيهم الشعبي لهم فيه ذكريات خاصه ، ليس رصيف سار فوقه الاحبه ، ليس كوبري علي النيل يلاطم النسيم قواعده الراسخه ، انه مكان قليل الجمال ، بل عديم الجمال ، رواده لايحبوه ، ربما رواده نوع خاص من الناس لايكترثوا بالحب للمكان ، كل مايفكروا فيه مقعد ومنضده ونادل ، ربما يبحثوا عن مكان " يأويهم !!" نعم .... هذا المكان يأوي رواده لكنهم لايحبوه وهو ايضا لا يحبهم !!! اضاءته صفرا لكن باهته بلا روح ومناضده تتأرجح مثل كل المناضد الرخيصه ولااذكر ان كان عليها مفرش كالح ام لا لكن اكيد لاتوجد زهريه فيها ورد صغيره ، المقاعد معدنيه ، او هكذا اظن ، او هكذا تصورتها ، لااذكر بالضبط ، مثل مقاعد الفراشه التي يستأجرها اهل الميت لسرادق العزاء !!!
لااحب الاماكن عديمه الجمال ، فلست محكوم علي بالحبس في القبح ، لست في حجز القسم ولا في ردهه مستشفي القصر العيني ، لقد ارتديت ملابسي الانيقه واستعديت نفسيا لمقابله اصدقاء احبهم ولا يليق بهذا اللقاء مثل ذلك المكان عديم الجمال !!!!
انه مكان من تلك التي اطلق عليها اماكن المثقفين ، اكره تلك الاماكن ، احسها برجا عاجيا للمثقفين او من يرون انفسهم مثقفين ، يتصارعوا فيها كالديوك بعيدا عن " الشعب " الذي لايتحدثوا الا عنه !!! اكره تقسيمه " شعب " و" مثقفين " لانها تقسيمه صنعها المثقفون تمييزا لانفسهم عن الشعب الجاهل الذي يرهقهم بجهله وكثره مشاكله !! اكره اماكن المثقفين ، لااعرف لماذا يتعمدوا الا يشبهوا الناس ، فقراء كانوا او اثرياء ، نحن لسنا اي ناس ، نحن مثقفين !!!! تعظيم سلام ياجدع للمثقفين !!!! نعم هذا المكان من الاماكن التي انتقاها المثقفين يسارا ويمينا للجلوس فيها ، ربما التفافهم حول بعض ، رغم اختلافهم ، يطمئنهم ، جميعهم يتحدثوا بمفردات واحده ولو اختلفت المعاني ، يطعموا كلماتهم بالفرنسيه والانجليزيه ، مثقفين بقي ، يروا الحياه من خلف نظاراتهم الاكاديميه والايديولوجيه والعقائديه ويشفقوا علي الشعب الاعمي الذي لايري جمال جناتهم ، لااحب تلك الاماكن واحس فيها باغتراب شديد فانا احب الشعب " الجاهل " كما يصفونه ، احبه بطيبته ودفئه وتلقائيته وفطريته وعبقريته وحكمته !!!
مكان عديم الجمال من اماكن المثقفين تتصارع فيه الجمل والعبارات الطنانه الفخمه المليئه بحب الشعب والغضب من جهله وسلبيته و........ ادركت اني سارحل سريعا !!!

بنظرات حائرة ابحث وسط الجالسين عن اصدقائي ، اعرف ان معهم غرباء لااعرفهم ، لم اكترث ، الغرباء لن يأكلوني وعلي الطفله النائمه داخلي ان تبقي نائمه ، شاهدتهم غريبين وسط غرباء ، يجلسون بين غرباء لايشبهوهم ، عرفتهم قبل اراهم وحين رايتهم عرفتهم اكثر ، كدت اتراجع واعود لسيارتي ، يجلسون مع غرباء ، المشكله ان ليس كل الغرباء احب اجلس معهم ، ادركت المشهد ورايته قبلما يحدث ، ساجلس علي المنضده صامته مخروسه وحين اتكلم سياتي كلامي سخيف دون قصد فالوجوه علي المنضده اعرفها من قبل ، لااعرفها شخصيا لكن اعرف مثلها ، انهم التائهون في الحياه لايبحثون بجد عن مكان فيها ، انهم المستمتعون بالحيرة والتوهه والغربه ، انهم اصحاب النفوس الفارغه الا من ترهات يرددوها طيله الوقت بمنتهي العجرفه والتعالي لانهم يعلمون والاخرين لايعلمون ، لااحب هؤلاء البشر او مثلهم ، لااحبهم ، احسهم شخصيات بلاستيكيه لاتجري في عروقها الحياه وانا لايجمعني بالاخرين الا حب الحياه !!! اكره المتعالين يرو انفسهم ملاك الحقيقه المطلقه حتي لو رققوا مخارج الفاظهم وادعوا لطفا ، اكرههم فهم بحق لا يصدقون في العبارات الفارغه التي يقولوها ، هم يصدقوا في حرياتهم ولا يصدقوا في الحريه بحق كما يدعوا ، هم متعالين علي الاخرين حتي لو ادعوا انهم يحبوهم ، عفوا كاذبين ، فلايمكن احب من اتعالي عليه واري اني افهم احس منه وانه عليه ينصاع لافكاري لان فيها صالحه !!! انهم دراويش جدد ، يروجون لقيود جديده لصالحهم هم ، يتمنوا لو احكموا علي رقاب الاخرين وقادوهم لما يروه الصالح ، عفوا انتم تشبهوا من تنتقدوهم لكنهم اكثر صراحه وشجاعه منكم !!! اكره التعالي علي الاخرين واكره حكماء زمن المسخ الذين يظنوا انفسهم الانبياء الجدد يحملوا رسالات ستغير وجه التاريخ ، كدت اتراجع لكني اكبر من التراجع والدفء الذي احسسته من اصدقائي حال بيني وبين الفرار ، هم لايستحقون مني الا الاحتفاء ، كنت اتمني اجلس معهم في مكان اخر حميم دافء نتجاذب اطراف الحديث الانساني ، لكن المكان انهي المقابله قبل بدايتها والغرباء البلاستكيين قطعوا حبال الوصل التي كنت اتمناها تمتد !!!!

انتهت المقابله بسرعه ، ابتسمت لاصدقائي واعتذرت وانسحبت بسرعه ، من باب سيارتي ذهابا لباب سيارتي رجوعا 35 دقيقه فقط سايس الجراج الذي تعجب لاني دفعت خمسه جنيهات بحالها مقابل نصف ساعه ، لكني كنت ساعطيه عشره لو طلب ، ساخذ سيارتي وافر من وسط البلد المظلمه ليلا .......... الوحشه والبنايات العاليه والنوافذ المظلمه ومخاوفي واسراب الشباب واماكن المثقفين وملاك الحقيقه المطلقه والتعالي علي الشعب " الغلبان " الجاهل ، كل هذا في ليله واحده !!!! وفررت من وسط البلد وبسرعه !!!!

وعلي الطريق الطويل لمنزلي تلاحقت الافكار ، احساسي باصدقائي صحيح وحقيقي ، حين تلاقت اعيننا وتبادلنا الابتسامه الوجله الصغيره ، تيقنت من انهم كانوا وسيظلوا اصدقائي ، اعرف البشر الحقيقين وقلوبهم الدافئه ، اشم رائحه الدف تنبعث من ثنايا القلوب ، كنت اتمني اقابلهم في مكان اخر ، مكان يحبه رواده ويحب زائريه ، مكان حميم يشبهنا ، نتحدث ونضحك ونتواصل بلا زيف يحاصرنا ، لكنه علي ايه حال اللقاء الاول ، من بعده ستاتي لقاءات اخري بعيدا عن الغرباء البلاستيكين ، مازالت الافكار تتلاحق ، ها انا استقويت علي نفسي وعلي مخاوفي وانتصرت علي الطفله الصغيره المرتاعه داخلي من كل شيء واي شيء ، لكني فررت بسرعه من المكان ورواده ، كنت واصدقائي غرباء عنه وعنهم ..... لااذهب للغربه بقدماي وحين اكتشف اني وقعت في براثن كمينها افر بسرعه ، روحي لاتتحمل اغترابا في مدينه صاخبه لايميزها الا الدفء !!!

في المرة القادمه سانتقي مكان دافئا ربما علي النيل ، ربما في مقهي شعبي ، سالتحف وقتها بالدفء واتواصل مع الاصدقاء !! وسيكون بعيدا عن وسط البلد وعن اماكن المثقفين !!!
......... لن اذهب للوحشه مره اخري بقدماي وكامل ارادتي !!!!
....................
اعدت قراءة النوت واحسستني عنيفه فمن حق الغرباء عني يجلسوا اينما يحبوا وياكلوا مايأكلوه ويشربوا ما يشربوه ويتكلموا فيما يحبوا ويتصوروا كلامهم عظيم وافكارهم بديعه ، من حقهم يتصوروا الكاميرات تصورهم والتاريخ ينتظرهم والكتبه ينتظروا اقوالهم المأثوره بمنتهي الشغف ، من حقهم يتصوروا ان افكارهم ستغير الحياه وان الشعب المضلل لايتجاوب معهم لانه جاهل ومضحوك عليه وانهم سيزيلوا الغشاوه من علي عينه ويقوده لطريق الخلاص .... من حقهم كل هذا واكثر وليس من حقي انتقدهم !!!
من انا لانتقدهم !!!!
نعم ..... كل هذا من حقهم واكثر ، لكن حقي اقول اني لم احبهم ولم يعجبوني !!!
وهذا ابسط قواعد الحريه التي كان يتغنوا بها ويتكلموا عنها !!!!
...................
.........................
وساقابل اصدقائي اي مره قادمه بعيدا عن وسط البلد وعن اماكن مثقفين وسط البلد !!!

هناك 5 تعليقات:

محمد حويحي يقول...


حميميه الأماكن تصنعها الصحبه .. ودفئ الأماكن ينبع من دفئ اللقاء ومحبته ..

مها العباسي يقول...

صديقتى هى ليست الطفله ماجعلتك تشعرين بالوحشه فى مكان غريب
انها تلك الروح بداخلك التى تشعر بروح المكان فتساتنسه او تفر منه
البعض يملك نوع من الشفافيه الروحيه ربما لا يتمتع الكثيرون بها ولكنها حين تتواجد بداخل انسان تحاوطه وتجعله يألف المكان وينفر منه يستعذب روحه او يخشى ان تنقض عليه فى اى لحظه لتنهش شفافيته
الاصدقاء الحقيقين ارواحهم تحاوطنا وتضمنا اليها ولكن المكان ينزعنا من احضانهم

لقاء الاصدقاء الحقيقين يحتاج مكان يمنح دفء وونس

فاطمة هميسة يقول...

جميلة انتي يا أميرة
وجميعنا نشعر بتلك الوحشة

عماد خلاف يقول...

كعادتك أستاذة مبدعة ترسمين بكلمك أحلى الكلمات وأبدع العبارات .........عصفور الكنارى كى يشدو لابد أن يكون وحيدا .هكذا البشر فى كل مكان وزمان من حقنا أن نقول لا او نعلن عن رفضنا لكل شئ وأى شئ ..كلمات تقطر عشقا وحميمة وود ..تحياتى لحضرتك استاذة اميرة ودمت لنا كاتبه مبدعة ومتألقة

Alexandra Kinias يقول...

مقالة رائعة كالعادة -- بالفعل فى أحيان كثيرة المكان بيكون مرآة الموجودين به --- للأسف فى ناس كتير مكلكعة و من كثر الغرور الذى تمتلئ به نفوسهم فاكرينإنهم هدية الخالق لباقى البشر --- عموما فى حاجة مهمة يا أميرة يا حبى أنا -- لولا هؤلاء ما كنا سعدنا نحن القراء بالأحساسيس الفياضة التى أمتعتينا بها فى هذه المقالة.