( 19)
الساعه التاسعه عشر
15/ 1/ 2012
ليست هذه المره الاولي التي اكتب عنه ولن تكون الاخيرة ...
البيت كبير وواسع ...
مبني كبير ضخم بسقف عال ، سته غرف كبيرة وصاله لا صالتين ثلاثه متداخلين وشرفه تلف البيت من جميع الجهات وسلمين من الشرفة البحريه وسلم من الشرفه الغربيه وسلم من الحديقه للمطبخ ، الشمس تدخل البيت في كل مكان ، تلف حوله وفيه ، والهواء البحري يعطره ويبخره وينفخ فيه الحياه كل الثانيه ، هنا كان فرن بلدي وهنا كان اسطبل وهنا كان تكعيبتين عنب واربعه تكاعيب لوف ، هنا كنا نلعب ، حبة ملح عند الجارة وهنا كنا نلعب صيادين السمك ، وهنا كنا نلعب استغمايه ، هنا جلست بجوار جدتي الم البلح وهنا جلست بجوارها الف المانجة الخضراء بالجرائد القديمه حتي تنضج ولاتأكلها الواطويط علي السجر !!!
هنا شفت باقوطي الجوميز ، وهنا اكلت التوت الاحمر الصابح ، وهنا شربت " مترد " اللبن ، وهنا شربت من القلل المتبخرة بالنعناع ومرصوصه في الصينيه في اليمه البحرية من شرفه منزلنا الريفي الكبير الواسع ...
ذاكرتي ، تعود لهناك بسرعه وبسعادة ... هنا انام في حضن جدتي ، الحاجه نبوية رأس العائلة وانا اصغر احفادها !!!
البيت مظلم وصوت الديك يصدح واصوات غريبه تأتي من الحقول المحيطه بالمنزل ، اصوات حشرات ربما او طيور مازالت تتثائب وتنفض عنها وحشه الليل ، في البيت غرف كثيرة مازالت مظلمه رغم ان ارتفاع أذان الفجر من الجامع القريب و... الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم ...
خطوات جدتي توقظني ، افتح عيني فلااجد الا الظلام ... لااخاف من ظلام اول النهار قدر مااخاف من ظلام اخره !!!
في ظلام اول النهار تسكن اسراب العصافير التي تحلق فوق الاشجار النائمه لتوقظها وتوقظنا !!!
في ظلام اول النهار تصارع الشمس بقايا الليل وتهزمه وتشرق وتجبره علي رحيل قصير ليعود ينتصر عليها بعد ....
مازالت الخطوات البطيئه لجدتي تشحذ راسي وعقلي ويقظتي !!!
صغيرة انا بجدائل طويله مرفوعه قوسين طفوله فوق الرأس الصغيرة التي لايشغلها الا البعد عن العفاريت والاشباح بالاختباء في حضن الجدة واغلاق العينين جيدا ....
انام بجوار جدتي وفوق ذراعها الصق جسدي بها والتصق بالحائط البارد فارتعد واعود لحضنها الدافء ... طيله الليل ، افتح عيني ، الظلام دامس و" اللمبة السهاري " بعيده والاشباح تتراقص والخيالات والرعب يدب في قلبي فاختبيء في حضن جدتي التي تطبطب علي وتهمس في اذني غمضي عينيك قوي واستعيذي من الشيطان ونامي ، فاسمع كلامها وانام والليل يبقي طويل طويل !!!
جدتي ، السيدة العجوزة التي انام علي ذراعها وفي حضنها وفوقنا ناموسية تمنع الناموس المتوحش من التهام وجنتاي ، تقص علي حواديتها حتي اغرق في النوم ، فتخرج من الناموسيه وتتركها تتمايل فوق راسي وخلف حدقتي المغلقتين اشباح مخيفة و......... ياتيته ، اصرخ فتأتي وتهدهدني فانام !!!!
هذه ليالي طفولتي ، في القرية الصغيره المجهوله التي لايعرف احد اسمها لمحافظه علي اطراف الدلتا ، يقال ان اهلها اعراب هاجروا من الاراضي المقدسه واستوطنوها قبال متحاربه استقرت ومعها عائله جدي التي تنتسب للاشراف كما تقول الشجره الطويله المرسومه علي ورقه كبيره ملفوفه في دولاب تيته ، احنا من نسل النبي ، عليه افضل الصلاة والسلام و............... امدح في الحبيب المصطفي وصلي عليه وعلي اله وصحبه و...................... تدور اكواب القرفه في الدوار في ليالي رمضان والمداحين يذكرون محاسن سيد الخلق واشرفهم وجدتي تردد من خلف الحائط اهازيجهم واغانيهم و.... صلي الله علي طه ، خير الخلق وانقاها و...... وتعيش القريه الصغيره ليالي دافئة في عز الشتا !!!!
والبرد قارص ، استدعي جدتي والمداحين والبيت العريق العتيق لخيالي ، اعود له واغرق فيه ، اعيش فيه واحييه بعدما مات هدما وبيعا وانقاضا ، استدعي الدفء من بلدتي الصغيرة التي بارحتها ولم تبارح خيالي و...........فين حضنك ياتيته ، استعيذي من الشيطان ونامي ، نفسك اسمع كلامك ياتيته زي زمان واتطمن في حضنك وانام ............. لن يبدد البرودة التي تحتل سماء مدينتنا الا اهازيج المداحين تأتيني من الماضي القريب ، خمسين عام واكثر ، ربما خمسه واربعين ، صلي الله علي طه ، خير الخلق وانقاها و........ قولي ياتيته قولي !!!!
جدتي الحاجه نبوية ... السيدة المهيبه رأس الاسرة ، السيدة الوحيده التي شاهدتها تنهر ابي !!! ابي المخيف جدتي المهيبه تنهره وتتشاجر معه ، بل وتأمره احيانا وتضاحكه طويلا ... الم اقل لكم مهيبه ، تنهر ابي الذي ترتعد اوصالي من صوته اذا رفعه قليلا وهي لاتهابه ولا ترتعد اوصالها من نظرته المربعه بل تنهره وتشخط فيه وتمارس عليه سطوة امومتها التي يقدرها ويحبها ...
خطوات جدتي في صالة المنزل في طريقها للحمام لتتوضيء وتصلي الفجر تفصح عن اقتراب النهار وساعه رحيل الاشباح وحلول الملائكه والعصافير ورائحه النعناع !!!! خطوات جدتي تخبرني في فراشي بأن الليل سيرحل والنهار سيحل والان ، الان بالذات هي ساعه يتوحد فيها الليل الراحل والنهار الاتي ، وان ظلام النهار اوشك يتبدد ونهار اليوم اوشك يأتي !!!!
اوشك الليل يرحل لكنه لم يرحل بعد ، مازال ظلام النهار قابعا وسط البيت الريفي الكبير ، بيت العائلة !!!
والحقيقه ان بيت العائله الريفي الكبير ، جرح غائر في قلبي لم ولن يندمل ابدا !!!
كنت اظنه الامان والطمأنينة وعشت فيه اجمل ايام طفولتي ، فاذا بجدتي تموت وخلفها بعض عماتي وتنقسم ملكيه البيت الكبير بين عشرات الورثة الذي لايعرفوه ولم يعايشوه واعتبروه مصدرا لبضعه الاف من الجنيهات التي ستزيد دخولهم الشهريه المتواضعه عن طريق شراء شهادات الاستثمار عشريه السنوات !!!
اتفق الورثه علي هدم البيت وبيع انقاضه وبيع ارضه وتقسيمها وتقسيم الحصيلة " التافهه " فيما بينهم !!!
هدموه من علي وجه الارض وازالوه ومحو التاريخ والجغرافيا لكن بيت العائلة الريفي الكبير بقي في قلبي ولم يبارحه !!!
كيف استطاعوا يهدموا التاريخ والوجود ويمحوا اسمائهم واسماء عائلتهم من علي وجه الارض !!!
كيف استطاعوا يستخفوا بكل الذكريات والمقعد الذي جلس جدي عليه وعصاه الابنوس والسرير الذي نامت جدتي عليه وماتت عليه وتركت فوق مخداته رائحتها ووجودها ، والشرفه التي طالما لهونا فيها صغارا وتنقلنا خلف شمسها طيله اليوم في النهاريات البارده واحتمينا بواجهتها البحريه في الايام القائظة ، وشجره الياسمين فوق سور السلم واشجار المانجو العجوز وتكعيبه العنب وتكاعيب اللوف ، كيف استطاعوا ينسوا صوت دقات الساعه ببندولها النحاسي وسط الليل وصوت " السيفون " بشلالات مياه الدافقه التي توقظ البيت كله وقتما يدخل احدنا للحمام مستعيذا من الشيطان الرجيم والعفاريت والخبث والخبائث !!!
كيف استطاعوا يرموا " الكلوبات العتيقه " التي كانت تنضف جدتي زجاجها كل يوم وتغير لها " الراتينه " وتنير بضوئها جنبات البيت الواسع ، اللمة " نمرة خمسه " المعلقه بجوار باب المطبخ تنشر ضوءا شاحبا وهبابا اسود تتركه اثرا يوميا فوق الجدران القديمة ، المنقد النحاسي الكبير ، الذي كانت تنظفه " خالتي فاطمه ام حفان " وتدعك نحاسه بتراب " القوالح " ويشعله عم محمد ابو زيد كل يوم ، يلهلب " الجازورينا " في الارض ووسطها القوالح ولما النار تشد يشيلها بالجاروف للمنقد ولما الدخان ينصرف والنار تهدا يحمله بذراعيه السمراويين القويين لصاله البيت الكبير فينتشر الدفء ونحن جميعنا نتحلق حوله نتسامر ونرغي ونسمع الذكريات والعبر والاغاني والسير والضحكات واصل العائله وحكايتها ، كيف هان عليهم يبيعوا الطشت النحاس الكبير اللي كنا بنستحمي فيه اطفالا ، تضعه جدتي علي الارض وتوقفنا وسطه وتصب علينا ماءا دافيا وتحممنا ، كيف استخفوا بالكوز النحاسي بالوانه الثلاثه الزاهيه وبماكينه الخياطه القديمه التي كانت تفصل بها جدتي ملابسنا وماكينه الشعريه " الدولاب " الخشبي الكبير الذي تصنع به جدتي الشعريه بايديها وتحمرها وترشها بالسكر وتقدمها لنا وقت الفطار !!!!
ماعلينا .............
بيت العائلة الكبير ، جرح نافذ في قلبي لن يندمل ابدا !!!
يوم قرروا " يفضحونا " ويبيعوا البيت بكيت وترجيت ابي يشتريه ، لكنه لايقوي علي ثمنه وهم لن ينتظروا علي بيعه واحلام الثراء التافهه تداعب خيالهم ، يومها بكيت ثم سافرت وحدي بكاميرا فيديوا وصورت البيت ، كل سنتيمير فيه صورته بفيلم فيديو ، هذا ماسيبقي من بيت العائله الكبير وتاريخها ، صورته قبلما ينزعوا اللوحات من الجدران وقبلما يلملموا العفش القديم وقبلما يهدموا الاعمده والسقف وسور الشرفه وسلم المطبخ ، صورته واحتفظت به في قلبي وذاكرتي !!!!
بيت العائلة الكبير ، بيتنا العريق ، يأتيني في الاحلام ويخيفني في الكوابيس !!!
في الاحلام ، يأتيني فاري جدتي تسير في الصاله وتفتح الباب العالي وتخرج للشرفه وتنادي علي الخولي ، يحضر لها فرعين نعناع طازه ، تسقط النعناع في براد الشاي الصاج الابيض ، تفوح رائحه النعناع في المكان وفي الحلم وفي انفي ، استيقظ فرحه ، النعناع خير وجدتي الف خير والبيت الكبير تاريخ وجغرافيا وستره وهيبه ودفا وونس !!!
يداهمني في الكوابيس ، اري العمال الجهلاء يدقوا علي اعمدته بالقواديم ، يهدوه ، اسمع صوت الاعمده تئن ، اسمع صوت جدي يلعننا لاننا بعنا التاريخ بثلاث خردلات قبل صياح الديك ، اري السقف العالي والاسياخ الحديد تقع فوق رأسي ، تخترق الاتربه رئتي وتخنقها وتمزق الاسياخ الحديد قلبي وضميري وتبعثرهم ، واستيقظ باكيه ، اعتذر لجدي لاني لم اقوي علي حمايه البيت الذي بناه لابناءه فباعه احفاده وباعوا الفرش واللوح والطشت النحاس ودولاب الشعريه و......... فقدوا هويتهم وضاعوا !!! اعتذر لجدي ، لكني قليله الحيله ياجدي ، لم اقوي علي شراءه لا انا ولا ابي ولم اقوي امنعهم يبيعوه ولم افلح ابصرهم بقيمته وقيمتهم اذا مااحتفظوا به دارا للعائله اجيالا ورا اجيال ...........
صورت البيت قبلما يبيعوا منقولاته وقبلما يسلموا جدرانه المنقوش علي احجارها قصصنا وحواديتنا ودموعنا وفرحنا لمقاولي الهدم ، صورت البيت وغادرته وانا ابكي ولم اعد ابد للقريه ، لم نعد نملك الامقبرة بها رفات جدي الغاضب وجدتي الحانقه علي احفادها ، وحين يموت احد من عائلتنا نتسلل للمقبرة كاليتامي ، هكذا احساسي ، يكللنا العار لاننا بعنا البيت فلم يعد لنا مكان نفتحه ونستقبل فيه العزاء ونقيم الولائم ونبكي براحتنا ، اصبحنا كعمال التراحيل ، نصل من خارج البلد للمقابر ومنها نتسلل خارج البلد ونأخذ العزاء امام المقبرة كمثل الاغراب الذين لااسم لهم ولا عائله ولاتاريخ !!!!
صورت البيت واعطيته ظهري وبكيت ولم اعود للبلده ثانية !!!!
سبعه سنوات وانا افكر في البيت كل يوم ، اتذكر جدتي وجدي ، اتذكر عماتي واعمامي .... اتذكر نهاريات رمضان التي كانت جدتي توقظني في التاسعه صباحا لتسحرني ثم تتركني صايمه بقيه اليوم لافطر مع كل الاسرة وتضرب ابناءعمومتي حين يعاروني صغيره وانا في الرابعه او الخامسه اني فاطره وان تيته بتكذب عليكي ، يومها تضربهم لانها لاتكذب ولانهم قللات ادب !!! فاصدقها واكرههم واخاصمهم لانهم قالوا علي تيته كذابه !!!! اتذكر ليله العيد وجدتي تدندن وهي واقفه قدام صفايح الكعك ترصها ، تدندن ياليله العيد انستينا وجددتي الفرح فينا ، اتذكرها تقف شامخه كمثل اعرق نخله في بلدتنا امام صفايح الكعك ترصها وترش السكر الابيض الذي يتناثر رزاذه الجميل علي اصابعها واطراف دقنها !!!! اتذكر فجر يوم العيد وجدتي تقف وسط البيت تكبر مع تكبيرات العيد العاليه تخترق جدراننا وقلوبنا من المسجد القريب ، توقظنا وتدفع الرجال والصبيه للجامع وتلمنا حولها تكبر ونحن نردد خلفها ماتقوله ، تمنحنا العيديه وتاخذنا للحديقه نقف معها والجزار يذبح الخروف ، تتشاهد فنرد عليها ، توزع اللحم بسعاده ونحن نقلدها ، تحمر الكبده والقراقيش فيمتلا المنزل الكبير برائحه العز والفرحه ، تقف في الشرفه مبتسمه وهي تري عائلتها مجتمعه لحظه الفرح ، ياااااااااااااااه ياتيته وحشتيني قوي قوي ، كل هذا واكثر كان في بيتنا الريفي الكبير الوائع العريق العتيق الذي هدمه الورثه وباعوا انقاضه ومنقولاته وارضه واقتسموا ثمن التاريخ علي انفسهم وقالوا " اللي يعوزه البيت يحرم علي الجامع " وقالوا " الحي ابقي من الميت " وقالوا " ايه اللي رماك علي المر اللي امر منه " !!!! كل هذا واكثر باعوه الورثه وتركونا كاللقطاء بلا بيت ولا دوار نفتحه لاستقبال العزاء ، تركونا كاللقطاء بلا بيت ولا دوار ولا مداحين في ليالي رمضان ولا تكبيرات الجامع في فجر العيد وبلا شعريه بسكر ولا فرن بلدي !!! كل هذا باعوه الورثه واكثر ............
يرضيك كده ياتيته ؟؟؟؟!!!!ا
بيت العائله العريق الجرح الغائر في قلبي لايندمل يدفئني !!!!
واحضان جدتي تدفئني وذكريات الاسرة تدفئني والمنقد النحاسي الذي كنا نساهي جدتنا ونرمي فيه قرش البرتقال فيخرج ريحا عطرا فتسبنا ونضحك يدفئني ، وجلوسي بجوارها علي الكرسي الخشب الصغير امام الفرن وهي تخرج العيش السخن قبل الفطار مع القرص والقراقبيش والعيش المرحرح تدفئني و جري خلف الكتاكيت الصفرا وانا اصفق بيتك بيتك بيتك قبل غروب الشمس يدفئني وطعم الشعريه ام سكر في فمي يدفئني ويسعدني !!!!
ويابيتي وبيت ابي وجدي وعائلتي لاتحزن !!!
اكم من احياء موتي لانشعر بوجودهم واكم من اموات خالدون لايموتوا !!!
وانت في قلبي حي لن تموت ، وفي ذاكرتي باق لن ترحل ...
كلما احسست بالبرد عدت لك انهل منك الدفء الكامن في روحك ..
و................ دثريني بحبك ياتيته وخذيني في حضنك ودفئيني ....
و.................. غمضي عينيك قوي واستعيذي من الشيطان ونامي !!!
حاضر ياتيته بس والنبي خديني في حضنك قوي ودفيني !!!!
وينتشر الدفء في قلبي وروحي وينتشر وينتشر وينتشر وينتشر ...................................
اقول ثانيه .... يابيت العائلة العريق العتيق ...
ليست هذه المره الاولي التي اكتب عنه ولن تكون الاخيرة ...
هناك 6 تعليقات:
اسمع صوت الاعمده تئن ، اسمع صوت جدي يلعننا لاننا بعنا التاريخ بثلاث خردلات قبل صياح الديك ، --- الله الله ع الجمال فعلا بعنا عمرنا و ايامنا بثمن بخس ---تسلمي يا اميرتنا -- امير جاد
ياااااااااااااه يا أميره ألم أقل لك من قبل أن كل مايجول بخاطري من أفكار وذكريات تكتبين عنها،فهي الى حد كبير متشابهه لم أرى جدتي أم ابي ولكني عايشت البيت الكبير من خلال تيته أم أمي وكان هذا البيت هو بيت والد ووالدة جدي والد أمي ، بيت كبير في وسط الأراضي يبتعد كثيرا عن بيوت أهل القرية ،لكنه وسط أراضيهم أو عزبتهم بمعنى أصح، بيت من دور واحد وايضا من 6 غرف مفتوح ابوابها جميعا على الصالة الكبيرة، ونوافذ بزجاج معشق بالألوان الجميلة ومطبخ وحمام بلدي ، وبابين، واحد في الواجهة وآخر في الخلف من خلاله يذهبون لحميع ملحقات البيت من غرفة الفرن والزريبه الخ الخ الخ، وكان البيت بجورا النيل مباشرة، وكانت جدتي تعشق السمك، وكان الصياديون يأتون لها بالسمك تشترية وتشويه في الفرن ونأكله مع الرز الأبيض، الحديقة التي تلف البيت مليئة بشجر الجوافة والمانجة وتكعيبات العنب واللوف ، ويحيط الأرض من ناحية الجيران شجر الغاب ،،،،،،،،وأرض بها شجر الموز ياااااااااااااه مازلت أتذكر جدتي رحمها الله عندما كانت تشمر كم الجلباب وتنزل الأرض لتقطف بعض ثمار البامية والفلفل والطماطم بنفسها،، ثم تطهو لنا الباميه فقط بالبصل والثوم والطماطم وبدون لحم أو حتى مرقة ماجي ومازال طعمها الشهي في فمي،مازلت أتذكر النسوة اللواتي كن يساعدنها في خبيز العيش، والفطير المشلتت وفطيرة الذرة المصنوعة بدقيق الذرة وخبز الكماج وهو يشبه العيش الشامي، وبعد ألنتهاء من وصلة الخبيز ،نطهو الطعام وغالبا يكون صيادية من القراميط أو صينية بطاطس، وبجوار ذلك البطاطس والبطاطا المشويه مع الباذنجان الرومي المشوي ،،،،،،،، الله عليك يا أميرة تذكرت التفاصيل بدقة متناهية لقد شحنتي ذاكرتي بتاريخ عشقته،وأنتهي كما أنتهت قصة بيع بيتكم، ومازالت أحن لهذا البيت وكلما ذهبت الى هناك أذهب لأرى الأرض من بعيد فمن أشترى البيت هدمه وسواه بالأرض ولم يعد هناك بيتا ولا تكعيبه عنب نلعب تحتها وتجمع منها حدتي الورق الصغير لتحشوه لنا ياااااااااااااه يا أميره بجد أنت جميلة قوي فكرتيني بأيام حلوه
رائحة الجدران المختلطة ببقايا المنقد ورائحة الكيروسين المنبعثة من الكلوبات تملأ انفى من حكاياك .. والكتاكيت الصفراء التى تذكرنى بكتكوت كان زغبه ابيض أشتريته بقرش صاغ وربيته مع اخوته على السطح و .. اشياء كثيرة جميلة اوافقك أنها جزء من أصولنا وهويتنا طحنتها وأذابتها ماديات وقتنا .. وربما حاجتنا .. لكن هذه الشيئيات الصغيرة لاتبقى فى عقولنا غير الذكريات الجميلة .. قد تبقى .. لكن أصحابها لايبقون .. ويرحلون .. فلا نجد بين ايدينا غير أشيائهم وصورهم .. عصا هنا .. ودولاب الشعرية هناك .. وربما أريكة كان يتكئ عليها جدودنا فى الشرفات يتناولون شاى العصارى ..لاتتشبثى كثيرا بالأشياء .. فالجميل اننا لاننسى الذكريات .. وإن ذهبت الأشياء .. فدوام الحال من المحال .. وحمدا لله ان جعل لنا ذكريات حلوة .. لأنها ثراؤنا الحقيقى ..
يااااه يا اميرة قلبتى المواجع وبيت جدى وقوالح الذرة اللى كانت بتتخزن تحت والفرن والبيت اللى اتباع وكان نفسى بابا يشتريه ومارضيش وباعه خالى برخص التراب عشان يفك زنقته المالية وانتهى البيت وكل مااعدى عالشارع قلبى يوجعنى عليه ...الاحلى ف دة كله انك طلعتى قريبتى
اميرة حبي HKH
_____
قصاد كل بيت قديم بيتهد بيت قديم بيتبني وقصاد كل جدة /تيتة بترحل تيتة جميل بتستلم المكان والمكانة منها. قصاد كل حفيد بيتحول لجد حفيد جديد بيحل مكانه وبيتولد وبيتعلق ببيت جدودة
ربنا يديكي العمر والصحة وبيتك يكون قبلة لولاد ولادك ويعمر بالسعادة والفرح..كتابة شجية وحنونة ووجعتني اوي مش وجع الم بالعكس وجع مبهج..بهجة علي ذكري حلوي لها حنين في القلب احفادك ها يفتكروا مايكوريف تيته وتليفونها اللاسكي ومدونتها الجميلة وبرنامجها الجميل..هايتمتعوا بحنانك وحبك ويكونوا دايما فخورين بيكي وبنجاحك يا حبيبتي يديلك طولة العمر والسعادة ايتها الطفلة الجميلة الشقية
:)) مودتي
مجدي السباعي
خطوات جدتي تخبرني في فراشي بأن الليل سيرحل والنهار سيحل والان ، الان بالذات هي ساعه يتوحد فيها الليل الراحل والنهار الاتي ، وان ظلام النهار اوشك يتبدد ونهار اليوم اوشك يأتي !!!!
تعيش وتفتكري
اكم من احياء موتي لانشعر بوجودهم واكم من اموات خالدون لايموتوا !!!
وانت في قلبي حي لن تموت ، وفي ذاكرتي باق لن ترحل ...
إرسال تعليق