كلون وجه مرضي الكبد الوبائي
قبل الغيبوبة ..
وجه باسنان مكسورة
مرسوم علي اسطرها المعووجة
دماء لزجه سوداء
تسيل علي الشفتين الزرقاوتين
وفوق الارض
تنهمر من بين الهوامش والاحرف
الوجه كان مبتسم قبلما
يحطموا انفه الصغير
لشاب متفائل
لم يعد كذلك
ولم يعد اي شيء
وجه اشحب
من لون الورقة المرسوم عليها
مشغول بمعرفه اجابة سؤال حائر
يطن في اذنه كنحله تموت
هل مت ؟؟
ام في طريقي للموت ؟؟
وبسرعه ولماذا؟؟ ..
السؤال يطن في اذنه
والنحله ايضا ..
بجوار ملامح وجهه الشاحب
بضعة كلمات مبعثرة
كتبت ببقايا قلم رصاص
هشمته سيارة مزدحمه
في الشارع المجنون ...
سيارة مسرعه لاتحمل ارقام
وسط المدينة المزدحمه
سائقها غائب الوعي
غائم العينين
بعدما ارتفعت رأسه
لحدود الترامادول
القلم ملك تلميذ حلم بنجمه ذهبية
تزين بها مدرسته التي يحبها ولاتكترث
كراسة الواجب
لكن القلم سقط من جيبه المثقوب
فدهسته السيارة
وبقي هو نهاره الطويل يحدق في شقوق النمل
في الحائط الذي عاقبته المدرسة بالتحديق فيه
لانه لم يأتي بقلم يحل به اسئله كتاب الوزارة
فكرهها التلميذ وكره نفسه
وقرر يشتري مطواة وقتما يكبر
يكتب بها علي وجهها وعلي جدران المدرسة
عبارات بذيئة وشتائم
تليق بزمن كريهه ولد فيه الصغير
دون اراده وعاشه تتحطم احلامه تحت عجلات
الغائبين المغيبيين بالبودرة المغشوشه بالسم
بضعة كلمات مبعثرة فوق الورقة الشاحبة
كتبها شباب كانوا احياء
حتي وقت قريب
وتحللت اجسادهم فعلا
وانتهي الامر
بعدما حلقوا صوب الموت
من فوق مقاعدهم المكسورة
وسط ملعب الكورة المزدحم بالتعصب
كتبوا علي الورقه الشاحبه
كلماتهم الفرحة
وقتما كانوا سعداء
وماتوا لايعرفون السبب
ولم ينتبه لموتهم احد
بعدما شاهدوا المباراة
وصفقوا بنشوة
ودفعوا كعصافير من فوق المقاعد
وسط معركه لاتخصهم
وسقطوا صرعي وغابوا للابد
عثر الشاب
الذي كان متفائل علي الورقة
تتطاير فوق رأسه
امسكها وسط الزحام
وقرأ كلماتها بسرعه
وقبلما يستوعب معانيها
ويسأل عن قصد كاتبها
ضربه احدهم بعصا
ففقد الوعي والحياة وكل شيء
العصا كانت مخبأة فوق سطح عقار متهالك
ايل للسقوط
مخبأة وسط الكراكيب القديمة
وبيوت الصراصير ومصائد الفئران
عثر احدهم علي العصا قبلما يتهاوي
البيت فوق رؤوس اخرين لانعرفهم
ولن نحكي اليوم قصتهم
ولا في اي يوم اخر
ضربه علي راسه بالعصا
لانه يشعر غلا من مالك شقته
الذي يسعي لطرده من امانه المزيف
وبيع الشقة الحقيرة التي تستره
لعاهره ادخرت اموالها القليله
من عرق الجسد المهان
ستدير البيت للدعارة
والحاج صاحب البيت لن يكترث
فاموالها التي سيدخرها
ليزوج ابنته الدميمة
انسته كل مبادئه
وقتما كان رجل محترم
الساكن غضب من مالك البيت
الذي هدده بفضيحه وعار
وقتما يخرج من الشقه
وتلقي مفروشاته الرخيصه علي الرصيف
بجوار العاهرة التي ستسكن بيته
وتطرده للضياع
غضب من مالك البيت
وخاف منه لانه اعتاد يجلس في غرزة
اصحاب المقامات العالية
يرص لهم الحشيش فوق الجوزه
واعتادوا يحموه ويمزقوا المحاضر
التي يكتبها ضده المقهورين
والغاضبين وولاد الحرام
امسك السكان العصا الغليظه
التي عثر عليها في خرابه مهجوره
مليئه بالقمامه
واحتفظ بها ليطارد الكلاب المسعورة
التي تهاجمه بلا سبب
بحث عنها ليقتلها
لم يجدها
بعدما تقززت من رائحه النتانه
التي تخنق الحارة البائسه
وفرت
وتركت النتانة لمدمنيها
فبقيت العصا في يده
تبحث عن رأس تحطمه
لتثبت وجودها كسلاح بدائي
احتقرته المدافع المضاده للطائرات
في يد الهواة القتلة
بعدما سخرت منها الدانات
لانها سلاح رومانسي
في ايدي الفتوات الطيبين
في الحارات المرسومه
في روايات نجيب محفوظ
اجيد القتل وجربوني
همست العصا
فامن بها الساكن المقهور
باموال العاهرة وعلاقات المالك
واندفع صوب الشاب الغريب
المتسكع علي الرصيف الذي كان
مختفيا تحت مقاعد المقهي
التي تبيع الشاي
والمية الساقعه والبرشام
اندفع صوبه
وكأنه يكرهه من مائة عام
وبسرعه انهال علي راسه المشغوله بالفراغ
وحطمها
تناثرت الدماء فوق الورقه الشاحبه
وصار الشاب نعيا في الورقه
التي يدفس فيها بائع السندوتشات الرخيصة
مخللاته الشهيه
وتطايرت الورقه الشاحبه
بدماءها الساخنه فوق رؤوسنا المتعبة
تمطر حزنا علي شاب مات
لايعرف سبب موته
وشباب ماتوا
لم يعرفوا سبب موتهم
ومدينه مجنونة
وسيارات مسرعة
وعاهرات يستقوين بعرق الليال الحمراء
والعلاقات الحقيرة برجال الحكم المحلي
والدولة
وغرز للحشيش تمزق فيها المحاضر واقوال الشهود
لتشعل نارا للفحم وجلسات المزاج
وسكان يطردون للارصفه
فلايجدوا لارجلهم في الشوارع
موطيء قدم ولا شفقه
وقتما احتل الباعه الجائلون
السماسرة والقوادين ومقاعد المقاهي
كل الارصفة والشوارع والفضائيات
تطايرت الورقه الشاحبه
تمطر دما
فتأفف بائع السندوتشات
يلف فيها بضاعته
التي يبيعها للفقراء معتلي الجسد والروح
بضاعته
التي يروج لها وسط الروائح النتنه
والكلاب المسعورة
والقمامة والجوعي المستسلمين للقهر
وامناء الشرطه والاحلام المستحيلة
فرت الورقة من بين اظافره القذرة
وسندوتشاته الرديئة
تستخسر فيه كلماتها الاخيرة
والوجه الشاحب
وبقيت تطير وتطير
فوق رؤوسنا تمطر دما اسود
تذكرنا بمن ماتوا بلا ذنب
الا انتماءهم لهذا الزمن الموحش
ولتلك المدينة القاهرة المجنونة !!!!
وجه شاحب وكلمات مبعثرة
كتبها الموتي فوق الاسطر المعووجه
علي ورقه تحلق فوق رؤوسنا
لااحد قرأ الكلمات ولافهم معانيها
وهل تفيق العقول من الموت
وتفهم اي شيء ؟؟
هناك 3 تعليقات:
بجد مبدعة جدا
انتى فعلا مثلى الاعلى
sh.dewany@yahoo.com
كل سنة وانت طيبة ياقمر
شيرى
ولم ينتبه لموتهم احد
كان الشكلانبيون الروس من أول من اهتموا بمسألة شكل/حجم حروف الكتابة وتوزيعها في فضاء "الصفحة البيضاء" لتصنع الحروف والكلمات في توزعاتها مع البياض أفقا تشكيليا له دلالاته في قراءة أي نص .. لم أستغرب أن تكون هذه الجملة هي الوحيدة في نصك الممتع الكتوبة بحجم طباعي أكبر .. فهي الجملة المفتاح في النص .. الذي يحيلنا إلى غياب قيمة الإنسان تماما في واقع مؤلم، لا ينتبه أحد فيه لموت البشر.
بناء النص أحالني لتجارب جاك بريفيير الشعرية على التحديد، أكاد أعرف أنك لم تقرأي جاك بريفير و"صراعه مع الملاك" .. ولكنه النَفَس السردي في البناء الذي يحكي متوالية سردية تسلم كل وحدة فيها إلى الأخرى في بناء متداخل يشبه خطوط اللوحة التي اخترتها مع النص.
ربما كان الارتكاز على الجمل الإسمية في بدايات النص هو ما أضفى طابعا سكونيا على النص بما يشبه اللوحات الصامتة .. غير أن توالي المقاطع وانكشاف المشهدية سطرا فآخر أضفى ديناميكية محببة على تفاصيل النص بعدها، لم يقلل من متعتها بعض الأخطاء اللغوية التي تعلقت بنحو اللغة وصرفها .. والتي يمكن مراجعتها بسهولة
أحببت المقطع الذي تركز على العصا كسلاح بدائي وأداة قتل، في بنائه وحس السخرية السوداء فيه:
بقيت العصا في يده
تبحث عن رأس تحطمه
لتثبت وجودها كسلاح بدائي
احتقرته المدافع المضاده للطائرات
في يد الهواة القتلة
بعدما سخرت منها الدانات
لانها سلاح رومانسي
في ايدي الفتوات الطيبين
في الحارات المرسومه
في روايات نجيب محفوظ
الممتع أيضا هو الظلال الكثيرة التي ينفتح النص عليها .. والتي تتجمع كلها في مشهدية قاهرية بامتياز .. فالحارة والوجه والساكن المطرود والطالب الذي ينظر للحائط والسائق المنتشي بالترامادول والنبوت كلها ملامح قد توجد متفرقة في أماكن عديدة .. ولكنها لا تجتمع معا سوى في عاصمة واحدة فقط .. القاهرة
نص بروح مختلفة .. وحبكة بديعة .. استمتعت
طبعا بعد كلام اسامة ماعرفش اقول حاجةغير فعلا القاهرة قاهرة وواقع مرير مع كاتبة مبدعة
إرسال تعليق