22 يونيو 2010

لم يعد وحيدا !!!!!!!!







انه عود ريحان ... اخضر ... حنون .. طيب ..

نبت قهرا وظلما في ارض جدبه قاحله !!!

ماكان له ينبت في تلك الارض الموحشه الجافه التي لا تشبهه ..

لا التربة خصبه ولا الماء عذب ولا المناخ موات الا للاشواك !!

حوله الصحراء صفراء والسماء شاحبه والشمس لاهبه والقمر عليل

تحيط به الافاعي ترسم خطواتها فوق وجه الارض سما مختبيء ينتظر ضحيه ..

ماكان له ينبت في تلك الارض الموحشه الجافه التي لا تشبهه ..

محاصرا بالقدر الذي اعتقله في حياه لاتليق له ولا تليق به

لاشجرة ورد ينام في حضنها

ولافرع نعناع يشاكسه

ولا قطرات مطر تروي روحه

ولا نحله ترتشف رحيقه !!!

وحيد غريب هو نبت في ارض غريبه لا تشبهه !!!

حوله الاشواك الصفراء منتصبه صوب الشروق عدائية

جافه مدببة توخز الفضاء كانها تنتقم من وجودها في ذلك المكان الموحش

حوله عقارب زاحفة علي الارض تبحث عن من تلدغه

تبث سمها في بدنه تعاقبه

انه وطأ ارض ماكان له يأتي اليها

حوله فحيح يصم الاذان يتناوبه الريح والافاعي واهات التائهين

عود ريحان اخضر تصور نفسه سيعيش في حديقه غناء

مثل بقيه الرياحين والورود !!!


لكن الارض المالحه والجفاف المحيط بها كشفا له وبسرعه

فداحه الوهم الذي يعيش فيه والظلم الذي يحيط به !!!

الارض المالحه قالت له ان قدره موحش

وان كل الرياحين ستعيش وتموت في ارض خصبه

وانت ولدت في ارض الشوك

حين يسعدك الحظ ستموت بسرعه

وحين تقاوم الموت ستعيش موجوعا تعيسا

سخر منها ومن قدره الظالم

فالحياه اجمل من ان نفرط فيها

ولا الوجع بيبقي ولا التعاسه بتستمر

وفي يوما ما ستحن عليه الحياه

وتشفق علي وجوده من ظلمها

وتعتقه وتفك اسره وتلقيه في الجنه

يفوح مسكا وعطرا وتوبه

توزعه في قارورات مرمريه علي كل الاتقياء

مكافأه التحمل والصبر والشكر علي كل البلاء !!!

ساتحدي الموات والقسوة

وساعيش بالامل والحلم ....

همس لمصيره واعطاه ظهره وقرر يصنع مصيرا جديدا !!!

في الصباح استيقظ فرحا متفائلا

ابتسم يطرد نوم الليل واشباحه ووجل الخوف

فتفتحت وريقاته الصغيره

تمايل بغصنه المبهج

كانه يلثم النهار ويحتفي به

لكن الريح اللافحه كادت تقصم عوده

هجمت عليه تلاعبت به كانها ستقتله

ستقتلعه من جذوره وترمي به في دوامات الرمال المخيفة

وتمحي وجوده من الوجود

كان مازال لم يفهم انه الغريب في الارض الغريبه

تركته الريح مع وعد بالعودة المخيفة

تثائب فتفتحت زهيراته الصغيرة

وفاح عبيرها العطر

ابتسم مازال حيا مازال موجود

وانتظرمن يتنفسه ويبتسم لكن الصحراء حوله خاويه من الابتسامات !!!

في الليل انتظر القمر يؤنسه لكن القمر يحارب السحب الكثيفه طيله الليل

لم يقوي علي شق غمامها والانتصار عليها والسطوع

كتمت انفاسه ووأدت اشعته وظللت عليه فشحب وبكي وغاب

في الفجر انتظر قطرات الندي تغسل همومه

وتهدهد زهيراته وتمنحه حبها

لكن الفجر في صحراءه لاترويه الا الدموع مالحه مثل ماءه

لاسعه مثل لدغات حشراته

حزينه مثل قمره عليلة مثل التائهين في رمقهم الاخير


مازال عود الريحان صامدا !!!

يتراقص جبرا هربا من انصال الرياح

يتمني شلال ماء يغتسل فيه فتهاجمه رياح الرمال تقبض انفاسه تحتها

فيتكور ويكاد يختبيء بين ذرات الرمال البارده الدفينه

يبحث عن قطره حنان يحتاجها ليبقي ويعيش !!!

نهاريات لاهبه تكوي عوده الرقيق

ليالي موحشه صقيعيه الاعاصير تقتل زهيراته حسرة

شمس حارقه تجفف بدنه وروحه

رياح رمليه تخنق انفاسه وتكتم مسامه بذراتها المشحوذه بالجفاء

وثانيه بعد ثانيه يدرك مأساه وجوده ومشقته

لاانت عود ريحان مزروع في الجنه

ولا في حوض زهور في حديقه الاطفال

ولا في فخاره دافئه علي شباك عجوز متشبثه بالحياة

لاانت عود ريحان مدلل تحيطك جدران الصوبة

ولا انت ترتوي من ماء عذب في كوب امام مرآة مراهقه تتنهد برائحتك

انت عود اخضر وسط الصحراء

كل شيء حولك يحكم عليك بالموت

يسحب منك الحياه والرائحه والخصوبه والوجود

فاما تقاوم وتبقي

واما تهزم وتموت !!!

ارتبك قليلا وسرعان ماتمالك نفسه

اذا كان قدري الصحراء فانا لها محاربا عتيد

لااخشي ريح ولا سحب الرمال

اتحمل الوحشه والقسوه ولدغ العقارب

اشرب الماء المالح واستعذبه

واقاوم العسف والظلم والمصير المظلم

واتشبث بالامل واتحمل

حتي يتغير القدر ويتبدل المصير

وحتي ذلك الوقت لااملك الا المقاومه والتشبث بالحياة ..

تشبث بالحياة

لكنه فقد نفسه

اخضراره المبهج شاخ وسط الرمال الصفراء

حيويته الفواحه شحبت مثل القمر العليل

واحترقت بلهيب الشمس الكاويه

جفت زهيراته فوق عوده

مثل مشاعره مثل احاسيسه

فالزهور لاتنبت في الصحراء ولا قلبه ينبض

جفت المياه في بدنه مثلما جفت روحه

صار يشبه عود الريحان لكنه لايشبه نفسه

يتثائب فتبكي السحب الكثيفه رمالا صفراء

تردم فمه وجوفه فينتفض ويبصقها ويبكي ويعيش

تقبض الرياح الاعاصيريه علي بدنه تكاد تقتلعه

فينام علي الارض يلتحف بالعقارب يشرب سمها ليعيش ويبقي

ترسل الشمس لجذوره سياطها اللاهبة تلهبها فتنقصم تحت الارض

فيبكي هوانا يروي جذوره بدموعه ووجعه

فتلتئم جروحها وتبقي صامده ويعيش مصدوما

يقضي ايامه يجتر دموعه وماءها المالح ليعيش

ويبقي ويوما بعد يوم ، لم يعد يملك من الريحان الا اسمه

وروده تحولت لسنون موخزة

واخضراره تبدل اصفر

وجذعه المنتصب صوب الشمس نام علي الارض

وادمن مذاق الدموع المالحه والجفاف

تبعثرت نسائمه في الخلا

وفاح من وريقات الجافه رائحه الموت الذي لم يأتي ولم يرحل يوما بعد يوم

لم يعد يملك من روحه الا ذكرياتها

ومن قلبه الا خواء يوجع

ومن نفسه الا امنيات مجهضه يوجعه حتي تذكرها

ومن اسمه الا شبه لا يشبهه

ومن احلامه الا كوابيس زرقاء محت اخضره في النوم وفي اليقظه

ومن حب الناس له الا ذكري بعيده

حين تفيض عليه بحنان يبكي ويبكي

فتشرب الرمال وجذروه ملح عينيه

فيعيش موجوعا اسير الوحده والغربه والهم الذي لا ينتهي

يوما بعد يوم ....

نسي الاحلام والجنه والحياة

وبقي علي قيد الحياة

يتشبث بالامل الاخير حين تشفق عليه الدنيا من قسوتها

فتمطره بحنانها وتفيض عليه من طيبتها

بقي علي قيد الحياه يقاوم العسف والتعسف

يقاوم الاصفر والرمال والخنقه وجفاف الروح

يرسم علي وجه زهيراته ابتسامه تخفي دموعا كانه سعيد

لايكترث بكل مايحدث حوله

وحين تهب عليه الريح تزأر يضحك بصوت عالي

يخيفها بوجوده

وحين تهزم السحب الكثيفه القمر يناديه وينصحه

لا تمنحها وجههك فتشوهه وابتعد عنها حتي تنقشع وتغيب وتبعد

وحين تقترب منه العقارب يبثها سمه

الذي اجترعه وادمنه وخزنه في بدنه ليخيفها ويحمي نفسه

وحين يطول ليله ويتأسي علي نفسه

لانه كان ريحانه فواحه

ولم يعد يتذكر الجنه التي سيعيش فيها مكافأة الصبر والمقاومة

ويدوي في اذنه قانون الحياة

اما تقاوم وتبقي

اما تهزم وتموت

فيقرر يقاوم ويبقي

لا يدرك للاسف انه قاوم وقاوم

وعاش مهزوما مثل الميتين !!!

وفي يوم غريب

سماءه صحو

وقمره ساطع

ونجومه براقه

ونسيمه داف حنون

وحينما فاض به الوجع

وتملكته الحسرة وكاد ييأس

وقرر او كاد يقرر يتخلي عن المقاومه والتشبث بالحياة

تلك اللعينه التي لا تتشبث به

ولا تمنحه بصيص امل

ولا جرعه ماء عذب يغسل جوفه من كل المرارات

في تلك اللحظه وقبل رفع رايه الاستسلام

والموت
يأسا

حطت عصفوره من الجنه فوق جذعه


طهرت جروحه من ذرات الرمال المسممه

نفضت وحشه الليل وقسوه الاعاصير وملوحه الدموع بريشها الطيب

من فوق بدنه نفخت من روحها في زهوره

فانتفضت كالغريق يقذف الماء من رئتيه ويشهق ويعيش

وتفتحت براعمها وفاح عبيرها المنعش

وخصبت الارض الجدباء حولها بلقاح العطر

عصفوره من الجنه

غسلت بدنه وجذوره في نهر الكوثر

ومحت عنه الاصفر والقسوه

واعادت له الاخضر والطيبه

وافزعت العقارب بصفيرها

وابعدت الثعابين بتغريدها

وطوت اعاصير الريح بين جناحيها

ودعت ربها فانهمرت الامطار غزيره

غسلت المراره والملوحه واذابت جبال الهم

ومنحت الارض الموحشه خصوبه وحنان

واعتدل عود الريحان فوق جذوره

وابتسم فانتشر نسيم الامل يسري في العروق

واحست الحياه في تلك المنطقه القالحه ولاول مرة بالسكينه والصفاء

وخرست الارض المالحه عن القول

قال عود الريحان للعصفورة انه لم يفقد الامل يوما

ابتسمت له وودعته علي امل لقاء في الجنه التي وعد بها الصابرين

وتركت له من روحها برديات قديمه

كتبت له فيها كل الاسرار التي تقوي الامل

وتزيد التحمل وتساعد علي المقاومه والصمود

وتركت له قنينه من ماء الكوثر يشرب من عسلها

كلما افتقد الحنان

وتركت له ريشها خضراء من جناحها تحت بدنه

لينام عليها وقتما تجبره الريح علي الانكسار

وقتها سيجد ريشتها تحت راسه تهدهده

تهون وجعه وهزيمته وتجدد الامل في نفسه

ورحلت العصفورة وكان لابد لها ترحل

وبقي عود الريحان جميلا طيبا حنونا

بقي صامدا وسط الوحشه

لكنه لم يعد وحيدا !!!!!!!

ودعته العصفورة ورحلت

كانت تري قلبه الطيب وروحه الجميله

كانت تعرف مشاعره واحاسيسه

كانت تراه يستحق كل حنانها

ولو كانت تملك لبقيت معه للابد

لكنها لا تملك

تابعها وهي تغادره وتبعد

نظر لريشتها الخضراء وابتسم

تركت روحها معه

وسيقاوم وينتصر علي الاصفر مهما طال الزمن

هو اقوي لانه لم يعد وحيدا

لن يهزم ثانيه !!!!






هناك 3 تعليقات:

مها العباسي يقول...

لا دا بجد
ايه التحفه دى

محمد حويحي يقول...

هكذا هي الحياة .. فيلم هندي لا تأتي نهاياته أبدا حين نظنها ..

اميرة بهي الدين يقول...

فارس قديم
Thursday, June 01, 2006
من كتاب الموتى على قبر فرعون شهيد

انهض أيها الملك , قد انتصرت خيول الشمس على كل أعدائك أحرقت الصحراء كل الضعفاء حولك , أنهض يا من ورثت التاج و النخوه , قم من كبوتك , الرمال الملتهبه أجبرت المتخاذلين على العوده , العواصف ابتلعت كل
المهزومين , أتركهم فى التيه و أمض أيها الملك الشجاع
أمض ثابتا صابرا , فالنهر مازال بعيدا , لكن أمثالك خلقهم الأله الواحد ليمضوا .. و يصلوا ألى النهر .
عد يا عزيز القوم , ستعود أيزيس .. أفتح ذراعيك لاستقابلها , ستعرفك هى من سعة صدرك و قوة ذراعيك و حنان قلبك , و ستدركها أنت بروحك قبل أن تدركها بعيناك , ستملأ جوانحك قبل أن تمسها يداك , و حين تضمها .. ستعرف أنها لم تأت ألى ذراعيك من بعيد , لكنها خرجت من بين ضلوعك .. لتضمها فى ذراعيك ...