28 أكتوبر 2009

منتصف الطريق ...!!!!!!!



اعد لحفله كبري .......
ازين المكان ، ارشق الزهور النضره في كل جوانبه ..
ارصعه بالشموع ، اطلق في سماءه الفراشات الملونه التي حطت علي كفي احتفالا باحتفالي ..
موسيقاه ا
لتصويريه هديل بلبل شارد هداه قلبه لنافذتي ، انين ناي عثرت عليه مصادفه امس في الطريق يئن ونفسه دون ان تلمسه ايدي ، تغريد عصفورين اخضرين فرا من باب المكان حين فتحته لاجدد الهواء وسكنا المنضده الجانبيه بجوار الشموع..
ازين الجدران بقص
اصات ملونه وشبك حريري مطرز بالمنمنمات الفضيه
ابخر المكان بعطور شرقيه برتقال علي نعناع علي مسك هندي .....
ارتدي اجمل ثيابي
واتعطر واطلي شفاهي بطلاء شفاف برائحه الفراوله واربط شعري بشريطه ستانيه الملمس حمراء اللون ..
اتفقد المكان معدا للحفله الكبيره التي اعددتها ..
احدق في عقارب الساعه ، مازالت بطيئه ، يتحرك مؤشر الثواني ببطء كانه لايرغب في بدايه الحفله ..
لكن الحفله ستبدآ ايها العقرب اللعين ، لن اتراجع عن قراري ، الحفله ستبدآ في ميعادها ..في
العاشره من مساء هذا اليوم ..

( اللقاء )

في مثل ذلك الوقت والتاريخ ، التقيته ، تلاقت عينانا صدفه وسط زحام وصخب لم نحبه ..
تحدثنا بالعيون حديثا طويلا وبحثت كل عين عن الاخري تكمل العبارات الناقصه ..
حللنا بعيوننا - وبيننا الف عين والف روح - لعبه الكلمات المتقاطعه ، كل واحد منا قص للاخر بنظراته كل ماكان يتمني يعرفه عن الاخر ، اكلمنا اللوحه معا ، انتبهنا لتوافقنا الفطري ، تاملته وقتها بنظره فاحصه اعجبني ، كان في نفس اللحظه يتآملني اعجبته ، قررنا نقترب ، تحركت من مكاني صوبه وتحرك من مكانه صوبي والتقينا في منتصف الطريق....
اه من منتصف الطريق ، تلك العلامه الفارقه التي وقفنا عندها طيله الوقت ، لم ننتبه للاشاره التي رسمت شكل تعارفنا وتواصلنا منذ اللحظه الاولي للقاءنا ، سنقف في منتصف الطريق ، لن نتقدم خطوه واحده مهما بذلنا من مجهود ..... سنقف في منتصف الطريق في منطقه لاتعجبني ولاتعجبه في مكان لايوافقني ولا يوافقه ، سنكتشف في اللحظه الاولي للقاءنا ان قدرنا منتصف الطريق ، لم ياتي عندي ولم اذهب لديه ، التقينا ، لقاء ناقص ، لم يبذل اي منا المجهود الكافي للانصهار ، قبلنا منذ اللحظه الاولي ارهاقا من محطات حياتنا السابقه قبلنا ان نلتقي في منتصف الطريق ، تصورنا في البدايه نصرا واكتشفنا طيله الرحله الطويله التي مشيناها معا انها الهزيمه الكبري التي ارتضيناها قانعين بما تمنحنه لنا الدنيا متصورين انها لن تمنحنا اكثر من هذا ، وبعد ان وقفا طويلا في منتصف الطريق بحث كل واحد منا عن نفسه واكتشفنا اكتشافا موجعا اننا ضيعنا العمر في محطات الوداع واننا بددنا الوقت في مفارق الرحيل واننا ارهقنا اكثر واكثر !!!
في مثل هذه الساعه وفي مثل هذا اليوم ، منذ وقت بعيد التقينا ، اثنين يعانيا من الوحده الشديده ، لايفهمها احد ، كانها مغتربان وسط الزحام ، اثنين يعانيا من الارهاق ، وقفت قطارات حياتهما في محطات كثيره ، ادمنا الاحساس بالترحال والغربه ، هما سفينتين لايرسيا علي شط ولايعرفا لهما مرفآ ، طائرين ارهقهما كثره التحليق لكن لاشجره ولا سطح ولا عش يعودا اليه ، اثنين قدرهما الترحال والرحيل ، يعرفا كل المسالك وكل الدروب التي تساعدهما علي الفرار ، يقرآ النجوم و
علاماتها الارشاديه ، يفهمها صوت الامواج قبل هبوب العاصفه ، يعلما صوت الريح قبل بدايات الاعاصير ، تعلما من الحياه كيف يفرا منها وينجيا بانفسهما ، يعانيا من الوحده الشديده لدرجه ادمانها ، لا يقتربا من احد لان احد لن يفهمها ولايتحملا مزيد من الاوجاع والالم والعذاب ، ادمنا الوحده فعاشوا في شرانقها تحميهما ربما تعزلهما اكثر ربما تخفيهما عن الشرور المحيطه ربما الامر المؤكد الوحيد انها لا تضايقهما ولا يشكو ا منها !!!
في مثل هذه الساعه في مثل هذا اليوم منذ وقت بعيد التقيا ..... كانت حفله صاخبه ، اعترف كل منهما للاخر في حوار عيونهما الصامت انه يكره وجوده وسط هؤلاء البشر ويكره وجوده في ذلك المكان ويتمني الرحيل لكن القيود الشفافه تقيد كل منهما في مقعده مبتسما كانه تمثال صنم لاينطق يتعين علي البقاء حتي نهايه الحفله الكريهه ...... التقيا ، تخاطبا حتي اطمآنت القلوب وانتظمت دقاتها وحتي هدآت الانفاس ودفئت بعد بروده مفاجآ انبعثت من صدريهما خوفا من اللقاء الذي فرض عليهما بعيونهما العنيده التي ابت الاستجابه لكل قراراتهما المعلنه بانعدام الوصل والتواصل ، خذلتهما عيونهما وتواصلت وتحدثت وحكت قصص كثيره فتحركت الاجساد صوب الاجساد لاستكمال التعارف بين الارواح المرهقه بحمولها الثقيله ......
ابتسمت له فابتسم لها ، وقفا امام بعضهما ، احست ارتباكا ثم لمحت قطره عرق تنسال علي جبهته من منابت شعره الابيض ، احس توترا ثم قبض علي ارتجافه عرق متوتر تحت طرف عينها ، ادركا ان م
اكان يخشيا حدوثه حدث بشكل لاارادي ..... فابتسما ، فموجاتهما مضبوطه علي تردد واحد ، مايوترها يوتره ومايوتره يوترها ، ابتسما ابتسامه اكبر ، لاداعي للتوتر ، انه لقاء عابر في منتصف الطريق وسرعان ماسينهي وسيعود كل منهما لشرنقته التي لايعرف لنفسه مكان غيرها وحيدا كما اعتاد مطمئنا امانا مع نفسه وفقط .....
لم تدعوه لمقعدها ولم يدعوها لمقعده ، قبلا منتصف الطريق ووقفا فيه وسكنا طويلا وصمتا اكثر وحين دوت الموسيقي الحالمه قبض علي اصابعها يدعوها للرقص فتركت له جسدها وروحها وهاما ....وانتهت الليله والف ليله بعدها والف ليله اخري .... قضوها واقفين مكانهما في منتصف الطريق ....


( الفراق )

هي خائفه من حياتها من قرارتها من اختياراتها من تقديم تنازلات تندم عليها فقد علمتها الحياه ان التنازلات بدايه طريق النهايه لانها في النهايه ستلوم نفسها لانها تنازلت وتقرر انهاء الشعور بقتله ، في هذه المره قررت الا تقدم تنازلات ، حرصا عليه لاتنازلات ، ستكشف له نفسها كما هي ، علي طبيعتها ، بعيوبها قبل ايجابياتها ، اعجبته او لم تعجبه ليس مهما ، المهم انها ستكشف له نفسها الحقيقيه .،.وقفت في منتصف الطريق وجله لاتقترب منه خطوه واحده ، وجله تتمني الوصل لكنها لن تقدم عليه ، وجله تحلم بالانصهار لكنها لن تسعي لتحقيقه ، فلتفعل بها الدنيا ما تفعله ، جروحها لم تطيب فكيف ستفتح جروحا جديده ، قيح اوجاعها لم يشفي فكيف ستتحمل وجع جديد ......
هو خائف من حياته مما سيحدث فيه وفيها ، يخفي كل انصاله تحت جلده لكنه يحس انيابه تطل من بين شفتيه التي نسيا مذاق القبلات وادمنا مذاق الدم ، خائف من حياته مشفق عليها من الاقتراب منه ، يتمناها قريبه وبعيده ، يتمناها تحت جلده ويهرب منها يخاف عليها ، يعلم حقيقته متوحش همجي ، علمته الحياه فن القتال دفاعا عن
النفس ، علمته الحياه ان خير وسيله للدفاع الهجوم ، علمته الحياه ان يهاجم اي انثي تقترب من غرائزه من عقله من قلبه المفتت ببقايا الامنيات السابقه التي فرت منه وتركت اثارها ندوبا تنزف ولاتكف عن النزيف ، هو يعلم نفسه التي لن يغيرها من اجلها ، فكم حاول يتغير لصالح اخريات ذبحوه في النهايه ففقد نفسه وفر من الاخر الذي صار هو وتمني العوده لنفسه فذبح نفسه مرات متتاليه يبحث عن نفسه التي يحبها تحت جلده في شرايينه وحين عثر عليها وصالحها وعدها ابدا لن يفرط فيها ولا في اي شيء تحبه ، هو هو وليحترق العالم .... وقف في منتصف الطريق مرتاعا لايقترب منها خطوه واحده احبها عشقها وقع في غرامها لدرجه اصراره علي عدم الاقتراب منها ، يتمني الوصل يحلم بالانصهار لكن قلبه مبعثر في كل المحطات السابقه ومازال يلملم اشلاءه فكيف سيدعوها تسكن فيه ، روحه متعبه من قسوته علي الجميع وقت قرر يدافع عن نفسه فكيف سيتوائم مع روحها البريئه !!!!
مرت الف ليله تتمناه ولا ياتي ..
مرت الف ليله يحلم بها ولا يقترب ..
مرت الف ليله تنتظره وتنام باكيه ..
مرت الف ليله يعشقها ويفر منها ..
واقفين في منتصف الطريق يريدا ولا يريدا ..
وجلين مرتبكين خائفين مما ستصنعه الدنيا في ارواحهما التي تلاقت وترفض الرحيل وترفض الفرار وترفض المناطق الرماديه!!!
مرت الف ليله وارواحهما ذائبه في بعضها البعض كل روح تسكن في الاخر
تحرضها علي التمرد علي الماضي واوجاعه والالتقاء في الحاضر والسفر معا للمستقبل !!!
لكن الاجساد والعقول والاوجاع والذكريات ومحطات الاغتراب وادمان الوحده افسدوا لقائهما !!!!
بكت حتي ارهقت من كثره البكاء فعجزت عن قراءه عينيه !!!
غضب واستنفر تماما من حاله نصف الوصل ونصف الانصهار ونصف القتل ونصف القرار حتي احس نفسه نصف عاشق نصف انسان !!!
لم يتشاجرا ..... فما بينهما لايستوجب المشاجره !!! لكن الدفء تبدد والحميميه تلاشت وسنون الوحده وهما في حضن بعضيهما نشبت في اجسادهم وارواحهم !!
ادركا بخبرات الترحال والاغتراب ان ساعه الرحيل اقتربت .... لكنهما فشلا في كتابه كلمه النهايه ... فشلا وتاخرا فقتلا الف مره بالبروده والبلاده والوجع !!!
في تلك الليله قررت هي ان تغلق الستار علي مشهدهما !!!
قررت صنع النهايه باناقه وبراعه وحب دفين ......
قررت ان يحتفلا معا بموت حبهما اللذين عجزا عن احياءه فمات بين ايديهما وابكاهما وادمي قلوبهما المتعبه وعذب ارواحهما....
قررت ان تتحرك في اللحظه بعد الاخيره من منطقه منتصف الطريق وتقترب منه تذوب فيه تنصهر معه تمنحه كل مشاعرها وحبها وغرامها وحميميتها وفي النهايه تودعه فيضع برحيله النقطه الاخيره الباقيه في السطر الاخير من صفحتهما .. قررت ان تسطر بقبلاتها مشهد النهايه !!!!
انها هي وهو هو ...... وحيدين وقفا في منتصف الطريق احتجزا في كمينه خافا يتقدما خطوه واحد للشهد فشربا الملح ولم يرتويا ابدا !!!!

( الحفلة )

اعددت الحفله وزينت المكان وتجملت وانتظرت الحبيب الذي لن يصبح بعد اليوم حبيب !!!
فاليوم ستخرج قطاراتنا من محطه منتصف الطريق لرحله الرحيل الاخيره لمحطه الوداع !!!
وبعد اليوم ... ان بكينا فمعذورين لاننا فقدنا حب العمر وان تالمنا معذوين لاننا
ضيعنا الفرصه الممكنه وان توجعنا فقلوبنا عذبت بلقاءنا وفراقنا ومعها كل الحق في التوجع والشكوي ........
اسرع عقرب الثواني واقتربت الساعه من العاشره .
اشعلت الشموع وصدحت الموسيقي في المكان وتمايلت الخيالات علي الجدران المزركشه بالدفء.
دقت الساعه العاشره فابتسمت وفتحت الباب وجدته امامه كما توقعت بالضبط .

ياتي دائما في ميعاده بلا ثانيه تاخير ولا ثانيه قبل الميعاد ، لااحتاج جرس لاعرف انه علي الباب ، فوقت اللقاء هو دائما علي الباب ..
يحمل باقه زهور بيضاء تفوح رائحتها الجميله تصنع هاله تحيطه بالحنان مبتسما
متآنق كعادته
في عينيه نظره اعرفها ، حب مشوب بالقلق وقلق مختلط بالخوف وخوف يتمني العتق من قيوده واستسلام للقيد وعدوانيه تحمي كل ضعفه الظاهر ..

حملني باقه الزهور واحتضني والقيت باقه الزهور علي الارض واحتضنته ..
دقات قلبي في حضنه قالت له ماكنت اخشي قوله ، فهمني دون حديث ، امسك اطراف انامي واجلسني امامه ، لااعرف هذه النظره لم اراها في عينه قبل اليوم
دار ببصره علي الحفله وابدي اعجابه بكل تجهيزاتي ، مالها كلماته التي اعرفها لم اعد اعرفها ، صارت اقرب اكثر حنانا اقل ترددا اوضح اوجع !!
في تلك اللحظ بالذات اعترف لي بما لم يقله واحس مني بما لم اقله ، نحن نقول ماخشينا قوله لانه لن يعد هناك وقت للقول والبوح والاعتراف ، فالدقائق المتبقيه لنا معا مهما كثرت قليله ......
نحن علي اعتاب الرحيل ..... تحركنا من منتصف الطريق انا صوبه احبه هو صوبي يحبني ، نتصارح بالحب لحظه الوداع فجعلناها اجمل لحظه في لقاءنا كله ..
دعاني للرقص فرقصنا ، خطواته ليست كما اعرفها ، اقترب مني اكثر واكثر ، دخلت في احضانه اكثر واكثر ، شممت انفاسه متوتره ، شم رائحه جسدي مرتبكه ، احسست ارتجافه تحت قلبه سمع صوت ارتجافتي ..... ادرك اننا سنضعف ، رغم قرارنا بالرحيل بالفرار بالوداع كدنا نضعف !!! كدنا نتجاوز المسافات ونقترب وننصهر وننسي اوجاعنا ، لكن خاف عليها من عدوانيته التي صارت سلاحا لايعرف اغماده ، هي خافت عليه من ترددها من تنازلاتها التي ستقدمها ثم تذبحه عقابا لانه قبل تلك التنازلات بل ربما لانه دفعها اليه .... عادا كل منهما خطوتين للخلف ، عادا بعيدا حتي عن منتصف الطريق ، لم يكن ينفعها اساسا تعرف من اللحظه الاولي انه سيفارقها ويرحل ، لم تكن تنفعه اساسا يعرف من اللحظه الاولي انها ستفارقه وترحل .....
قبلها بحميميه وصدق ، احتضنته بحنان ...... ولم ينطقا وقالت عيونهما كل شيء ، وانطلق قطارهما لمحطه الرحيل الاخيره ....
خرج من باب منزلها لم ينظر خلفه وبكي ... بقيت في مقعدها لم تلاحقه بنظراتها وبكت ..
وظلت ليلة الحفله بكل الصدق بكل الحنان بكل الحسم بكل الاصرار بكل الحب الذي ذاقاه واعترفا به لبعضها ثم اغلقت الستاره ، ظلت ليله الحفله اجمل ذكريات لقاءهما الجميل اللذين قررا من بعده الا تقف قطاراتهما ابدا في منتصف الطريق !!!!!

ليست هناك تعليقات: