( ١ )
وقفت العروس في صالة المنزل المزدحمة بورود ليله العرس و اوراق الشيكولاته الفارغه الا من فتات صغيره ملقاة في جنبات الصالة ، تلف حول نفسها ، مرتبكة ، لاتعرف مشاعرها ،تشعر فرحا بأن ليله الفرح مرت ، ام غضبا ان الرومانسية التي حلمت بها تبخرت بسبب تجاهل زوجها الحبيب لتصوراتها الفارغه عن الحب وليلته الاولي ، وقتها جمعت باقات الورد الذابله ، و اوراق الشيكولاته المجعده ، و كبستهم جميعا في كيس اسود للقمامه ، ومعهم ليلتها الاولي ،وفتحت باب الشقة وتركت بجوار العتبه للقطط الشارده والزبال ، ودخلت لتواجه بقيه حياتها مع الرجل الذي اختارته فاختارها ..
( ٢ )
خرجت السيدة من غرفه نومها ، تلملم اوراق الكيلينكس في قبضه يدها ، تلك الاوراق الرطبه المكرمشة ، وبحثت عن كيس الزباله ، تدفنها فيه ، ومعها احباطات الليله العاشرة للزواج السعيد ، فقد تحول الزواج السعيد الي عاده ، تقضي سريعا ، وتترك اثارها علي فخذيها سائل رجولي ، يعبر عن انتصارات الزوج و نشوته ، يحرقها ، فترفعه من فخذيها و من علي الملاءة بمناديل ناعمه لاتترك اثارا ، مناديل تتكوم ، وتدفن في كيس الزباله ، الذي ينتظره الزبال بشوق ليعرف حال السيدة التي لايعرفها ، ولكنه يعرف من كيس قمامتها حالتها النفسية و تطور زواجها السعيد ..
( ٣)
خرجت السيدة من المطبخ ، تخلع مريلته ، و تفرك كفيها لتزيل اثار السواد الذي كسي اصابعها ، وهي تطهو لزوجها طبق لايحبه ولن يحبه ، تدخل الحمام تنظر في المرأة فتري سوادا كسي وجهها ، ليس من اثار الطهو ، انما من اثار حرقه الدم التي اصابتها ، بسبب لزوعه كلامات زوجها الحبيب ولزوجتها ، فهاهي بعد الزواج السعيد مازالت لا تشبعه مثل امه ، ويبقي طعامها ملقي باهمال مثلها علي الرخامه ، حتي تمل منه فتفرغه في كيس القمامه الاسود ، وتلقي به علي عتبه الباب يسيل لعاب القطط الشارده جوعا وهي تتابع كيس القمامه الاسود المغلق باحكام ، ذلك الكيس الذي ينتظره الزبال بترقب ، متحسرا علي حاله وحال الزوجه التي لايأكل زوجها طعامها اللذيذ ..
( ٤ )
تدخل السيده المطبخ ، تفرغ الطفايات الكريستال من قشر اللب ، ذلك الصديق الذي امضي معه زوجها امسيته ، و عكر رائحه فمه بمذاقه اللاذع ، وتركها تتابعه بملل حتي تثائبت فلم يتحرك ، وحتي غفت سريعا فلم يتحرك ، واذ افاقت وجدت الطفايات قد امتلئت مثلها ، فأفرغتها ولم تفرغ غضبها ، و تركت زوجها الحبيب و اللب ، يتقاسمان الامسية البارده ونامت بعد ان بلعت قرص مهدي ، القت بشريطه الفارغ في جردل القمامه الفضي المجاور لسريريها ، ليجده الزبال صباحا في قاع الكيس الاسود ، فيمصص شفتيه حزنا علي مصير العروس التي لم يراها بعد ، لكنه يحفظ كل امسياتها و يدعو لها بالفرحه التي لن تأتي ..
(٥)
جمعت السيدة علب البيرة الصفيح الفارغه في حضنها الفارغ ، و سارت بها لتلقيها في كيس القمامه الاسود ، احست من حضن الصفيح البارد دفئا لاتجده ، وقفت ثانيه امام الكيس الاسود ، تنظر في قاعه كأنها تنظر في اعماق نفسها ، فارغه مليئه بالتفاهات التي لامعني لها ، فارغه مليئه بكل الاشياء التي لا يحتاج اليها احد ،احست توحدا مع الكيس كأنها ستقفز فيه ، ترقد في قاعه ، لكنها افرغت حضنها من الصفيح البارد وعادت ، لتجد زوجها الحبيب ضخم الكرش من اثر السوائل الكثيرة يهرول في طريقه لدوره المياة يفرغ مشاريبه وطاقته ، يترنح من اثر السكر المهدر علي تنظيف الكلي بدلا من ترقيه المزاج ، وفي الصباح حمل الزبال كيس القمامه الضخم الخفيف ، و ابتسم ساخرا متسائلا عن اثر البيرة علي مزاج العروس ، لكن شريط المهديء الفارغ جرح اصبعه بنصله الحاد ، فافاق من تساؤلاته ، وادرك ان كليه الزوج قد غسلت واعصاب الزوجه قد ازداد التهابها ، فدعا لها بالراحه ، وحمل كيس القمامه و اكمل مهمته الكريهه ..
( ٦ )
فتح الزبال كيس القمامه علي عتبه الشقه ، هش بكل قوته القطط الشارده متوحشه ،تنازعه علي محتويات الكيس ، بعثر قشر اللب و علب البيرة الفارغه و شرائط المهديء ، فحص اوراق الكلينكس ، هي نظيفه الا من مخاط الانف دون اي سوائل اخري ، احس بالحسره علي العروس ، فضرب الجرس ، وحين فتحت له الباب بعيونهاالمرهقه ونظراتهاالجائعه و جسدها الممشوق ، مد كفه بحذر وترقب ، راقبته ، مده اكثر ، اندهشت ، مده اكثر ، ثم تشجع وطبطب عليها يواسيها ، واعطاها ظهره مسرعا وحمل كيس القمامه وهرول ، فلم يري علي وجهها نظرات الامتنان ، فحنان كفيه ، اعطاها امل ان احلامها تلك التي رمتها في كيس القمامه ، عثرت علي من يستحقها ، ولو كان زبال ..
هناك 3 تعليقات:
إن كان هدا مصيرنا..فلما نحزن؟
وإن كان لا ... فلما لا نغيره أو نثور عليه؟
أعجبني كثيراً التوظيف الرائع لبعض الرموز ..وعلي الرغم من قلة الكلمات , الا انها مليئه بالمعاني والمشاعر.
زبال وبيقدر يحس ويفهم من ورق الكلينكس والعلب الفارغة وشرايط البرشام الفاضية والقشور.... قوليلى بس هو فين الراجل اللى بالشكل ده وانا اسيب الدنيا كلها واروحله الآن دلوقتى حالا فورا..حتى لو كان زبال..
معلش بقى..هعمل ايه فى الاجرام بتاعى يعنى:)هههههههههه
أتعودت أتريق على الحكم المعلبة القديمة بس لازم أعتذر لصاحب مقولة كن جميل ترى الوجود جميلاً
مش غريب عليكى يا مرمر تشوفى الجمال حتى فى الزبالة
وفكرة جميلة إننا نعرف إن زبالتنا جزء من توقيعنا على لوحة حياتنا وفيه جزء من شخصيتنا وأحلامنا وإحباطاتنا
إرسال تعليق