قابلته وسط زحمه ، اناس كثيرين وضجه ، تراقب العالم من خلف عدستها ، احسته يقول لها انا هنا ، وصلتها رسالته فتعجبت ، هي لاتعرفه من قبل حتي يناديها ، تعجبت اكثر ان صوته ونداءاته وصلتها وسط الضجيج والزحمه والصخب ، انتبهت لوجوده ، روح حنونه ، نعم هكذا تقول عينيه المتعبتين ، نعم عينيه متعبتين ، هكذا تقول عدستها ، عينيه متعبتين وقلبه متعب بالهم والوجد والشوق القديم الحائر ، لاتعرفه من قبل لكنها الان عرفته !!!!
كانا في محفل كبير ، مليء بالبشر ، يناقش قضايا جديه كثيره ، قاعه مليئه بالاحتدام والصراع والاختلاف والجنون ، كانت تتابع مايحدث لاتنفعل بحق في المناقشات الدائرة ، لماذا ستنفعل ، انه مجرد لقاء وحديث وضجيج وسرعان ماسينتهي ، هي وسط هذا الضجيج خلف كاميرتها ، تسجل مايحدث ، صورا كثيره ستلتقطها لوجوه الغرباء وحين ينتهي اليوم ، ستدخل لقطات اليوم مع بقيه مجموعات صورها ، دلائل علي اجاده عمليه لسيده احتجبت خلف عدسات الكاميرات سبيلا للتواصل مع الغرباء ....
مازالت تلف وسط الزحام بعدستها ، لاتصور من يبتسم استعداد للتصوير ، ابتسامته مزيفه وعدستها تكره الزيف ، تحب اللقطات الحقيقيه الحيه ، التي لاينتبه اصحابها لوجودها ، تصور حديث جانبي حقيقي ، تنهيده تخرج يأسا من صدر مؤمن بقضيته يحاصره الكاذبون ، تلتقط ضحكه تكتمتها احداهن سخريه من راي عجيب يقوله احد المهرجين بمنتهي الجديه ، هذا هو سر جمال صورها ، لاتصور الا المشاعر الحقيقيه وسط الصخب ، عينها وقلبها مدربين علي التقاط الحقيقه ، المفرحه احيانا الموجعه احيانا ، وسط الصخب والزيف والاقنعه والكذب!!!
تري العالم كله من خلف عدستها ، لكنها تراه جيدا ، عدستها ذكيه بارعه ، تنتبه لادق التفاصيل ، اختلاجه وجنه انفعالا ، ارتعاشه عين غضبا ، قطرات عرق صغيره يمسحها صاحبها بسرعه يواري انسانيته في عالم موحش ، دمعه تفر فتقبض هي عليها في صوره تظل تحبها طيله العمر ، دمعه تفر من رجل شامخ تقهره الايام ، فيختبيء خلف عمود يتمالك نفسه يقبض علي رابطه جأشه ليعود للعالم الغريب اكثر شموخا وقوه ، لكن عدستها تقبض علي لحظه الانسانيه التي يخفيها ، تري دمعته مرتعشه مرتبكه ، تكاد تترك الكاميرا وتاخذه في حضنها ، لكنها لاتفعل ، لو احتضنت كل المقهورين المتوجعين المعذب ببرود وبلاده وقسوه الاخرين ، ماقويت علي احتمال ذلك العالم ، هي تحتضنهم بعيونها بقلبها بعدستها وتحتفظ رغما عن انوفهم بلحظات الانسانيه الحقه التي تغلبهم في لحظه ..
استيقظت من نوم ذلك اليوم ، كالارض العطشي لسيول جارفه ، تشم رائحه زهيرات البرتقال واعواد الريحان ووريقات النعناع الطازجه ، تسمع صدي ضحكات صهلله سعاده من زمن بعيد ، تلفها نغمات موسيقيه ، ربما رجل عجوز يعزف كمانه ببراعه تحت شباكها ، تشعر حماسا واندفاعا طفوليه وفرحه ، نعم هي فرحه لكن مرتبكه ، ماسيحدث اليوم سيغير حياتها للابد ، هكذا احست ، سيول ستجرف امامها وفي طريقها كل الشوك الذي ادمنت وخزه وكأنه الحقيقه التي لامهرب منها ....
استيقظت من نوم ذلك اليوم مبتسمه ،وهي تخاف من ابتسامات احلامها ، تحسها بشائر لواقع ستعيشه لم تختاره ، تبتسم ابتسامه بلا فرحه ، هكذا هي وقت ترتبك ، تبتسم ، لايفهم الناس سر ابتسامتها ، لكنها تعرف سرها ، كانها تغطي ملامحها الحقيقيه بغلاله رقيقه لاتحجبها لكنها تزيف ملامحها فلا يفهم الاخرون بحق دلاله قسماتها وتظل بعيده عنهم وعن العالم ، تختبيء خلف ابتسامتها من عالم موحش !!!
عاشت طقوسها النهاريه شارده ، تعرف نفسها ، تؤمن بقدراتها في التقاط الرسائل البعيده ، نعم هناك رساله تدق علي بابها ، لاتعرف الراسل ولاتعرف مضمونها ، لكنها تنتظرها ، ربما رساله تحملها صدفه سعيده ، تلقيها في طريقها ، ربما رساله في ابتسامه ، في نحيب وجع ، ربما في مظروف بارد لايدرك مايعتمل داخله من مشاعر ، ربما في نظره عين تقول ماتتمني سماعه ، مازالت شارده ، تشرب قهوتها و تنفث دخانها وتستمع لموسيقاها وتطالع الصحف وترد علي التليفونات وهي شارده ترتسم علي وجهها ابتسامه الارتباك ، تنتظر مالذي سيحدث ، من اين واين ستاتي المفاجأه .........
دخلت القاعه الكبيره ، مليئه بالبشر ، طاولات مزدحمه ، همهمه احاديث محتدمه ، قرقعه كئوس واكواب وفناجين ، بشر كثيرين ، غرباء عنها لاتعرفهم ، لاتكترث ، هذا هو عملها ، تصوير الغرباء ، مجرد بشر للتصوير ليس الا ، دارت في القاعه تفحص الاضاءه وزوايا التصوير ، تلف بعدستها وجوه الحاضرين ، ربما يصادفها احساس يرتسم علي وجه يستحق الاحتفاظ به ، ربما تقبض علي اندهاشه او مشاجره مكتومه او نظره حيره وارتباك ، هذا مايهمها في اي محفل تحضره ، لايهمها اللقطات الرسميه ، ابتسامات ، مصافحات ، تسليم جوائز ، القاء كلمات ، كل هذا تصوره لانه عملها ،لكن كل هذا لايهمها ، مايهمها ومضات الانسانيه التي تبرق وسط الرسميات والصخب!!
دارت بعدستها وفي جوفها اشتياق للسيول تنتظر الرساله التي ستصلها ، فجأ ، تقف عدستها اختيارا علي تلك العيون المتعبه ، رجل انيق وسيم يجلس علي منضده بعيده ، يخلع نظاره الشمس التي يخبيء بها عيونه ، يخلعها ينظفها ، في تلك اللحظه تقبض علي عينيه ، متعبه تلمع فيها غلالات دموع معلقه ، ينظف النظاره ويعيدها لوجه ويبتسم يستعد للتصوير والمراقبه ، لكنها في هذا الوقت تبعد عنه ، لا تحب اللقطات المهندمه المرتبه ، حين يصعد فوق المنصه ستصوره وسط الاخرين صوره للصحف والارشيف ، لكنها الان صورت عينيه المتعبتين !!
ارتبكت فابتسمت ، كان هاتين العينين تكلمها ، تناديها ، اتسعت ابتسامتها وازداد يقينها ، نعم تلك العينين تناديها ، تحمل لها رساله من روحه المتعبه ، عادت تنظر له ، رجل وسيم انيق يختبيء خلف نظارته الشمسيه !!! ضحكت ، يفر من اوجاعه بالاختباء خلف فلاتر سوداء تمنع المتلصصين من اجتياح اغواره !!!!
كيف مر اليوم ، لاتعرف ، قضت ساعاته تجري في القاعه ، تلتقط صورا كثيره ، معظمها ستلقيه في سلال القمامه ، صور رسميه بارده ، ستعطيها لاصحابها ، يتاملون ملامحهم الكاذبه ويسعدون ، قليل من تلك الصور ستبقيها لنفسها ، ومضات انسانيه ، تضمها لمجموعاتها الناطقه بهم اصحابها وفرحتهم الحقيقيه !!!
مر اليوم وكاد ينتهي ، لملمت كاميرتها وعدساتها واستعدت للرحيل ، لكن اعين تراقبها ترصد خطواتها تعد انفاسها ، اعين متعبه ، واثقه انه سيقترب منها ، سيفتح معها اي حديث ، سيقول لها اي كلمات ، لاتهم الكلمات ، فرسالته ونداءه لاتحمله الكلمات ، رسالته تحملها عينيه المتعبتين ، تمر ثوان الانتظار بطيئه ، سياتي حتما ، لم يكف عن نداءها طيله اليوم ، لن يضيع الفرصه ويتركها ترحل ، سياتي ، ستنتظره بابتسامه مرتبكه خلف عدستها ، نعم ستصور اقدامه الحاحه اقترابه ، تضع العدسه علي عينها ، تجوب القاعه تبحث عنه ،لكن اصابعه الحانيه تلمس كتفها برقه ، نعم هي اصابعه ، تلف والعدسه تخبيء عينها ، تقبض علي وميض عينيه واصابعه فوق كتفها ، مبتسما بلا ارتباك ، عيونه مازالت تلمع بغلالات الدموع ، لكنه فرح ، يسالها عن عنوانها ، عن رقم تليفونها ، ليعرف كيف سيحصل علي صوره ، تجيبه باقتضاب رغم احساسها بصدقه ، هو يقترب منها ببطء بوجل كانها زهره يخاف عليها يدهسها ، هو يخاف من نفسه عليها ، يخبرها بسرعه انه سيسافر خارج الوطن قريبا ، لن يتصل بمن دعوه لهذا المؤتمر قبل سفره ، لكنه يرغب في صوره ، سيتصل بها قبل سفره ، من اجل الصور ، نعم عينيه المتعبتين يحملا لها رساله واضحه ، احتاجك لاتتخلي عني ، لاتعرفه لكن رسالته وصلتها ، اعطته التليفون والعنوان وكارتها المهني وودعته ، مد كفه مصمما علي توديعها ، هزت راسها لكن كفه الممدود يحمل بقيه الرساله ، مدت كفها مرتبكه كانه سيصعقها ، لمست كفه فسمعت نبضات قلبه المتعب بالهم والوجد والشوق القديم الحائر ، كادت تساله مالك ؟؟ لكنها صمتت فبادرها كانه سمع صوتها الداخلي ، لما حنتقابل حابقي احكي لك !!! اتسعت ابتسامتها المرتبكه اكثر واكثر ، هو يعرفها بحق لكنها لاتعرفه !!! وغادرت القاعه وانتهي اليوم !!!!!!!!!!
في معملها ووسط الاحماض والظلام الدامس والاضاءه الحمراء وقفت تحمض اللقطات التي التقطتها ، تضحك الملامح الغبيه البليده ، تشفق علي الاغبياء من غبائهم الذي يفضحهم من نظرات عيونهم في الصور ، تعجبت ، هي التقطت له صورا كثيره ، لم تنتبه لذلك وقت التصوير ، كانها ذهبت القاعه والمؤتمر لتصوره هو ، عشرات الصور ، كانها قررت تحاصره وتعرفه ماله ، لقطات جانبيه لقطات مباشره ، هذه صوره يتشاجر فيها دفاعا عن وجه نظره ، هذه صوره يائسا من فهم الاخرين لكلامه ، مااجمل ضحكته ، يقهقه بصوت عالي تكاد تسمعه يرن في جنبات معملها ، نعم تتذكر تلك الضحكه ،كان احدهم ابدي اعجابا برايه وسرعان ماخالفه بقوه وحمق ، وقتها ضحك بصوت علي ملفت للنظر ، يدافع عن صحه رايه بضحكات ساخره كانها ليست ساخره !!!
جلست فوق فراشها ، بعثرت صورها حولها ، تتامل ملامحه ، هي لاتعرفه بالتاكيد ، هي لاتنسي العيون التي تراها ، لاتعرفه ، لكنها الان تعرفه جيدا ، احكي ماذا بك ، تخاطب الصور ، تنتظرها ترد عليه ، ماذا بك ، مالذي اوجع قلبك واتعبك ، مالذي مزق سكينتك ، اخبرني وسرك في بير ...!!!!!!!!!!
تتامل الصور ، تنتظر ردها ، لكن الصور صامته لاتنطق ، تنتظر كثيرا كانها تجلس امامه ، مالك ياصديقي ، تعجبت من سؤالها ، منحته صداقتها قبل تعرفه ، لاهي تعرفه !!!! مر يوم والثاني واسبوع وهي تنتظر اتصاله ، تتشاجر مع نفسها ، لماذا لم تأخذ تليفونه !!! الارجح انه سافر ولم ياخذ صوره ولن يتصل بها !!! انتظرته انتظرته ولم يتصل ، بقيت الصور بجوارها ، تحدق فيها كل ليله قبل تنام وتتنظر اتصاله لا يتكلم وتنتظر زيارته في الحلم لايأتيها لكنه لايبارح خيالها !!!!!!!!!
مازالت تخرج بعدستها تصور البشر والاحاسيس ، تصور لحظات القوه والضعف ، الفرح والحزن ، تصور العيون والشفاه والاكف والاصابع ، مازالت ترتبك فتبتسم ، تخرج نهارا وتعود ليلا ، تدخل معملها تحمض الصور ، تبحث عن لحظات الانسانيه الفاره رغما عن اصحابها ، عيون كثيره شاهدتها احبتها اعجبت بها ، الا عينيه المتعبتين ، لم تجد مثلهما ، نعم هي تبحث عنه ، هكذا اكتشفت عنه ، تبحث عنه في كل الوجوه التي تشاهدها ، تبحث عنه ، تشحذ ذاكرتها ، اين شاهدت تلك العينين المتعبتين ، لاتتذكر ، لكن للعينين المتعبتين في حياتها قصه ، لا تتذكرها لكنها موجوده ، ساعرف نعم ساعرف ، هكذا تقول لنفسها كل ليله وتنام تنتظره في الحلم لاياتي!!!
ربما مرت سنوات او شهور لانعرف ، حال بطلتنا علي حاله ، في امسيه حميمه دافئه ، كانت تستيقظ من غفوه المساء ، تستيقظ مابين الوعي واضغاث الاحلام ، سمعت رنينا ، افاقت بسرعه وقررت هو الذي يطلبني ، ابتسمت ،ارتبكت ، ابتسمت اكثر ، كادت تغير ملابس نومها لايصح يراها هكذا ، كادت تسرح شعرها المتناثر ، تلون شفتاها بالروج ، سخرت من ارتباكها ، ابتسمت ابتسامه واسعه والتقطت انفاسها وردت ، كان هو ، يعتذر عن غيابه ، يدعوها لمقابلته ، في الميعاد المكان الطريقه التي تختارها ، حاولت تسيطر علي انفعالاتها ، تظهر له كانها لم تكن تنتظره ، لكن نبرات صوتها فضحتها مرتعشه فرحه لحد لايمكن انكاره ، قبلت دعوته واختارت مطعم هاديء لم تدخله منذ سنوات بعيده ، وافقها بسرعه دون تردد ، اغلق الخط ولم يسالها عن العنوان !!!
في يوم المقابله ، حملت صوره وذهبت ، نعم هي لاتقابله الا من اجل صوره ، لايوجد سبب اخر للمقابله ، هكذا اكدت لنفسها ،ستعطيه الصور وترحل ، لن تاخذ منه ثمن الصور ، دخلت المطعم وجدته علي المنضده التي كانت تتمني يجلسا عليها ، في اخر المطعم ، امامها لوحه كبيره لسيده هرمه وبيانو وشجره ياسمين ، تحب تلك الصوره ، ربما صدفه عمياء قادته للمنضده التي تحبها ، ابتسمت مرتبكه بالطبع ابتسم بثقه ، عينيه مازالت متعبتين ، غلاله الدموع الرقراقه مازالت تلمع فوق حدقتيه ، وقف يرحب بها ، اهلا ياليله ، صعقت ، كيف عرف اسم تدليلها ، هل قالت له اسمها ليالي فدللها كاسرا كل الحواجزباسمها الذي لايعرفه الا قله من اصدقائها المقربين ، جلست مرتبكه بلا ابتسامه ، ارتباكها اقوي من اي ابتسامه ، جلست تحدق فيه ، نعم مازالت العينين المتعبتين يخاطباها ، تعرفهما لكنها بلا ذاكره ، مدت يدها بالصور ، شاكسها ، لم تعرفيني ، ازداد ارتباكها ، اصل حضرتك ، ضحك بثقه وقوه ، مش بقولك معرفتنيش ، مابال ذاكرتها بيضاء بلا اي تفاصيل ، كان ذاكرتها محيت تماما ، تحرشج صوتها فلم ترد عليه ، كان المطعم هادئا لحد تدوي فيه نبضات قلبها ، ستتمالك نفسها ، ستتجاوز الارتباك حتي تفهم ما الذي يحدث ....
اشعل سيجاره ، رائحتها الخاصه جدا نبهت احاسيسها ، تعرف هذه الرائحه ، الذاكره تعود لها ببطء ، كانها تخرج من غيبوبه ، يبتسم ابتسامه تحبها ، شاهدتها الف مره في صوره التي احضرتها له ، ناولته الصور مره ثانيه ، القاهم علي المنضده امامه ولم يتفرج عليهم ، اغتاظت منه ، ضحك ، مازلت عصبيه ، بعض المواقف تفقدك صبرك فتتعصبي ، يعرفها ، هو يعرفها ، لكنها لاتعرف منه الا عينيه المتعبتين ورائحه دخانه ، سالته مباشره ، احنا نعرف بعض ، ضحك وصمت ، ازداد توترها ، سالته ثانيه وبنرفزه ، احنا نعرف بعض ، تلاحقت ضحكاته ، اخرج لها صوره قديمه من محفظته ، حدقت فيها ، تعرف هذه الصوره ، تعرف العينين في الصوره ، صرخت لاتصدق مايحدث لها !!!!!!!!!
مد اصابعه برويه ولمس اصابعها ، صمتت ، لاتصدق الصدفه التي القته في طريقها ، كان معيد في الكليه ، سنه واحده وسافر للدراسات العليا ، كانت تحبه ، بمعني ادق كانت معجبه به ، لا كانت تحبه لكنها لم تعبر عن حبها ولم تصارحه ، كان يحبها لكنه لم يصارحها ، ودعها واخبرها قبل سفره بيومين انه سيسافر للخارج وسيغيب اربعه سنوات ، يومها التقطت صورته بكاميرتها ، وعدته سترسلها له ، ودعته وكأن خبر سفره لم يوجعها ، وحين طبعت الصوره ارسلتها له في خطاب لم يرد عليه فنسيت العنوان ونسيته ومرت سنوات كثيره في العمر !!!
مالك ؟؟؟ سالته كأن كل الغياب الذي طال لم يحدث ، شرح لها حبه المكتوم ، ظروف سفره وظروف دراستها ، متابعته لحياتها تخرجها زواجها طلاقها اشتغالها بالتصوير اعتزال المحاسبه والارقام ، شرح له حبه القديم الذي لم يفصح عنه مكانش ينفع ااقولك وانا خلاص ماشي ، ارتبكت واتسعت ابتسامتها اكثر ، بادلها الابتسامه ، احب ابتسامتك منذ اليوم الاول للقائك ، ابتسامه بريئه مرتبكه ، تفضحك ابتسامتك ، قاطعته ، انت لاتعرف من انا ، هز كتفه بعدم اكتراث ، وانت لاتعرفيني ، لكن هل فات وقت التعارف ؟؟ دون تشعر هزت راسها نفيا ، مالها تلمح غلاله الدموع ترحل ،كسحابه صيف وانقشعت ، سالته بجراءه غير معتاده ، اتحبني ، رد عليها بجراءه اكثر ، كنت احبك ولم احافظ عليك واتمني تمنحيني فرصه ثانيه .....
فتحت مظروف الصور وحدقت في الصور الكثيره التي التقطتها له ، نعم كانت تعرفه دون تدري ، كانت تصوره هو ، تلاحقه بغير اراده وتتابعه بغير انتباه ، مازال ينتظر اجابتها ، اعطته الصور مبتسمه ، هذا هو الحاضر اما الصوره القديمه فماضي ولي ، كاد يمزقها فانقذتها من اصابعه عنوه ، لاابحث عن ماضي بل اتمني حاضر واحلم بمستقبل ، الماضي قادنا للحاضر ليس الا ، هل تمنحيني فرصه ثانيه اعدك احافظ عليها ، مجنون هذا الرجل الوسيم الانيق لكن جنونه يعجبها ، ليس لديها ماتخسره ، الماضي ولي والحاضر فسد والمستقبل مجهول ، سمعته يهمس " عندما تهف من الماضي نسائم حنونة وارتها الريح العاصفه طويلا وقتها نتفائل بالمستقبل الجميل ونستشعر ان الايام القادمه اجمل واحن " ابتسمت وسالته ، عباره من هذه تبدو مألوفه ؟؟ كرر عبارته وشرح لها ، انها مجرد عباره قراتها في احدي الروايات فاعجبتني وحفظتها عن ظهر قلب ، انتظر يوما اقابلك فيه اعرض عليك حبي تخافي منه ومن الماضي اقولها لك لاطمئنك !!! احست دفئا يحتويها وشعرت بطمأنيه وونس ...
فكرت قليلا وقررت ، ستمنحه فرصه ثانيه وتمنح نفسها فرصه اخيره ، ربما تجد ماكانت تحلم به ، لم ينتظر اجابتها ، سمع حوارها الداخلي ، قبض علي كفها وابتسمت عينيه ، ابتسمت بلا ارتباك ، عاتبته رحيلك اوجعني ، اعتذر لها غيابك اوجعني واتعب روحي وانهكني ، اسرت اليه كنت نسيتك تماما ، ابتسم ، كنت واثق انك لم تنسيني لكنك لن تتذكريني بسهوله ، سالته من قال لك اسم تدليلي ، ضحك واوضح لها ، اعرف عنك كل شيء هذا المطعم وهذه المنضده والعجوز والياسمين ، سخرت منه ، تعرف عني كل شيء حتي سنه اولي جامعه ، لم يغضب من سخريتها وداعب اصابعها الدافئه بين اصابعه ، مش صحيح ، لكن حتي لو ،ماهو عندنا وقت طويل تعرفيني اللي معرفتوش لسه !!!!....
نعم كانت تعرف تلك العينين المتعبتين ، انهما عيناه لحظه وداعها ، لاتنسي نظرتهما ، عينين متعبتين يكشفا روحا منهكه ، اسرت لنفسها كانت تحبه ، لكن رحيله المفاجيء بعثر احلامها فتوقفت عن الاحلام ، سالته لماذا لم ترد علي خطابي الاول ، مازال يداعب اصابعها ، ماقيمه الخطابات والفراق حتمي لايمنحنا الا حسره واسر وانتظار مقيت ، كنت اعجز من ان اعدك بشيء ، كنت اكتب لكي يوميا لكني لاارسل الخطابات ، كان حواري الدائم معك ، لكني لم ارسل لكي حرفا ، لانه كان سيقيدك لصالحي بلا طائل وبمنتهي الانانيه!!! سالته لماذا لم تتصل بي منذ صورتك في المؤتمر ، هل سافرت ؟؟؟ ضحك بخبث ، تركت لك الصور لتعتادي علي شكل الرجل الذي سيقاسمك بقيه ايامك ، تركتك تنتظريني حتي تشتاقي لي ، سخرت منه ، لكني لم اكن انتظرك !!! حدق في عيناها الجميلتين وسالها " بذمتك؟؟؟ " !!!
مر الوقت سريعا وحان وقت الرحيل ، اعطاها الصوره القديمه واخذ صوره الحديثه واوصلها لمنزلها ، اكد لها وهو يودعها ، كنت لي ورحلت وستكوني لي ولن افارقك ابدا ، حذرته بدلال ، لست التي كنت تحبها في الماضي تغيرت كثيرا ، لااحبك في الماضي بل احبك الان علي حالك ، كل مااحسه تجاه الماضي مجرد امتنان لانك كنت اهم شخوصه ، ضحكت بصوت عالي وودعته ، قبض علي كفها واكد عليها ميعادنا بكره ، ضحكت بصوت اعلي وودعته ونزلت من السياره تتمني لو تاخذ العالم كله في حضنها !!!.......
كانا في محفل كبير ، مليء بالبشر ، يناقش قضايا جديه كثيره ، قاعه مليئه بالاحتدام والصراع والاختلاف والجنون ، كانت تتابع مايحدث لاتنفعل بحق في المناقشات الدائرة ، لماذا ستنفعل ، انه مجرد لقاء وحديث وضجيج وسرعان ماسينتهي ، هي وسط هذا الضجيج خلف كاميرتها ، تسجل مايحدث ، صورا كثيره ستلتقطها لوجوه الغرباء وحين ينتهي اليوم ، ستدخل لقطات اليوم مع بقيه مجموعات صورها ، دلائل علي اجاده عمليه لسيده احتجبت خلف عدسات الكاميرات سبيلا للتواصل مع الغرباء ....
مازالت تلف وسط الزحام بعدستها ، لاتصور من يبتسم استعداد للتصوير ، ابتسامته مزيفه وعدستها تكره الزيف ، تحب اللقطات الحقيقيه الحيه ، التي لاينتبه اصحابها لوجودها ، تصور حديث جانبي حقيقي ، تنهيده تخرج يأسا من صدر مؤمن بقضيته يحاصره الكاذبون ، تلتقط ضحكه تكتمتها احداهن سخريه من راي عجيب يقوله احد المهرجين بمنتهي الجديه ، هذا هو سر جمال صورها ، لاتصور الا المشاعر الحقيقيه وسط الصخب ، عينها وقلبها مدربين علي التقاط الحقيقه ، المفرحه احيانا الموجعه احيانا ، وسط الصخب والزيف والاقنعه والكذب!!!
تري العالم كله من خلف عدستها ، لكنها تراه جيدا ، عدستها ذكيه بارعه ، تنتبه لادق التفاصيل ، اختلاجه وجنه انفعالا ، ارتعاشه عين غضبا ، قطرات عرق صغيره يمسحها صاحبها بسرعه يواري انسانيته في عالم موحش ، دمعه تفر فتقبض هي عليها في صوره تظل تحبها طيله العمر ، دمعه تفر من رجل شامخ تقهره الايام ، فيختبيء خلف عمود يتمالك نفسه يقبض علي رابطه جأشه ليعود للعالم الغريب اكثر شموخا وقوه ، لكن عدستها تقبض علي لحظه الانسانيه التي يخفيها ، تري دمعته مرتعشه مرتبكه ، تكاد تترك الكاميرا وتاخذه في حضنها ، لكنها لاتفعل ، لو احتضنت كل المقهورين المتوجعين المعذب ببرود وبلاده وقسوه الاخرين ، ماقويت علي احتمال ذلك العالم ، هي تحتضنهم بعيونها بقلبها بعدستها وتحتفظ رغما عن انوفهم بلحظات الانسانيه الحقه التي تغلبهم في لحظه ..
استيقظت من نوم ذلك اليوم ، كالارض العطشي لسيول جارفه ، تشم رائحه زهيرات البرتقال واعواد الريحان ووريقات النعناع الطازجه ، تسمع صدي ضحكات صهلله سعاده من زمن بعيد ، تلفها نغمات موسيقيه ، ربما رجل عجوز يعزف كمانه ببراعه تحت شباكها ، تشعر حماسا واندفاعا طفوليه وفرحه ، نعم هي فرحه لكن مرتبكه ، ماسيحدث اليوم سيغير حياتها للابد ، هكذا احست ، سيول ستجرف امامها وفي طريقها كل الشوك الذي ادمنت وخزه وكأنه الحقيقه التي لامهرب منها ....
استيقظت من نوم ذلك اليوم مبتسمه ،وهي تخاف من ابتسامات احلامها ، تحسها بشائر لواقع ستعيشه لم تختاره ، تبتسم ابتسامه بلا فرحه ، هكذا هي وقت ترتبك ، تبتسم ، لايفهم الناس سر ابتسامتها ، لكنها تعرف سرها ، كانها تغطي ملامحها الحقيقيه بغلاله رقيقه لاتحجبها لكنها تزيف ملامحها فلا يفهم الاخرون بحق دلاله قسماتها وتظل بعيده عنهم وعن العالم ، تختبيء خلف ابتسامتها من عالم موحش !!!
عاشت طقوسها النهاريه شارده ، تعرف نفسها ، تؤمن بقدراتها في التقاط الرسائل البعيده ، نعم هناك رساله تدق علي بابها ، لاتعرف الراسل ولاتعرف مضمونها ، لكنها تنتظرها ، ربما رساله تحملها صدفه سعيده ، تلقيها في طريقها ، ربما رساله في ابتسامه ، في نحيب وجع ، ربما في مظروف بارد لايدرك مايعتمل داخله من مشاعر ، ربما في نظره عين تقول ماتتمني سماعه ، مازالت شارده ، تشرب قهوتها و تنفث دخانها وتستمع لموسيقاها وتطالع الصحف وترد علي التليفونات وهي شارده ترتسم علي وجهها ابتسامه الارتباك ، تنتظر مالذي سيحدث ، من اين واين ستاتي المفاجأه .........
دخلت القاعه الكبيره ، مليئه بالبشر ، طاولات مزدحمه ، همهمه احاديث محتدمه ، قرقعه كئوس واكواب وفناجين ، بشر كثيرين ، غرباء عنها لاتعرفهم ، لاتكترث ، هذا هو عملها ، تصوير الغرباء ، مجرد بشر للتصوير ليس الا ، دارت في القاعه تفحص الاضاءه وزوايا التصوير ، تلف بعدستها وجوه الحاضرين ، ربما يصادفها احساس يرتسم علي وجه يستحق الاحتفاظ به ، ربما تقبض علي اندهاشه او مشاجره مكتومه او نظره حيره وارتباك ، هذا مايهمها في اي محفل تحضره ، لايهمها اللقطات الرسميه ، ابتسامات ، مصافحات ، تسليم جوائز ، القاء كلمات ، كل هذا تصوره لانه عملها ،لكن كل هذا لايهمها ، مايهمها ومضات الانسانيه التي تبرق وسط الرسميات والصخب!!
دارت بعدستها وفي جوفها اشتياق للسيول تنتظر الرساله التي ستصلها ، فجأ ، تقف عدستها اختيارا علي تلك العيون المتعبه ، رجل انيق وسيم يجلس علي منضده بعيده ، يخلع نظاره الشمس التي يخبيء بها عيونه ، يخلعها ينظفها ، في تلك اللحظه تقبض علي عينيه ، متعبه تلمع فيها غلالات دموع معلقه ، ينظف النظاره ويعيدها لوجه ويبتسم يستعد للتصوير والمراقبه ، لكنها في هذا الوقت تبعد عنه ، لا تحب اللقطات المهندمه المرتبه ، حين يصعد فوق المنصه ستصوره وسط الاخرين صوره للصحف والارشيف ، لكنها الان صورت عينيه المتعبتين !!
ارتبكت فابتسمت ، كان هاتين العينين تكلمها ، تناديها ، اتسعت ابتسامتها وازداد يقينها ، نعم تلك العينين تناديها ، تحمل لها رساله من روحه المتعبه ، عادت تنظر له ، رجل وسيم انيق يختبيء خلف نظارته الشمسيه !!! ضحكت ، يفر من اوجاعه بالاختباء خلف فلاتر سوداء تمنع المتلصصين من اجتياح اغواره !!!!
كيف مر اليوم ، لاتعرف ، قضت ساعاته تجري في القاعه ، تلتقط صورا كثيره ، معظمها ستلقيه في سلال القمامه ، صور رسميه بارده ، ستعطيها لاصحابها ، يتاملون ملامحهم الكاذبه ويسعدون ، قليل من تلك الصور ستبقيها لنفسها ، ومضات انسانيه ، تضمها لمجموعاتها الناطقه بهم اصحابها وفرحتهم الحقيقيه !!!
مر اليوم وكاد ينتهي ، لملمت كاميرتها وعدساتها واستعدت للرحيل ، لكن اعين تراقبها ترصد خطواتها تعد انفاسها ، اعين متعبه ، واثقه انه سيقترب منها ، سيفتح معها اي حديث ، سيقول لها اي كلمات ، لاتهم الكلمات ، فرسالته ونداءه لاتحمله الكلمات ، رسالته تحملها عينيه المتعبتين ، تمر ثوان الانتظار بطيئه ، سياتي حتما ، لم يكف عن نداءها طيله اليوم ، لن يضيع الفرصه ويتركها ترحل ، سياتي ، ستنتظره بابتسامه مرتبكه خلف عدستها ، نعم ستصور اقدامه الحاحه اقترابه ، تضع العدسه علي عينها ، تجوب القاعه تبحث عنه ،لكن اصابعه الحانيه تلمس كتفها برقه ، نعم هي اصابعه ، تلف والعدسه تخبيء عينها ، تقبض علي وميض عينيه واصابعه فوق كتفها ، مبتسما بلا ارتباك ، عيونه مازالت تلمع بغلالات الدموع ، لكنه فرح ، يسالها عن عنوانها ، عن رقم تليفونها ، ليعرف كيف سيحصل علي صوره ، تجيبه باقتضاب رغم احساسها بصدقه ، هو يقترب منها ببطء بوجل كانها زهره يخاف عليها يدهسها ، هو يخاف من نفسه عليها ، يخبرها بسرعه انه سيسافر خارج الوطن قريبا ، لن يتصل بمن دعوه لهذا المؤتمر قبل سفره ، لكنه يرغب في صوره ، سيتصل بها قبل سفره ، من اجل الصور ، نعم عينيه المتعبتين يحملا لها رساله واضحه ، احتاجك لاتتخلي عني ، لاتعرفه لكن رسالته وصلتها ، اعطته التليفون والعنوان وكارتها المهني وودعته ، مد كفه مصمما علي توديعها ، هزت راسها لكن كفه الممدود يحمل بقيه الرساله ، مدت كفها مرتبكه كانه سيصعقها ، لمست كفه فسمعت نبضات قلبه المتعب بالهم والوجد والشوق القديم الحائر ، كادت تساله مالك ؟؟ لكنها صمتت فبادرها كانه سمع صوتها الداخلي ، لما حنتقابل حابقي احكي لك !!! اتسعت ابتسامتها المرتبكه اكثر واكثر ، هو يعرفها بحق لكنها لاتعرفه !!! وغادرت القاعه وانتهي اليوم !!!!!!!!!!
في معملها ووسط الاحماض والظلام الدامس والاضاءه الحمراء وقفت تحمض اللقطات التي التقطتها ، تضحك الملامح الغبيه البليده ، تشفق علي الاغبياء من غبائهم الذي يفضحهم من نظرات عيونهم في الصور ، تعجبت ، هي التقطت له صورا كثيره ، لم تنتبه لذلك وقت التصوير ، كانها ذهبت القاعه والمؤتمر لتصوره هو ، عشرات الصور ، كانها قررت تحاصره وتعرفه ماله ، لقطات جانبيه لقطات مباشره ، هذه صوره يتشاجر فيها دفاعا عن وجه نظره ، هذه صوره يائسا من فهم الاخرين لكلامه ، مااجمل ضحكته ، يقهقه بصوت عالي تكاد تسمعه يرن في جنبات معملها ، نعم تتذكر تلك الضحكه ،كان احدهم ابدي اعجابا برايه وسرعان ماخالفه بقوه وحمق ، وقتها ضحك بصوت علي ملفت للنظر ، يدافع عن صحه رايه بضحكات ساخره كانها ليست ساخره !!!
جلست فوق فراشها ، بعثرت صورها حولها ، تتامل ملامحه ، هي لاتعرفه بالتاكيد ، هي لاتنسي العيون التي تراها ، لاتعرفه ، لكنها الان تعرفه جيدا ، احكي ماذا بك ، تخاطب الصور ، تنتظرها ترد عليه ، ماذا بك ، مالذي اوجع قلبك واتعبك ، مالذي مزق سكينتك ، اخبرني وسرك في بير ...!!!!!!!!!!
تتامل الصور ، تنتظر ردها ، لكن الصور صامته لاتنطق ، تنتظر كثيرا كانها تجلس امامه ، مالك ياصديقي ، تعجبت من سؤالها ، منحته صداقتها قبل تعرفه ، لاهي تعرفه !!!! مر يوم والثاني واسبوع وهي تنتظر اتصاله ، تتشاجر مع نفسها ، لماذا لم تأخذ تليفونه !!! الارجح انه سافر ولم ياخذ صوره ولن يتصل بها !!! انتظرته انتظرته ولم يتصل ، بقيت الصور بجوارها ، تحدق فيها كل ليله قبل تنام وتتنظر اتصاله لا يتكلم وتنتظر زيارته في الحلم لايأتيها لكنه لايبارح خيالها !!!!!!!!!
مازالت تخرج بعدستها تصور البشر والاحاسيس ، تصور لحظات القوه والضعف ، الفرح والحزن ، تصور العيون والشفاه والاكف والاصابع ، مازالت ترتبك فتبتسم ، تخرج نهارا وتعود ليلا ، تدخل معملها تحمض الصور ، تبحث عن لحظات الانسانيه الفاره رغما عن اصحابها ، عيون كثيره شاهدتها احبتها اعجبت بها ، الا عينيه المتعبتين ، لم تجد مثلهما ، نعم هي تبحث عنه ، هكذا اكتشفت عنه ، تبحث عنه في كل الوجوه التي تشاهدها ، تبحث عنه ، تشحذ ذاكرتها ، اين شاهدت تلك العينين المتعبتين ، لاتتذكر ، لكن للعينين المتعبتين في حياتها قصه ، لا تتذكرها لكنها موجوده ، ساعرف نعم ساعرف ، هكذا تقول لنفسها كل ليله وتنام تنتظره في الحلم لاياتي!!!
ربما مرت سنوات او شهور لانعرف ، حال بطلتنا علي حاله ، في امسيه حميمه دافئه ، كانت تستيقظ من غفوه المساء ، تستيقظ مابين الوعي واضغاث الاحلام ، سمعت رنينا ، افاقت بسرعه وقررت هو الذي يطلبني ، ابتسمت ،ارتبكت ، ابتسمت اكثر ، كادت تغير ملابس نومها لايصح يراها هكذا ، كادت تسرح شعرها المتناثر ، تلون شفتاها بالروج ، سخرت من ارتباكها ، ابتسمت ابتسامه واسعه والتقطت انفاسها وردت ، كان هو ، يعتذر عن غيابه ، يدعوها لمقابلته ، في الميعاد المكان الطريقه التي تختارها ، حاولت تسيطر علي انفعالاتها ، تظهر له كانها لم تكن تنتظره ، لكن نبرات صوتها فضحتها مرتعشه فرحه لحد لايمكن انكاره ، قبلت دعوته واختارت مطعم هاديء لم تدخله منذ سنوات بعيده ، وافقها بسرعه دون تردد ، اغلق الخط ولم يسالها عن العنوان !!!
في يوم المقابله ، حملت صوره وذهبت ، نعم هي لاتقابله الا من اجل صوره ، لايوجد سبب اخر للمقابله ، هكذا اكدت لنفسها ،ستعطيه الصور وترحل ، لن تاخذ منه ثمن الصور ، دخلت المطعم وجدته علي المنضده التي كانت تتمني يجلسا عليها ، في اخر المطعم ، امامها لوحه كبيره لسيده هرمه وبيانو وشجره ياسمين ، تحب تلك الصوره ، ربما صدفه عمياء قادته للمنضده التي تحبها ، ابتسمت مرتبكه بالطبع ابتسم بثقه ، عينيه مازالت متعبتين ، غلاله الدموع الرقراقه مازالت تلمع فوق حدقتيه ، وقف يرحب بها ، اهلا ياليله ، صعقت ، كيف عرف اسم تدليلها ، هل قالت له اسمها ليالي فدللها كاسرا كل الحواجزباسمها الذي لايعرفه الا قله من اصدقائها المقربين ، جلست مرتبكه بلا ابتسامه ، ارتباكها اقوي من اي ابتسامه ، جلست تحدق فيه ، نعم مازالت العينين المتعبتين يخاطباها ، تعرفهما لكنها بلا ذاكره ، مدت يدها بالصور ، شاكسها ، لم تعرفيني ، ازداد ارتباكها ، اصل حضرتك ، ضحك بثقه وقوه ، مش بقولك معرفتنيش ، مابال ذاكرتها بيضاء بلا اي تفاصيل ، كان ذاكرتها محيت تماما ، تحرشج صوتها فلم ترد عليه ، كان المطعم هادئا لحد تدوي فيه نبضات قلبها ، ستتمالك نفسها ، ستتجاوز الارتباك حتي تفهم ما الذي يحدث ....
اشعل سيجاره ، رائحتها الخاصه جدا نبهت احاسيسها ، تعرف هذه الرائحه ، الذاكره تعود لها ببطء ، كانها تخرج من غيبوبه ، يبتسم ابتسامه تحبها ، شاهدتها الف مره في صوره التي احضرتها له ، ناولته الصور مره ثانيه ، القاهم علي المنضده امامه ولم يتفرج عليهم ، اغتاظت منه ، ضحك ، مازلت عصبيه ، بعض المواقف تفقدك صبرك فتتعصبي ، يعرفها ، هو يعرفها ، لكنها لاتعرف منه الا عينيه المتعبتين ورائحه دخانه ، سالته مباشره ، احنا نعرف بعض ، ضحك وصمت ، ازداد توترها ، سالته ثانيه وبنرفزه ، احنا نعرف بعض ، تلاحقت ضحكاته ، اخرج لها صوره قديمه من محفظته ، حدقت فيها ، تعرف هذه الصوره ، تعرف العينين في الصوره ، صرخت لاتصدق مايحدث لها !!!!!!!!!
مد اصابعه برويه ولمس اصابعها ، صمتت ، لاتصدق الصدفه التي القته في طريقها ، كان معيد في الكليه ، سنه واحده وسافر للدراسات العليا ، كانت تحبه ، بمعني ادق كانت معجبه به ، لا كانت تحبه لكنها لم تعبر عن حبها ولم تصارحه ، كان يحبها لكنه لم يصارحها ، ودعها واخبرها قبل سفره بيومين انه سيسافر للخارج وسيغيب اربعه سنوات ، يومها التقطت صورته بكاميرتها ، وعدته سترسلها له ، ودعته وكأن خبر سفره لم يوجعها ، وحين طبعت الصوره ارسلتها له في خطاب لم يرد عليه فنسيت العنوان ونسيته ومرت سنوات كثيره في العمر !!!
مالك ؟؟؟ سالته كأن كل الغياب الذي طال لم يحدث ، شرح لها حبه المكتوم ، ظروف سفره وظروف دراستها ، متابعته لحياتها تخرجها زواجها طلاقها اشتغالها بالتصوير اعتزال المحاسبه والارقام ، شرح له حبه القديم الذي لم يفصح عنه مكانش ينفع ااقولك وانا خلاص ماشي ، ارتبكت واتسعت ابتسامتها اكثر ، بادلها الابتسامه ، احب ابتسامتك منذ اليوم الاول للقائك ، ابتسامه بريئه مرتبكه ، تفضحك ابتسامتك ، قاطعته ، انت لاتعرف من انا ، هز كتفه بعدم اكتراث ، وانت لاتعرفيني ، لكن هل فات وقت التعارف ؟؟ دون تشعر هزت راسها نفيا ، مالها تلمح غلاله الدموع ترحل ،كسحابه صيف وانقشعت ، سالته بجراءه غير معتاده ، اتحبني ، رد عليها بجراءه اكثر ، كنت احبك ولم احافظ عليك واتمني تمنحيني فرصه ثانيه .....
فتحت مظروف الصور وحدقت في الصور الكثيره التي التقطتها له ، نعم كانت تعرفه دون تدري ، كانت تصوره هو ، تلاحقه بغير اراده وتتابعه بغير انتباه ، مازال ينتظر اجابتها ، اعطته الصور مبتسمه ، هذا هو الحاضر اما الصوره القديمه فماضي ولي ، كاد يمزقها فانقذتها من اصابعه عنوه ، لاابحث عن ماضي بل اتمني حاضر واحلم بمستقبل ، الماضي قادنا للحاضر ليس الا ، هل تمنحيني فرصه ثانيه اعدك احافظ عليها ، مجنون هذا الرجل الوسيم الانيق لكن جنونه يعجبها ، ليس لديها ماتخسره ، الماضي ولي والحاضر فسد والمستقبل مجهول ، سمعته يهمس " عندما تهف من الماضي نسائم حنونة وارتها الريح العاصفه طويلا وقتها نتفائل بالمستقبل الجميل ونستشعر ان الايام القادمه اجمل واحن " ابتسمت وسالته ، عباره من هذه تبدو مألوفه ؟؟ كرر عبارته وشرح لها ، انها مجرد عباره قراتها في احدي الروايات فاعجبتني وحفظتها عن ظهر قلب ، انتظر يوما اقابلك فيه اعرض عليك حبي تخافي منه ومن الماضي اقولها لك لاطمئنك !!! احست دفئا يحتويها وشعرت بطمأنيه وونس ...
فكرت قليلا وقررت ، ستمنحه فرصه ثانيه وتمنح نفسها فرصه اخيره ، ربما تجد ماكانت تحلم به ، لم ينتظر اجابتها ، سمع حوارها الداخلي ، قبض علي كفها وابتسمت عينيه ، ابتسمت بلا ارتباك ، عاتبته رحيلك اوجعني ، اعتذر لها غيابك اوجعني واتعب روحي وانهكني ، اسرت اليه كنت نسيتك تماما ، ابتسم ، كنت واثق انك لم تنسيني لكنك لن تتذكريني بسهوله ، سالته من قال لك اسم تدليلي ، ضحك واوضح لها ، اعرف عنك كل شيء هذا المطعم وهذه المنضده والعجوز والياسمين ، سخرت منه ، تعرف عني كل شيء حتي سنه اولي جامعه ، لم يغضب من سخريتها وداعب اصابعها الدافئه بين اصابعه ، مش صحيح ، لكن حتي لو ،ماهو عندنا وقت طويل تعرفيني اللي معرفتوش لسه !!!!....
نعم كانت تعرف تلك العينين المتعبتين ، انهما عيناه لحظه وداعها ، لاتنسي نظرتهما ، عينين متعبتين يكشفا روحا منهكه ، اسرت لنفسها كانت تحبه ، لكن رحيله المفاجيء بعثر احلامها فتوقفت عن الاحلام ، سالته لماذا لم ترد علي خطابي الاول ، مازال يداعب اصابعها ، ماقيمه الخطابات والفراق حتمي لايمنحنا الا حسره واسر وانتظار مقيت ، كنت اعجز من ان اعدك بشيء ، كنت اكتب لكي يوميا لكني لاارسل الخطابات ، كان حواري الدائم معك ، لكني لم ارسل لكي حرفا ، لانه كان سيقيدك لصالحي بلا طائل وبمنتهي الانانيه!!! سالته لماذا لم تتصل بي منذ صورتك في المؤتمر ، هل سافرت ؟؟؟ ضحك بخبث ، تركت لك الصور لتعتادي علي شكل الرجل الذي سيقاسمك بقيه ايامك ، تركتك تنتظريني حتي تشتاقي لي ، سخرت منه ، لكني لم اكن انتظرك !!! حدق في عيناها الجميلتين وسالها " بذمتك؟؟؟ " !!!
مر الوقت سريعا وحان وقت الرحيل ، اعطاها الصوره القديمه واخذ صوره الحديثه واوصلها لمنزلها ، اكد لها وهو يودعها ، كنت لي ورحلت وستكوني لي ولن افارقك ابدا ، حذرته بدلال ، لست التي كنت تحبها في الماضي تغيرت كثيرا ، لااحبك في الماضي بل احبك الان علي حالك ، كل مااحسه تجاه الماضي مجرد امتنان لانك كنت اهم شخوصه ، ضحكت بصوت عالي وودعته ، قبض علي كفها واكد عليها ميعادنا بكره ، ضحكت بصوت اعلي وودعته ونزلت من السياره تتمني لو تاخذ العالم كله في حضنها !!!.......
هناك تعليق واحد:
عندما ننتهى من قراءة النص يتبادر الى الذهن فورا سؤال ..هل يمكن الأعتماد على هذه الأحتمالات التفسيرية ؟التى جاءت مصاحبة للنص وأن عدسة الكاميرا لم تكن تدرى أن مايتم التقاطه هو حبيب القلب وأن السنوات ومرور الكثير من الوجوه والحكايات عليها كانت كفيلة بأن تكون سببا فى نسيانها ..أو أن النظارةالسوداء هى السبب وراء كل هذاالتوهان والغربة القلبية التى تعانى منها الحبيبة...طبعا مستحيل وفى تصورى أن المبررات والأسباب التى صاحبت النص وتم سردها لم تكن كفيلة بأن تبحر بالنص الى غايتة المنشودة ... لذلك كان البديل هو الخيال حتى نخرج من هذه الأزمة فمن المؤكد أن النص يعانى من المصداقية والواقعية وأن التخييل السردى هو السمة الظاهرة وليس هذا تقليل من النص بل علي العكس تماما النص ملئ بالرؤى وثراء الحيرة والدهشة والمفاجأة لدى العاشقة الغائبة عن الوعى وصفاء اللحظة ...و كل جملة من الجمل تحمل صور مختلفة غنية بالتأويل ..لتأتى النهاية كما هى العادة فجميع أبطالك لديهم القناعة العاطفية فمجرد نظرة أو لمسة يد أو وردة أو ليلة جميلة تكون هى البديل عن الأستمرارية فى الحب وأن مجرد التواجد ...تحياتى لحضرتك ومزيد من الأبداع والتميز
إرسال تعليق