وقفت بسيارتي امام البوابة الخشبية العتيقة ، يعلو امامها الشارع ، يقترب من منتصفها ، تلالا من القمامة والقاذورات والاتربة النجسة ، اضغط بحنق علي زامور السيارة انفث عن غضبي ، يفتح عم محمد البوابة تأن بصرير مؤلم كأنها تستغيث او تشكو ، ادخل بسيارتي مسرعة الي حرم البيت يلاحقني بالصراخ اطفال القرية ، يلعبون في الشارع ينثرون الاتربة علي بعضهم البعض لهوا محببا الي نفوسهم .. بل ويزداد هوسهم وصراخهم سعداء بالاتربة المتطايرة من عجلات السيارة المسرعة ، كأنها تشاركهم في لعبهم !!! اوقفت سيارتي في الممر الترابي امام البيت العتيق الذي كان ، بيت العائله التي كانت ، وبقيت بضعه دقائق لا اغادر مكاني ، اتأمل البيت من خلف زجاج السيارة كأني اخشي ان اراه بحق .. دقائق كأنها دهور طويلة ، استجلب صور البيت الجميلة من ذاكرتي استجلب صدي ضحكات اهلي وحنين صخبهم ، تسعدني الذاكره البعيده ثوان ، لكن هيئته الواقعية تنبه عقلي فيفيق من الذكريات الدافئه الي الحقيقه الباردة بوجعها !!! انظر الي بيت العائلة ، اراه ورغم كل شيء شامخا لكنه شموخ الشيخوخه العاجز ، اتأمله احس آثار السنوات المتعاقبه عليه انهاكا نال من كبرياءه بل و اري علي جدرانه اثر الاهمال المتعمد الذي نال من صلابته وكآني اسمع انينه يلومني وانا واقفه مكاني عاجزه قليله الحيله .. اقترب من درجات السلم المتهالكة فلا اري اثر لالوانه الزاهية محتها اقدام غليظة دبت عليه بعدم اكتراث ، اتأمل السور الحجري فاتعجب من الرداءة التي رممت بدنه .. تآملت البيت احسسته شيخا قعيدا حانت ساعة رحيله ، نظرت اليه طويلا كأني اودعه وداعا اخيرا ، نزلت من السيارة اسير صوبه بخطوات بطيئة اعرف ايقاعها الحزين ، وقفت تحت سوره المتهدم اشبع ببصري منه يدوي في اذني عويل موجع كآنني اقف امام المقبره المفتوحه انتظر هيل التراب فوق احد الاحبه .. نظرت للشمس تعلوه فاحسستها شاحبه شممت النسيم يتآرجح فوق سطحه قبض انفاسي تآملت الاشجار الهرمه التي تحيط به مسخت الوانها وتراخت جذوعها احسست ان زمن البيت الذي احتضننا ينفذ وينتهي وسمعته كآنه يشكو لي قسوتنا يوم رحلنا عنه واغلقنا نوافذه واعطيناه ظهورنا فاحتله الهواء الفاسد ورحلت عنه البهجه وفرت منه الذكريات المحببه فتهاوي غاضبا واعد عدته للرحيل .... لففت ببصري حوله وودعته ومعه ايام الطفوله الجميله والحنان والبهجه ورحلت للعالم القاسي الذي نعيش فيه غرباء يتامي !!! يابيت العائله ياصندوق ذكرياتنا كنت اتمناك باقيا شامخا وكنت اتمني ابقي طفله في حضنك وكنت اتمني ان تلهو حفيداتي في حديقتك وان تتكاتف العائله التي احتويتها علي انقاذك ... لكن الزمن الجميل ولي وزمن الانانيه البغيضه والقسوه تحكم في وفيك .... لا املك الا وداعا اخيرا ودموعا ساخنه وفيره وشجن وحنين لامسياتك الصاخبه يتملكني طيله العمر !!! يابيت العائله وداعا انت وزمنك الدافء الجميل ويالف حسره علي ايامنا القاسيه !!!!!!!
هناك تعليقان (2):
عارفة يا مرمر احيانا الاماكن بتتكلم
بتنادي علي سكنها
بحس ده كتير لما اروح بيت جدتي
البيت بقي حزين
اوووي
دائما ماتحتضن الابواب والجدران الذكريات وتحافظ عليها وعلى رحيقها وتهتم بتلك اللحظات اكثر من اهتمام الانسان بالمحافظه على اصحاب الذكريات نفسهم
إرسال تعليق