احبت عمتي الحياه عشقتها حلمت بها تفتح لها احضانها فرحه وسعاده ومحبه احبتها مروجا فسيحه سماوات عاليه طيورا ملونه نغمات صاخبه جميله نجوما ساطعه في الليل القاتم .. احبت عمتي الحياه ومنحتها كل مشاعرها وحيويتها ودفء احضانها ، لكن الحياه احبتها بطريقتها الموجعه و لم تمنحها ماتمنته وماانتظرته وغدرت بها وبعثرت احلامها بعيدا عن خيالها عن اطراف اناملها فلم تقبض عمتي في السنوات الطويله التي عاشتها ابدا علي احلامها ولم تعشها ولم تحققها واستمرت الحياه اللعوب تفر منها وهي لا تكف عن مطاردتها بمنتهي الحماس والحيويه والنفس الطويل ، لكن الحياه لم تمنحها ابدا سر اسرارها ولم تفتح لها كفيها لتحط عليها بل قست عليها وانهكتها لكن قسوه الحياه لم تقتل روحها المتمرده المقاتله ولم تخمد جذوتها ولم تطفىء نيران حميميتها فعاشت كتله من الحيويه تغضب احيانا وتتشاجر مع الحياه وتهدآ احيانا فتحبها وتحزن احيانا فتتعلق الدموع في عينيها تخبئها عن الاخرين ممن يتصوروها جبلا شامخا وهي قطعه سكر ذائبه تدعي القوه وتتظاهر بالتماسك وهكذا لعبت مع الدنيا لعبه المطارده المعتاده وحين اقعدها المرض في فراشها نسته وتناسته وتجاوزت عن قيوده وعجزه وقررت ان تحلق بروحها خارج الفراش تتابع القنوات الفضائيه والبرامج الحواريه والافلام الاجنبيه ومحطات الاذاعه وترعي احفاد بناتها امسكت التليفون وسيله اتصالها الوحيده بالحياه تطمئن علي المريض وتبارك للعروس وتصف صنف طعام لا تجيد حفيدته طهيه وتطمئن علي اشقاءها الهرمين تراهم بعيونها المحبه اطفالا مازالوا في الروضه بالبنطلونات القصيره وتشتري مستلزمات البيت من البقال والخضري والفكهاني والجزار وتتشاجر معهم لان بضاعتهم الاسبوع الماضي كانت " زي وشهم " وتصرخ في الخادمه التي تبعد عنها مساحه البيت كله تحذرها من اتخاذ اي قرار يخص بيتها الا بعد العرض عليها ففراشها الذي قبض علي جسدها اسير لحده لم يكبل روحها ولم يضعف عزيمتها ولم يوهن انتباه عقلها اليقظ و........ تزوجت عمتي من رجل ثري بالوراثه اعتبرت ثراءه مفتاح لفرحتها في الحياه لكن صمته وتعايشه ايام حياته بلا روح بلا هدف بلا تحدي سرق مفتاح الفرحه من بين يديها والقي به في قاع احد المحيطات البعيده فلم يمنحها ثراءه اي شيء غير الامنيات التي لا تتحقق رغم الامكانيه وبقي الرجل امامها يبذل كل مجهود لقبض روحها واخراسها وجذبها بجواره في احد التوابيت الرخيصه انتظارا للموت لكن عمتي فرت من بخله وشحه وصمته وقررت الخوض في لج الحياه وحيده بلا رجل تركن عليه او يؤنسها في رحله ايامها الصعبه وهي تربي ثلاث فتيات وابن مريض عذبها مرضه وشحوبه وقله حيلته واوجع قلبها فطاردت الاطباء تحمله فوق كتفها تتمني شفاءه وبعد اوهام بددها الواقع الكئيب مات فلذه كبدها بعد اثني عشر عاما تعذب فيها وعذبها مات في حضنها فلم تبكيه ولم تصرخ خلف جثمانه وانكرت موته وعاشت سنوات عمرها بسكين في خصرها لم يفارقها المه وهي تتذكر ابتسامه الابن الجميل الذي منحتها له الدنيا وعذبتها بحبه ثم حرمتها منه ولم تترك له اثرا الا صوره شاحبه القسمات واسم مكتوب بخط كبير فوق شاهد ازهي قبر في مقبره العائله ، عاشت عمتي بكبرياء رهيب تسير امورها باعتبارها زوجه الثري الذي تنتظر الناس كلها من بيته الخير الوفير فمنحتهم عمتي كل ماتقوي عليه واكثر ولم يسمع احد صوت نهنهات بكاءها في اليل حزينه اسيره قليله الحيله عاجزه عن فهم نفسيات البخلاء الذين منحهم الله اموالا وفيره ولم يمنحهم خيراتها ولا سعادتها وحين عجزت عن الفهم قررت الصدام المستمر مع صندوق الثروه المغلق قررت تفتحه بصراخها ببكاءها باصرارها علي منح بناتها الثلاث حقهن من الثروه التي لم تمنحهن فعليا الا الشقاء والرجال المفلسين الطامعين في اسم العائله وثروه الاب ومتصورين ان " تحت القبه شيخ " فيغازلون البنات الجميلات ويعدهن بالحب العذب وسرعان ما يفروا من بين احضانهن حين يكتشوا ان الشيخ مات تحت " القبه " وان " نئبقهم طلع علي الفاضي " وقتها يهرول الطامعين بعيدا وتبقي البنات الجميلات كسيرات القلب دامعات العين حزينات علي الحظ الذي خدعهن و الرجل الذي رمي شباكه حول ثروه ابيهن اللاتي حرمن منه ولاامل لهن في التمتع بها الا بعد موت للاسف الشديد و... تطلق بنات عمتي ويبكين في حضن امهن بكاء مرير علي حظهن وحظها وعلي سوء اختيارهن وقسوه اختيارها ولان الحياه لعوب تخدع ولاتمنح تعيش عمتي في كنف الرجل الثري البخيل عقود وعقود وحين يموت تكتشف انه قد بدد ثروته باختيارات ماليه ردئيه تصور انه سيستثمر اموالها فيها ويزيدها فلم يفلح وهو الجاهل الا في تبديدها وابقي سر افلاسه حبيس صدره لم تكتشفه عمتي الا بعد وفاته فلطمت خديها الف مره مره حزنا علي الرجل الذي منحته عمرها ومره حزنا علي ثروته التي بددها فضيع بقيه احلامها وبقيه الالف مره علي نفسها وعمرها وبناتها والاحلام المستحيله التي داعبتهم وتآرجحت امام عيونهم الزائغه وزينت لهم امكانيه التحقق ثم تبدلت لانشوطه قاتله قبضت علي ارواحهم وامنياتهم و..... عجبا علي الاقدار التي تمنح ولا تمنح تلوح بالسعاده وتغلق باباها في وجه المشتاقين وتزين السماء بالنجوم الساطعه ولا تعطيك فرحتها حين تخيم وحشه الليل علي نفوس المحتاجين للحنان فلا يمنحهم الا اغترابا فوق اغترابهم اللعين ... عاشت عمتي تقاوم الشقاء وتتجاهل اذرعته الاخطوبوطيه التي تحاول شل حركتها وحصارها وتفر من مصيده العوز والحاجه وتزين جدران منزلها بمظاهر الثراء الذي لم تذق طعمه الحقيقي ولم تعشه وبكت فوق المخدات ليلا وحيده مقهوره بجوار رجل بخيل لم ينفق امواله ولم يمنحها مشاعره ولم يهون تعب حياتها ، بكت فوق المخدات ليلا تنعي الابن السند الذي انتظرته فرحل سريعا بعد طريق العذابات المستمر الذي سحل قلبها فيه ، تبكي بناتها الثلاث اللاتي فاض حظها التعس علي حظهن فشاركنها التعاسه وقله البخت والرجال الكئيبه التي تسد النفس ، لكن عمتي نجحت رغم كل شيء في تآسيس عائله تنتمي اليها بالاساس لولا قسوه القوانين وذكوره قواعدها لغيروا اسماءهن وحملوا اسمها وهي التي عانت في تربيتهن وتوفير مستلزمات حياتهن ببراعه ومقدره وكفاءه وفصلت الفساتين الجميله ونصبت موائد الاكل الفخمه وزرعت الياسمين وعصفور الجنه في حديقتها ومنحتهن السعاده والضحك والروح الصاخبه وحب الحياه وفرت بهن من اقفاص الكآبه ورفعت صوت الموسيقي وصوت ضحكها ورقصت معهن ورقصن في احضانها ودوت ضحكاتها في حياتنا نموذجا فريده للمرآه التي تمردت علي الاسر وفرت بروحها الجميله من سجانها فلم تسمح له ابدا بالقبض عليها او احتجازها خلف جدران الوحشه !!!!! نجحت عمتي رغم كل شيء في ان تعيش حياتها بالطول والعرض وتركت لنا ميراثا محببا من القصص والحواديت والضحكات وسبل التمرد و...... لم املك الا الاعجاب بها وحبها والبحث الدؤوب عن حضنها اغرق فيه اسمع صوت دقات قلباتها المحبه وذكرياتها الدافئه مستمتعه للغايه بحنانها الفياض وسخريتها الانيقه من كل الظروف التي حاولت اسرها !!!!! وحين ماتت عمتي لم ابكي وبقيت الدموع في عيني دبابيس وجع توخزني ولا تسقط لكني وبحق حزينه لانها كانت سيده جميله تستحق ان نحزن عليها ............ احبك ياعمتي ....
هناك تعليقان (2):
إنا لله وإنا إليه راجعون
ربنا يكرم مثواها يا أميرة
و من حظك ان كان لك عمة بكل هذه الصفات الرائعة هذا من نعم الله
ويا ريت ابنت اخى تتذكرنى عند رحيلى
البقاء لله
بس جميل ان الانسان لما يرحل يسيب ناس تحبه وتفتكرة وتترحم عليه
إرسال تعليق